تواجه بحيرة مريط التأريخية في مصر خطر الردم بعد أن تحولت لمكان ملوث هربت منها الأسماك التي أصبحت هي الأخرى ملوثة يعافها السكان ولايتشريها احد من الصيادين.

فتحي الشيخ من القاهرة: كانت الساعة تقترب من الرابعة مساءاً حيث يبدأ خروج الصيادين من البحيرة، وكان الريس أمين محمد البالغ من العمر 62 سنة ينظر إلى باطن مركبه الخاوي إلا من شبكته،وتذكر منذ سنوات عندما كان يرجع بالسمك يملأ مركبه، وهو الان بعد أن قضى أكثر من 12 ساعة داخل البحيرة وراجع خالي الشباك. و هو مايفسره قائلا: البحيرة لم يعد بها أسماك مثلما كانت سابقا. وإن حوض 2000 الذي كان خارجا منه يعتمد عليه معظم الصيادين ويمثل مصدر الدخل الوحيد لهم. وكل فرد منهم يحاول المكوث أطول وقت ممكن حتى يستطيع أن يوفر لأسرته متطلبات الحياة.


13 الف اسرة تعتمد على بحيرة مريوط التي تقع في محافظة الاسكندرية في شمال مصر، والتي تعاني من قلة وجود أسماك بالبحيرة. وهو ما يفسره لايلاف محمد الالفي رئيس اللجنة النقابية لصيادي البحيرة قائلا: البحيرة لم تعد مثل زمان، كنا نصطاد البوري والبياض والقراميط والبلطي وكانت أسماك البحيرة من أجود الأنوع وكنا نصدر لكل محافظات مصر أما الان فقد اصبحت المياه ملوثة والمصانع تلقي بمخلفاتهافي البحيرة إلى جانب المصارف الزراعية والصحية التي تصب فيها واصبحت نسبة التلوث بالبحيرة كبيرة لدرجة جعلت بعض الناس تمتنع عن شراء اسماك البحيرة.


وبحيرة مريوط واحدة من 4 بحيرات ضحلة في مصر هي المنزلة وادكو و البرلس وتقع كلها في شمال الدلتا وكانت تعرف في العصر الروماني ببحيرة مريوتس وكانت تبلغ مساحتها 60 الف فدان، ويقال انها كانت السبب الذي أختار من اجلها الاسكندر الاكبر موقع مدينة الاسكندرية لانها كانت تصل المدينة قديما بنهر النيل وتلطف جو المدينة بشكل كبير، ولكن مساحة البحيرة الان تغيرت وهو ما يوضحه الالفي قائلا: البحيرة الآن تبلغ مساحتها 16الف فدان بسبب عمليات الردم وهي مقسمة إلى أربعة أجزاء البحيرة الغربية وحوض أبوعزام وحوض العلاليم والحوض البحري الذي ينتشر به التلوث بكثرة وتموت الأسماك وتطفو على سطح المياه بسبب إلقاء مياه الصرف بها فأصبحت هذه المنطقة ميتة كما تحول جزء كبير من البحيرة إلى مدن مثل مدينة إبيس التي كانت سابقاً‮ ‬مياهاً‮ ‬نصطاد منها أصبحت الآن مدينة كبيرة مأهولة بالسكان وكذلك كارفور وايضا الجزء الذي تحول إلى الحديقة الدولية.

عمليات الردم لا تزال مستمرة في البحيرة وذلك لان لجنة الصحة بالبرلمان المصري حذرت منذ ايام من تعرض مدينة الإسكندرية لكارثة بيئية خطيرة بسبب عمليات ردم بحيرة مريوط والإعلان عن إقامة مدينة الإسكندرية الجديدة على مساحة ألف فدان من بحيرة مريوط ويؤيد هذا الاتجاه القرار الصادر فى عام 2007عن اللجنه الوزاريه العليا و الذي نص على انتزاع البحيره من تبعيتها لهيئة الثروة السمكيه والحاقها بهيئة المجتمعات العمرانيه، هذا بجانب ما أكده نائب البرلمان المصري صابر أبو الفتوح عن اتهام رئيس المجلس المحلى لمحافظة الاسكندرية لعدد من رجال الأعمال بالاستيلاء على أراضى بحيرة مريوط بالتدليس على المسئولين واصفا ذلك بالمافيا والتعمد في تدمير البحيرة rlm;

الردم ليس هو التهديد الوحيد على البحيرة ولكن هناك خطر التلوث الذي اصاب البحيرة في ثروتها السمكية وهدد الالاف الاسر التي تعيش عليها، البداية يحددها الريس غانم قائلا: بدأت من بعد النكسة في يونيو ١٩٦٧، و بعد ضرب المصانع الكبيرة الموجودة فى مدن القناة، انتقلت هذه المصانع إلى غرب الإسكندرية وبدأت مخلفاتها تتسرب إلى البحيرة، وايضا عرفت مياه الصرف الزراعي والصرف الصحى طريقها إليها.


التلوث الذي اصاب بحيرة مريوط يوضحه الدكتور محمود التركى رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية لحماية وتنمية الثروة المائية قائلا: البحيرة تستقبل ٣ مصادر للصرف الصناعى والزراعى والصحى، بالنسبة للصناعي هناك 230 شركة صناعية يصب صرفها في البحيرة بدون معالجة، بالاضافة إلى الصرف الصحي القادم من محطة التنقية الشرقية والذي يصل إلى مليون متر مكعب يوميا بمعالجة اولية إلى جانب الصرف الزراعي الذي يكون محمل بالمبيدات والكيماويات التي تستخدم في الزراعة فقط مما ادي إلى نفوق الكثير من انواع الاسماك بالبحيرة، وهو ما تأكدنا منه بعد أن قمنا في الجمعية بأخذ عينات من الأسماك النافقة والمياه الصادرة من مصارف الشركات بالإضافة لمياه البحيرة وتحليلها وثبتت زيادة عناصر النحاس والحديد والزنك والمنجنيز بمعدلات تفوق المعدلات العالمية وقمنا بتحرير محاضر في اقسام الشرطة ضد بعض الشركات التي تقوم بالصرف المباشر في البحيرة، ولكن تظهر صعوبة الامر اذا علمنا أن التقرير الأخير الصادر عن الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية يكشف أن معظم التعديات الواقعة على بحيرة مريوط هي تعديات حكوميةrlm; وان الكثير من المصانع تصب مخلفاتها بدون معالجة في البحيرة إلى جانب محطات الصرف الحي التي تصب هي الاخر بما يمثل تهديد شديد للبحيرة وعلي الرغم من اعتماد مبالغ سابقا لتنمية البحيرة الا انه لم يتم اتخاذ اي خطوات في هذا الشأن لتسير البحيرة نحو موتها وسط صرخات المهتمين بالبيئة وتحت بصر المسئولين.