بعد ان كان لاعب وسط محاربا نجح المدرب الارجنتيني دييغو سيميوني في نقل هذه العدوى الى لاعبي اتلتيكو مدريد الذين رسخوا قناعاته وعناده على ارضية الملعب وسيظهرون ذلك مجددا خلال نهائي دوري ابطال اوروبا لكرة القدم ضد الجار اللدود ريال مدريد على ملعب سان سيرو في ميلانو السبت.

ولا يفاوض سيميوني اطلاقا على هذه القناعات والقيم التي تتطلب عملا شاقا وروحا قتالية والكثير من الكبرياء رافعا شعار "لا يمكن التفاوض على الجهد".

ونجحت هذه الميزات في ازاحة الجبال بالنسبة الى اتلتيكو مدريد منذ ان استلم تدريبه عام 2011 وقاده الى احراز الدوري الاوروبي والى نهائي دوري ابطال اوروبا عام 2014 والذي خسره في اللحظة القاتلة امام ريال مدريد بعد ان تقدم عليه 1-صفر حتى الدقيقة الثالثة من الوقت بدل الضائع.

ولم يكتف بذلك فقط بل نجح في وضع حد لسيطرة قطبي الكرة الاسبانية ريال مدريد وبرشلونة وانتزع اللقب المحلي عام 2014 في انجاز ضخم هو الاول لفريق العاصمة منذ ان توج بالثنائية المحلية عام 1986.

ومنذ ان كان لاعبا في اشبيلية (1992–1994)، ظهر سيميوني انه يتقن فن الفوز، محولا المقولة المعروفة "ان تعرف كيف تخسر" الى شعار محبب هو "ان تعرف كيف تفوز".

واشتهر طوال مسيرته لاعبا انه "كاسحة الغام" توفر التمريرات المتقنة وفرص الاهداف. فكان وفق ما يقول الحارس الفرنسي سيباستيان فراي، زميله في انتر ميلان (1998 -1999) ان حلم كل مدرب ان تضم تشكيلته لاعبا من طينته.

وفي سن السابعة عشرة، احترف سيميوني في صفوف فيليز سارسفيلد ضمن الدوري الارجنتيني للدرجة الاولى عام 1990. وبعد عامين انتقل الى بيزا الايطالي، وكان عليه ان يتخذ بسرعة قرارا مصيريا في شأن العرض المقدم، فحسم امره وقبل التحدي. وسريعا ما تفتقت موهبته التكتيكية كما يؤكد مدربه الروماني ميرسيا لوسيسكو، الذي عاد والتقاه مع الانتر.

وتزين سجل سيميوني 106 مباريات دولية مع المنتخب الارجنتيني الذي حمل شارة قيادته، ولقبا الدوري والكأس مع اتلتيكو عام 1996 (لعب في صفوفه من 1994 الى 1997 ثم من 2003 الى 2005) ولاتسيو الايطالي عام 2000. وتعزز كل ذلك صفات القيادة وملامحها الواضحة التي تجلت باكرا في مسيرته والتي لا تبدو معالمها مكتملة ومختمرة بالخبرة الا عند اللاعبين المخضرمين، لا سيما من ناحية اعتماده اسلوب استفزاز الخصوم حتى احراجهم وطردهم، وهو ما يطالب لاعبيه بتطبيقه، لبعثرة صفوف الفرق التي يواجهها وتشتيت تركيزها.

ومن "ادواته" المميزة في هذا السياق حالة الطرد التي تعرض لها نجم منتخب انكلترا ديفيد بيكهام خلال المباراة امام الارجنتين في ربع نهائي كأس العالم عام 1998.

ويعد سيميوني مدربا بالفطرة، اذ لطالما كان يحفز زملاءه قبل المباراة متوجها الى كل منهم بعبارات الشحن المعنوي. وهو متطلب من نفسه قبل الآخرين، ينشد الانضباط الجماعي دائما.

وكما يعرف بعادات يجدها بعضهم مزعجة ومقززة، ويحرص عليها قبل المباراة لطرد الاجهاد وتكثيف التركيز. وهو شجاع الى حد التهور، اذ يتذكر كثر اصابته البالغة في قصبة ساقه التي نتأ عظمها الى الخارج اثر احتكاكه مع مواطنه ريدوندو، في اواخر الشوط الاول من مباراة انتر مع ريال مدريد في دور المجموعات من مسابقة دوري الابطال عام 1999 (فاز النادي الايطالي 3–1).

فعلى رغم الالم الكبير، اصر سيميوني ان يعالج ميدانيا وتجرى له غرزات موضعية في فترة الاستراحة ما بين الشوطين، حتى يكمل المباراة.

ومجددا، ينتظر المراقبون ان يتفنن سيميوني في ارباك المنافس في المباراة النهائية، واطفاء اضواء نجومهم و"اغتيال" لمحاتهم الجميلة لصالح النتيجة. وهذا ما يترقبون ان يفعله اتلتيكو بقيادة مدرب يبتكر حلولا ولا ينزعج من ضغط الخصوم، محولا ادوات بسيطة الى اسلحة فتاكة وبالتالي تتملكه طبيعة المحارب الذي لا يستسلم حتى الرمق الاخير.