في تقرير لها تحت عنوان quot;حوادث الإرهاب الداخلية تبلغ ذروتها في 2009quot;، تقدم مجلة quot;التايمزquot; الأميركية عرضاً تحليلياً تبرز فيه حقيقة الارتفاع الملحوظ في معدل النشاط الإرهابي داخل الأراضي الأميركية خلال العام الجاري الذي يوشك على نهايته، وتقول إن المواطن العادي ربما لم يلحظ ذلك، لأن معظم المؤامرات الإرهابية التي تم التخطيط لها قد تم إحباطها. ومع هذا، لم تخف المجلة حقيقة ما شهده هذا العام من ارتفاع غير مسبوق في الهجمات الإرهابية التي تتم على الأراضي الأميركية.
تلفت مجلة quot;التايمزquot; الأميركية في هذا السياق إلى ما قاله بريان جينكينز، الخبير في مركز ( راند كوربوريشن ) - وهو أهم مركز بحثي قريب ومؤثر في صناعة السياسة الخارجية الأميركية - قوله :quot; لقد تم الكشف عن تهديدات إرهابية خلال عام 2009 هي الأكبر منذ وقوع أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر. فهناك على ما يبدو نشاطاً إرهابياً متزايداً في أميركا خلال العام الجاري، وان كانت البلاد قد شهدت منذ أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 32 حدثاً مرتبطاً بدوافع إرهابية، فإن 12 منهم قد وقعوا في عام 2009quot;.
بعدها، تمضي المجلة لتستعرض في تقريرها قائمة بأهم تلك الحوادث الإرهابية، ورتبتها زمنيا ً وفقا ً لما يلي: في أواخر العام 2008، أصبح الطالب الأميركي ذوي الأصول الصومالية، شيروا أحمد، من مينيابوليس، أول انتحاري أميركي بعد تسببه في قتل 29 شخصا ً على أثر عملية هجومية شنها في الصومال. وفي مطلع العام الحالي، وتحديدا ً في كانون الثاني/ يناير الماضي، أقر المواطن الأميركي المتحول للديانة الإسلامية بحقيقة تعاونه مع تنظيم القاعدة في التآمر لتفجير قطار في محطة بنسلفانيا. وفي حزيران/ يونيو الفائت، اتهم عبد الحكيم محمد، المتحول حديثا ً للديانة الإسلامية من ولاية أركنساس، بقتل جندي وجرح آخر في هجوم قام بتنفيذه على مركز تجنيد عسكري في ليتل روك.
وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، وُجِهت اتهامات لرجل من إلينوي، يدعى مايكل فينتون، قام باعتناق الديانة الإسلامية في السجن، بمحاولة نسف مبنى فيدرالي في سبرينغفيلد. كما ألقى القبض في تشرين الثاني/ أكتوبر على رجل أعمال من شيكاغو يدعى دافيد كولمان هيدلي، بعد أن وجهت إليه اتهامات بالتآمر لشن هجوم إرهابي على الصحيفة الدنماركية التي قامت بنشر رسوم كاريكاتورية تسخر من النبي الكريم محمد ( ص ). كما وجهت اتهامات إضافية في وقت لاحق لهيدلي بالتحريض على شن هجمات مومباي الإرهابية التي وقعت في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2008.
ثم تعرض المجلة للحدث الإرهابي الأبرز هذا العام، وهو المتعلق بحادثة إطلاق النار التي نفذها في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي المواطن الأميركي من أصول فلسطينية، نضال مالك حسن، على قاعدة فورت هود العسكرية في ولاية تكساس، وأسفرت عن مقتل 13 شخصا ً وإصابة 30 آخرين. وفي ذات الشهر أيضا ً، تم مواجهة ثمانية رجال أميركيين من أصول صومالية يقيمون في مينيابوليس، بتهم متعلقة بالإرهاب لصلتهم بتنظيم الشباب الصومالي. كما سبق وأن تم توجيه اتهامات لستة أشخاص آخرين من قبل. هذا وقد تم توجيه تلك التهم لمعظم هؤلاء بصورة غيابية، نظرا ً لتواجدهم في الصومال، جنبا ً إلى جنب مع العشرات من الأميركيين ذوي الأصول الصومالية، الذين يُعتقد أنهم انضموا للميليشيا المُسلحة التابعة لتنظيم القاعدة.
كما تم مطلع الشهر الجاري اعتقال خمسة رجال من واشنطن في باكستان، بعد أن قال المسؤولون هناك إنهم كانوا يحاولون الانضمام للجماعات المسلحة بغية محاربة القوات الأميركية في أفغانستان. كما انطوت بعض الحالات الأخرى على مقيمين بصفة قانونية وليسوا مواطنين أميركيين، مثل نجيب الله زازي، المشتبه به الأفغاني الذي تعرض للاعتقال بعد أن وجهت إليه اتهامات بالتآمر على تفجير أهداف في نيويورك، وكذلك المواطن الأردني حسام صمادي، الذي اعتقل في دالاس، بتهمة محاولة تفجير ناطحة سحاب.
وفي غضون ذلك، تنقل المجلة عن خبراء الإرهاب وزعماء الجالية المسلمة تحذيراتهم من أن الطفرة التي تشهدها مثل هذه الحوادث لا تضيف بالضرورة ما يرقى إلى كون الأمر قد أصبح توجها ً. فليس هناك من صلة تربط كل هذه الحوادث بعضها البعض. وهنا، تنقل المجلة عن إبراهيم هوبر، المتحدث بإسم مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية، قوله :quot; لكل حالة من هذه الحالات ظروفها الخاصةquot;. ثم تنتقل المجلة لتؤكد على أن واحدا ً من أهم الدروس التي يمكن استخلاصها مما جرى في عام 2009 هو أن شبكة الإنترنت قد باتت تكفي كوسيلة يمكن الارتكاز عليها لتجنيد المتطرفين. وأن المجندين الجهاديين قد ازدادوا تطورا ً في ما يتعلق باستخدام الإنترنت، وأن الكثيرين منهم قد بدؤوا في استهداف الجمهور الأميركي.
وتضرب المجلة المثل هنا بالواعظ الإلكتروني المتطرف، أنور أولاكي، ذلك المواطن الأميركي الذي يعيش في اليمن وتبين أنه كان يتبادل رسائل البريد الإلكتروني مع الميجور نضال مالك حسن، وجعلها في متناول المسلمين الأميركيين. لكن وفي مقابل ذلك، يقول الخبراء المتخصصون في مكافحة الإرهاب إن السلطات الأميركية تطورت كثيرا ً في ما يتعلق بكشفها عن المتآمرين الذين ينشطون على الإنترنت، وتقوم بوضعهم تحت المراقبة.
وتنقل المجلة عن أحد الخبراء قوله إن أحد الأسباب التي أدت إلى بروز عدد كبير من القضايا المتعلقة بالإرهاب في 2009 تمثل في تحسن مستوى السلطات الأميركية في ما يتعلق بقدرتها على الكشف عن المؤامرات. وهو ما ساعد أيضاً على زيادة درجة الوعي لدى المواطنين الأميركيين بشأن الخطر الذي يحدق بهم. ويتابع الخبير بقوله :quot; بدأت تلجأ أعداد متزايدة من الأميركيين إلى الشرطة أو الـ FBI عندما يحدث أمامهم ثمة شيء مريبquot;.
التعليقات