وصف رئيس كونفدرالية المكتب الدولي للمنظمات الإنسانية والخيرية غير الحكومية هيثم مناع القتال الجاري في اليمن بـ quot;الحرب العمياءquot;، وقال quot;هي حرب بلا شهود، بلا عيون وبلا حدود، بدون بصيرة سياسية، تنشب في ظل غياب القدرة على التوثيق والتقدير والإنقاذ..

صنعاء: التشريد وقتل المدنيين وتحطيم المدن والقرى وجرائم الحرب كل هذا يُختزل في مواقف وبيانات رسمية تصدر عن الحكومة اليمنية واتصالات هاتفية وبيانات للحوثيين، بينما الوضع الإنساني يشكل مأساة حقيقة للمدنيين هناك في ظل صمت عربي وإسلامي ودولي مخجلquot; وفق تعبيره

وأوضح مناع quot;إن الثورة الإعلامية والمعلوماتية سبقت القرن الواحد والعشرين وفرضت نفسها عليه، أي أن الصوت والصورة أصبحا الضريبة الضرورية لكل صراع مسلح. فوزير الدفاع الأميركي السابق كان يحلم بحرب دون وسائل إعلام في أفغانستان، وفشل رامسفلد بفضل السلطة الرابعة والسلطة المضادة، أو المجتمع المدني العالمي، لكن للأسف نجحت سيريلانكا في تطبيق نظرية تصفية التمرد العسكري بالقوة الصرفة دون شهود ودون قواعد.

الأمر الذي شجع الجماعة الدولية، وليس فقط أطراف الصراع المحلي، على استعادة أطروحة الحل الأمني العسكري في مناطق الصراعquot;، وأضاف quot;أظن أن إعادة الشحن العدواني وفشل أكثر من محاولة تصالح في اليمن، تقع ضمن تصاعد تيار دولي وإقليمي يعتقد بأن الحسم العسكري أقصر الطرق لعودة الأمن لمناطق الصراع. هذا التصور عاد إلى صعدة منذ خمسة أشهر مع توجه يسعى بكل الوسائل للحسم العسكري مهما كان عدد الضحايا وفي غياب التغطية الإعلامية وغياب استراتيجيات السلام الأهليquot; حسب قوله

وحول معلوماته عن حجم الكارثة الإنسانية في اليمن قال quot;هناك منع لوصول المساعدات الإنسانية إلى هناك، ولا تلبي المساعدات التي تصل أكثر من 5% من حاجات الأوضاع اللا إنسانية في صعده، سواء كانت هذه المساعدات من خارج اليمن أو من منظمات خيرية يمنية. ثم لنقلها بصراحة، أية مساعدات إغاثة دون وقف لإطلاق النار هي ذر للرماد في العيون. إذ يوجد قرابة 100 ألف نازح يضاف لهم بين 150 و170 شخص كل يوم، ما يخلق وضعاً مأساوياً لا يوجد أي تناسب بينه وبين الإسعافات الأولية المقدمة للبشر هناك على الصعيدين الغذائي والدوائيquot; وفق تأكيده

وحول ما يتردد عن وجود حل عسكري قريب للأزمة قال quot;لا يوجد خبير أو مراقب حقوقي أو عسكري يجرؤ على القول بأن بالإمكان تحقيق حسم عسكري دون جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.. ومن يعرف منطقة المعارك وطبيعتها يدرك استحالة الحسم العسكري هناكquot;، وأضاف quot;الحوثيون ليسوا جماعة غريبة عن المنطقة ولكنهم أبناءها وهم من النسيج السكاني هناك، يختلط منهم المقاتل بالمدني ورجل الدين بالمسلح، واستعمال الناس للسلاح في المنطقة عادي جداً منذ نصف قرن لأسباب تتعلق بالعادات والتقاليد وظروف مواجهتها للسلطة المركزية. ولنتصور في هكذا مناطق وعرة وفي الحالة السكانية التي ذكرنا ما هو ثمن الحسم العسكري إذا حصل، كم مدني سيسقط مقابل كل مقاتل؟quot; على حد تعبيره

وعن أسباب تحول صعده لنقطة اختلال الوزن في المعادلة اليمنية قال quot;يجب أن نعرف أن هذه المنطقة من المناطق المحرومة والمُعاقبة في اليمن، يعود ذلك لوقفة سكان هذه المنطقة مع الإمامة في مواجهة الجمهورية في ستينات القرن الماضي، ما جعلهم عرضة لتهميش متعمد حتى من قبل النواب الذين يمثلونهم في الدولة.

وعن فرص أو هوامش الحل السياسي قال quot;ليس هناك حتى الآن تحرك جدي في هذا المجال، بل على العكس التدخل السعودي مغطى دولياً، والسعودية لديها التفويض والوقت لخوض الحرب دونما قلق من احتجاجات دولية.. الجديد هو فشل الجيش السعودي في تحقيق أي نصر عسكري لعدم وجود القناعة بالمشاركة في حرب بائسة، يضاف لذلك عودة تنظيم القاعدة لواجهة الأحداث بثياب يمنية.

كل من كان يطالب بحل سريع وعسكري لقضية الحوثيين من خارج اليمن، خفت صوته وصار يتحدث عن خطر القاعدة المتصاعد. هل يسمح ذلك بهدنة وتوجه جدي نحو حل معقول، لم يعد هذا مجرد مطلب حقوقي، هذا مطلب وجودي لدولة قد تتفتت إذا ما استمرت في توظيف الجيش في مواجهة المجتمعquot; حسب تعبيره

وتابع quot;أما إذا أردنا الحديث عن حل فمن الضروري أن يكون يمني التصور والعناصر والمقومات إن كان في سجل الرئيس الحالي نقطة متفق عليها فهي دوره في الوحدة اليمنية، وأي حرب داخل اليمن لا تحطم فقط هذه الوحدة، وإنما رصيده الإيجابي الوحدوي الذي أعطاه نوعاً من الشرعية السياسية. هذا الشقاق والصدام له أسبابه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية الداخلية ولم يأت من فراغ أو يستورد من الخارج. ولا شك بأن إعطاء النخبة المدنية والسياسية دوراً في وساطة سلمية جدية يشكل مخرجاً يحفظ ماء الوجه للجميعquot; على حد قوله