مع قرب إعلان الائتلافات والكيانات السياسية لقوائمها الإنتخابية والبدء بحملاتها الدعائية للانتخابات التشريعية العامة في آذار/ مارس المقبل، فإن أسماء المرشحين في قوائم أطلعت عليها quot;إيلافquot; أوضحت تحوّلات في مواقف مرشحين وإنتقالهم من كيان إلى آخر في اصطفافات وتحالفات جديدة مختلفة عن الانتخابات السابقة التي جرت أواخر العام 2005، حيث خرجت قيادات وشخصيات من احزاب وانتمت إلى اخرى وانشقت ثالثة عن احزابها وانشأت احزابًا وائتلافات جديدة.

أسامة مهدي من لندن: من أولى المفارقات التي طفت على سطح الترشيحات الحالية للانتخابات المقبلة ترشح الشخصية الصدرية المعروفة الشيخ عبد الهادي الدراجي على قائمة الحركة الوطنية العراقية بزعامة رئيس الوزراء السابق إياد علاوي بعد 5 سنوات من القتال الذي دار جيش المهدي التبع للتيار الصدري الذي كان الدراجي احد قادته وبين القوات الاميركية والعراقية حين كان علاوي رئيسًا للوزراء صيف العام 2004،عندما دار قتال دام في مدن عراقية عدة وخاصة في مدينتي النجف والصدر في بغداد.

وحمل الدراجي الرقم 10 في قائمة علاوي وهو من مدينة الصدر ويتبع الحوزة العلمية لآية الله الراحل السيد محمد محمد صادق الصدر والد مقتدى الذي اغتالته مخابرات صدام اواخر تسعينات القرن الماضي. وكان هو الناطق باسم مكتب الصدر ومدير الهبيئة الاعلامية ومدير مكتب الشهيد الصدر في جانب الرصافة من بغداد.. ثم اعتقلته القوات الاميركية بذريعة التحريض على قتل جنودها واصدار تعليمات للشباب الصدريين في جيش المهدي بذلك لكنه انضم في السجن الى جماعة quot;عصائب اهل الحقquot; المنشقة عن الصدر والتي اختطفت البريطانيين الخمسة عام 2007 ثم اطلق سراحه قبل اشهر. ويقول مقربون من الدراجي انه يجيب حاليا باقتضاب وبدبلوماسية على كل من يسأله عما اذا كان سيرشح مع علاوي حقيقة بالقول quot;ان هذه الانتخابات لا تشجع على الدخول فيهاquot;.

وبالترافق مع ترشح الدراجي مع علاوي فقد ضمنت قائمة هذا الاخير ايضًا اسم صدري اخر هو فتاح الشيخ الذي يحمل الرقم 11 في تسلسل اسماء القائمة وكان طيلة الثلاث سنوات التي اعقبت سقوط النظام السابق وظهور التيار الصدري الى العلن يجاهر بأنتمائه الى هذا التيار ويطلق تصريحات اعلامية تدافع عنه مروجا لال الصدر. وقد اصدر جريدة اسماها quot;صدى الصدرquot;.. لكنه خرج من التيار لخلافات ادارية وتنظيمية دعت مقتدى الصدر لمهاجمته في بيانات مكتوبة قال في احدها quot;ابتعدوا عنه ابتعاد الصحيحة عن الجرباءquot;.

وكانت قد راجت معلومات طيلة السنة الماضية عن امكانية ترشح التيار الصدري على قائمة علاوي لكنه بعد ان انضم التيار الى الائتلاف الوطني العراقي بقيادة السيد عبد العزيز الحكيم ظهر ان شخصيات كانت ضمن التيار هي التي فاوضت علاوي على الانضمام الى قائمته وليس التيار الذي يتزعمه الصدر والذي يحظى بتأييد ايراني لا يتمتع به علاوي الذي يجاهر عادة برفضه للتدخل الايراني في الشؤون الداخلية العراقية.

