إتسعت ظاهرة شغب الملاعب والهتافات النابيّة والشعارات الدينية في الملاعب العراقيّة،الأمر الذي ينعكس سلبيّاً على حالة عدم الإستقرار العام في البلاد علاوة على تحول هذه الملاعب إلى مناطق خوف يخشى الجميع الذهاب إليها.


مباراة بلا جمهور في الدوري العراقي

أكثر تساؤل يتردد في الوسط الرياضي والاعلامي هو : هل ما يحدث في الملاعب العراقية شغب ؟ ام مجرد حالات انفعالية لمشجعين يبحثون عن فوز للفريق الذي يشجعونه ؟ فيما تذهب التكهنات الى انشاء تساؤل اخر يتضمن اشارة خطرة وهي : هل هناك من يغذي هذا الشغب في الملاعب لتكريس حالة عدم الاستقرار العام في البلاد ؟!!، ذلك ان هذه التساؤلات تشمل ظاهرة الاعتداء على الحكام وصراخ الجمهور الرياضي الذي يحمل الكثير منه شتائم وكلمات نابية خادشة للحياء وصولا الى ترديد شعارات وهتافات دينية ، وهو ما جعل اغلب وسائل الاعلام تذهب لمناقشته في محاولات منها للتعرف إلى اسبابه واهدافه بعد ان اتسعت المخاوف من ان تتحول الملاعب الى مناطق يكتظ فيها الخوف، او تصبح مباريات كرة القدم تقام من دون جمهور كما جرى لعدد من المباريات حيث عاقب الاتحاد الفرق التي تسبب جمهورها في أحداث الشغب على اختلاف الوانه ، لاسيما مع الانباء التي يشير اليه الاعلاميون من مختلف مناطق العراق ان اغلب المباريات تشهد حدوث شكل من اشكال الشغب ، ولا تكاد مباراة تخلو منه .

وكان الاتحاد العراقي لكرة القدم قد اوصى جميع الأندية المشاركة في بطولة الدوري بتوجيه الارشادات والنصائح لمشجعيها بعدم التطرف والتعصب من خلال الاعتداء على الحكام واللاعبين او اطلاق هتافات سياسية ودينية، مشيرا الى ان منع الهتافات الدينية والسياسية يأتي تطبيقا للوائح ومواثيق الاتحاد الدولي (الفيفا) التي تحرم إطلاق الهتافات العنصرية والدينية، ووصل الحد الى ان الاتحاد قام بتهديد الاندية بفرض عقوبات عليها تصل إلى شطب نتائجها وتنزيل فرقها إلى درجة أدنى.

والحوادث الاكثر بروزا والتي دفعت الى لفت الانتباه الى ما يحدث في ملاعب كرة القدم العراقية هي ما حصل مؤخرا لمدرب فريق الميناء يونس القطان الذي قدم استقالته عقب تلقيه تهديدات بالقتل عبر رسائل هاتفية تطالبه بترك مهمته، وكذلك من اعتداء على الحكم الدولي كاظم عودة اثناء مباراة الجوية والنفط من قبل مشرف كرة نادي النفط كاظم سلطان، وايضا الحالة التي اشير اليها باعتداء جماهير فريق الشرطة او بعض المحسوبين على هذا الجمهور على الحكم الدولي المساعد حسين تركي بالضرب على رأسه اثناء المباراة وهو ما ادى الى ان يسقط مغشيا عليه، خلال مباراة بين الزوراء والشرطة في ملعب الشعب في بغداد ، ويرى البعض ان الخروقات تكثر في اغلب مباريات الدوري ولكن تتلاشى لعدم وجود أضواء اعلامية عليها او يعتبرها البعض حالات اعتيادية، فيما يرى البعض ان تصرفات الجمهور طبيعية في تشجيعه لفريقه وغضبه وقت الخسارة ولكن الخشية من ان يكون خلف ذلك من يتعمد اثارة الشغب للاساءة الى الكرة العراقية التي يبتهج بها العراقيون ولإعطاء صورة سيئة للخارج عن الملاعب والمجتمع العراقي .

يقول الحكم المساعد حسين تركي حول ما تعرض له : ان هذا الشخص الذي قام بالاعتداء عليّ ، لا يحسب على جماهيرنا الرائعة والجماهير الذواقة والممتعة والمحبة لكرة القدم، وعتبي على هذا النفر الشاذ الذي افسد المتعة والفرحة وامام الجماهير وشاشات التلفاز.

واضاف : المسؤول على القوات الامنية هم اللجنة الاولمبية او وزارة الشباب، لان اتحاد كرة القدم هو جزء من اللجنة الاولمبية وصلاحياته توجيه العقوبات وما شابه، لان الاتحاد لا يملك رجال شرطة او حمايات لكي يوظفهم في الملاعب، فهذه مسؤولية اللجنة الاولمبية ووزارة الشباب وحتى وزارة الداخلية، فأمن الملاعب هو من امن البلاد بصراحة ، لان الشغب الجماهيري يؤثرفي امن البلد، وهنا نطلب من وزارة الداخلية وقوات الطوارئ بإيجاد حل مناسب لمعالجة هذه القضية ، والمشكلة التي نعاني منها بمسألة حماية الملاعب، ان قوات الحماية هم متفرجون وليسوا حماة ملاعب !!، ومن خلال تصرفاتهم ووجوههم وتوجههم كان صوب الملعب، وكانوا مهيئين لمشاهدة المباراة وليس لمتابعة الشغب الجماهيري خلال المدرج، كما اشار الى ان القوات الامنية كانوا منشغلين بالتقاط الصور مع النجوم وفي ملعب الشعب لتبقى ذكرى جميلة بالنسبة لهم !!.