وبمقابل ذلك، فإن التيار الصدري الذي سيخوض الانتخابات باسم الاحرار قد حرم العديد من ناشطيه من الترشح للانتخابات الامر الذي اثار تذمرًا ومقولات في اوساط التيار من جهة وتعرضهم لاعتداءات تتهمهم بعدم الولاء من جهة اخرى. وقد ادى هذا الامر بالصدر الى اصدار بيان اليوم يشرح فيه اسباب عدم ترشيح هؤلاء على الرغم من مواقفهم المدافعة عن التيار والوقوف بوجه الاتفاقية الامنية الاميركية العراقية، قائلاً: quot;لا نرضى الاعتداء عليهم بالكلام ولا بغير ذلك فهم يسعون الى بناء انفسهم وبناء عراقهم وليعلم الجميع ان عدم ترشيحهم لايعني بعدهم عنا بل هناك اعمال داخل التيار وخارجه بانتظارهم في الامور الادارية والاستشاريةquot;.

جعفر الصدر نجل اية الله السيد محمد باقر الصدر

ومن المفارقات الاخرى ترشح جعفر الصدر نجل مؤسس حزب الدعوة الاسلامية الراحل اية الله السيد محمد باقر الصدر الذي نفذ فيه رئيس النظام السابق صدام حسين الاعدام رميا بالرصاص في نيسان (ابريل) عام 1980 مع شقيقته بنت الهدى.. ترشحه على قائمة دولة القانون برئاسة زعيم الحزب حاليًا رئيس الوزراء نوري المالكي. ويأتي هذا الترشيح ليشكل مكسبًا للائتلاف ولحزب الدعوة حيث سيترشح جعفر عن محافظة بغداد. وجعفر هو الابن الوحيد للمرجع محمد باقر الصدر الذي يوصف عادة بـquot;المفكر والفيلسوف الإسلاميquot;. ونشأ جعفر الصدر في مدينة النجف وتخرج من كلية الحقوق ثم واصل دراسة العلوم الدينية في مدينة قم الايرانية.

وحول هذا الترشح في قائمة منافسة للائتلاف الوطني الذي ترشح التيار الصدري ضمنه قال مقتدى الصدر اليوم quot;مقامه محفوظ عندنا فهو أبن مرجعنا وشهيدنا الاول ووجوده في مثل هذه القوائم فيه مصلحة واتمنى ان يكون مفيدا للمظلومين والمقاومين من اتباع ابيه ومرجعية الشهيد الثاني (والد مقتدى)quot;. ولوحظ ان الائتلافات الانتخابية الاثنا عشر التي اعلنت لخوض الانتخابات قد خرجت وبشكل خجول من عباءة الطائفية والقومية فانضمت شخصيات علمانية الى ائتلافات دينية مثل ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي والائتلاف الوطني برئاسة الحكيم وشخصيات سنية الى ائتلافات يقودها شيعة وبالعكس.

فالائتلاف الوطني بزعامة عمار الحكيم ضم في قائمته الانتخابية شخصيات علمانية او سنية ومنها الشريف علي بن الحسين رئيس الحركة الملكية الدستورية و نصير الجادرجي رئيس الحزب الوطني الديمقراطي وحميد الهايس رئيس مجلس الانقاذ في الانبار وهاني ادريس وكان مرشحًا سابقًا على قائمة علاوي وخالد الملا رئيس تجمع علماء العراق وجميعهم من السنة. كما ضم ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي شخصيات كانت ترشحت على قائمة علاوي في الانتخابات السابقة مثل مهدي الحافظ وزير التخطيط السابق والنائبة صفية السهيل.. وايضا ترشحت معه وزيرة حقوق الانسان وجدان ميخائيل. كما ضم الائتلاف بعض زعماء العشائر السنية واكرادا شيعة ومسيحيين ومستقلين.

اما حزب الدعوة الاسلامية الذي يقود ائتلاف دولة القانون فقد انشق عنه رئيس الوزراء السابق ابراهيم الجعفري وشكل تيار الاصلاح الوطني وترشح على قائمة الائتلاف الوطني ومثله موفق الربيعي مستشار الامن القومي السابق الذي شكل تيار الوسط وضما اليهما عناصر سابقة من حزب الدعوة. اما التحالف الكردستاني الذي ظهر قويًّا موحدًا في جميع الانتخابات السابقة فأنه يواجه هذه المرة انشقاق كتلة التغيير التي يتزعمها قياديون سابقون وتدعو للاصلاح والتي حققت نتائج طيبة في الانتخابات البرلمانية الكردية صيف العام الماضي وحازت على 25 مقعدًا من مجموع مقاعد برلمان كردستان البالغة 111 مقعدًا، حيث ستخوض الانتخابات المقبلة منفردة.

كما ضمت الكتلة العراقية نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي وهو سني ورئيس الوزراء السابق اياد علاوي وهو شيعي علماني والسياسي السني العلماني صالح المطلك وكتلة التوافق السنية وكتلة رافع العيساوي نائب رئيس الوزراء وهو سني. ومن جانبه، ضم ائتلاف وحدة العراق الذي شكله وزير الداخلية جواد البولاني وهو شيعي كلا من أحمد ابو ريشة وهو زعيم عشائري سني من محافظة الانبار واحمد عبد الغفور السامرائي رئيس ديوان الوقف السني اضافة الى شخصيات من قوميات واديان مختلفة.

اما الشخصيات التي تمثل الاقليات مثل التركمان والمسيحيين واليزيديين والصابئة والشبك وغيرهم فقد ترشحت مع قوائم انتخابية أكبر في المناطق التي لا تهيمن عليها.. ولوحظ ان جميع مرشحي قائمة الائتلاف الوطني الاربع والعشرين في مدينة كركوك الشمالية هم من التركمان. ومن المفارقات الاخرى ما افرزه نظام القائمة المفتوحة في الانتخابات الذي حل محل نظام القائمة المغلقة الذي اتبع في الانتخابات السابقة حيث اثارت المفتوحة مخاوف العديد من قادة الائتلافات والكيانات من عدم فوزهم في الانتخابات المقبلة لان التصويت سيجري هذه المرة على الاسماء التي تضمها القوائم وليس للقائمة بمجملها كما السابق. ودفع هذا الامر بترشح شخصيات عربية في مناطق كردية وبالعكس طمعًا في الاصوات التعويضية التي ستمنح للائتلافات الكبيرة ويكون لها نصيب منها يتيح لها حمل صفة نائب في مجلس النواب المقبل.

فقد ترشح القياديان في المجلس الاعلى الاسلامي الشيخ جلال الدين الصغير في محافظة دهوك الكردية والشيخ همام حمودي في محافظة السليمانية الكردية وهما محافظتان مغلقتان انتخابياً للتحالف الكردستاني ولاحظ لأي مرشح من خارج هذا التحالف للفوز بأي صوت فيهما. كما ترشح النائب التركماني عن التيار الصدري فوزي أكرم ترزي في محافظة أربيل الكردية وترشح أكراد في بغداد ومحافظات الجنوب الامر الذي جعل المفوضية العليا للانتخابات تكشف عن ثغرة انتخابية تكمن في تسلل هؤلاء المرشحين منها لضمان الفوز بالمقاعد التعويضية.

واعلنت المفوضية تسجيل 6529 مرشحًا للتنافس على 325 مقعدًا في مجلس النواب العراقي المقبل الذي ستفرزه الانتخابات التشريعية العامة في السابع من اذار (مارس) المقبل. وقد بلغ العدد النهائي للكيانات السياسية المسجلة لدى المفوضية للمشاركة في الانتخابات 127 كيانًا اضافة الى 12 ائتلافًا انتخابيًا.

يذكر ان عدد مقاعد مجلس النواب العراقي المقبل سيرتفع من 275 حاليًا الى 325 مقعدًا منها 310 ستوزع على المحافظات و 15 مقعدًا تعويضيًا. وتتوزع المقاعد بواقع 68 لبغداد، 31 لنينوى، 24 للبصرة، 18 لذي قار، 16 لبابل، 17 للسليمانية، 14 للأنبار، 14 لأربيل، 13 لديالى، 12 لكركوك، 12 لصلاح الدين، 12 للنجف، 11 لواسط، 11 للقادسية، 10 لميسان، 10 لدهوك، 10 لكربلاء، و7 للمثنى.