اما الحكم الدولي كاظم عودة فقال: ان مسالة الاعتداء على الحكام ومسألة الشغب في الملاعب اخذت منحى خطيرا في الآونة الاخيرة، هذا المنحى يكاد يشوه صورة الرياضة العراقية، وعلى الرغم من اعترافنا ان مثل هذه الامور من الممكن ان تحدث في اي مكان في العالم، ولكن خصوصيتنا في العراق تختلف، فيجب ان لا ندعها مدعاة للكثير من الاساءات والامور الخطيرة التي تشوه صورة كرة القدم، هنالك فعلا تجاوزات واعتداءات، احيانا لها مبررات خاصة ان خرجت من مشجعين هاوين وغير واعين وغير مدركين لهذا الامر، لان الجمهور اصناف ، فهنالك المشجع المثقف الواعي وهنالك غير المثقف، وهذا المشجع يندفع ويتهور في عمل اعتداء، ولكن ما بالك بشخص معروف ويعتبر مسؤولا اداريا فيعتدي ويتجاوز !!.

واضاف : ما حدث لي مؤخرا في مباراة الجوية والنفط، هو الذي عجل بقرار اعتزالي التحكيم ، على الرغم من انني كنت مقررا ان اعتزل نهاية الموسم الحالي ولكن التجاوز والاساءة التي وجهت لي عجّلت من قرار الاعتزال، وهو قرار موفق برأيي، لأنه طالما تتكرر هذه الامور والتجاوزات فلن نتحمل ابدا المواصلة، بعد المعاناة التي عانيناها سابقا، والقرار الذي صدر مني للإثبات لكل الناس الرياضيين ان الحكم انسان له مشاعر واحاسيس وصاحب كرامة ومبدأ ومن عائلة، وبالتالي يجب ان تراعى مشاعره من قبل الجميع.

اما علاء عبد القادر مراقب الحكام الدولي في الاتحاد الاسيوي فقال : ما حدث شغب ، والا ما معنى ان يضرب حكم في الرأس فيشق،وانا اعتبر هذا قمة الشغب ، ولكن المهم هي المعالجة ، الاتحاد العراقي لكرة القدم لا يتحمل المسؤولية وحده على الاطلاق بل يجب ان يكون هنالك افواج من الحمايات المتخصصة بادارة المباريات الجماهيرية، فالذين يتولون حماية الملاعب يجب ان لا تكون لهم علاقة بالمباراة اطلاقا، يبدأون بمراقبة الجمهور، يراقبون عن كثب ما يحدث على المدرجات وبالتالي يكون المتفرج على يقين ان اي تصرف يقوم به سيعرضه الى المساءلة ، ما حدث خلال مباراة الزوراء والشرطة هو ظاهرة من ظواهر شغب الملاعب .

واضاف : يجب علينا ان نشير الى ان ما حدث في الموسم الماضي كان كبيرا جدا، وعلى الحكومة ان تعرف ان اليد الواحدة لاتصفق ، وجمهورنا يحضر بكثافة الى الملاعب لاسيما في المباريات الجماهيرية ، لذلك يجب ان تكون هناك الحمايات المتخصصة ، ان تكون هناك افواج كبيرة متخصصة بشرط ان تكون مظاهر التسلح بعيدة عن الملعب ، لان الغاية والوسيلة هو الجمهور ، ويجب ان نعلم ان اساس كرة القدم بني على ثلاثة مبادئ اساسية وهي : السلامة والمتعة والعدالة ، فنحن نطمح بالمتعة لجمهورنا ، ولو كانت مباراة الزوراء والشرطة بلا جمهور ، اعتقد انها ستكون لاشيء، فالمباريات بحضور الجمهور يضاف اليها شيء رائع، اتمنى ان يكون هناك تعاون بين الاتحاد والحكومة المحلية، فلا يمكن السيطرة على ملعب يحضر فيه 30 الف متفرج ، واذكر انني في احدى المرات طلبت من احد رجال الحماية فقط ان يواجهوا الجمهور لكنه قال لا اقدر لانني اخاف !!، اذن نحن نحتاج الى عدد من الحماية وتدخل مع الجمهور من دون مظاهر تسلح، والاهم من ذلك كيف نبتعد عن الكلمات النابية المخدشة للمشاعر الى درجة كبيرة تطال الحكام .

وتابع : المباريات الجماهيرية هي مرآة عاكسة للوضع في بلدنا ، فعندما تبث اي قناة عربية او عالمية لقطات من المباريات ، فهي تنقل وجها حضاريا ممتازا ،وهذا دليل على قوة الحكومة ولهذا السبب يجب وجود فوج حماية متخصص واننا نعرف (ان من امن العقاب اساء الادب) وجمهورنا مثالي ولكن هناك نفر ضال يتصرف بهذه التصرفات المسيئة للرياضة وللبلد ، وللاسف ليست هناك في الملاعب اذاعة داخلية تهيب بالجمهور بالابتعاد عن تلك الكلمات النابية التي لا تتناسب وطبيعة مجتمعنا واسلاميته، كما يجب ان تكون هناك دورات تثقيفية من قبل الاندية الجماهيرية لجمهورها .