وسط مخاوف جمة من أن تكون درجات الحرارة العالية التي سجلها فصل الشتاء الحالي في الكويت، مقدمة لتأثر الكويت أكثر فأكثر بتأثيرات الإحتباس الحراري عالميا، فقد كشفت دراسة علمية محلية بأن دولة الكويت شهدت غيابا لافتا لفصل الشتاء هذا العام، الأمر الذي يترتب عليه مضاعفات سلبية في إتجاهات عدة. يأتي ذلك في وقت تكبد فيه تجار الملابس في الأسواق الكويتية خسائر واسعة جراء عدم تمكنهم من بيع معروضهم من الملابس الشتوية التي لم يقبل عليها أحد، ما دفعهم الى عرض الملابس الصيفية في مسعى لإستباق الموسم.

الكويت: تسجل درجات الحرارة في العاصمة الكويتية منذ أسابيع عدة إرتفاعات ملحوظة في درجة الحراة، شعر معها قاطنو العاصمة الكويتية بأن فصل الشتاء الفقير أساسا ببرودته وأمطاره طبقا لمناخ الكويت الجاف، لم يرصد أبدا في العاصمة الكويتية التي يسمع فيها بوضوح هدير وسائل التكييف في الشركات والمؤسسات والدوائر العامة، فيما أقبل سكان العاصمة الكويتية على تأهيل وسائل التبريد في منازلهم لتشغيلها خلال أيام، مع تواصل إرتفاع درجات الحرارة، الى معدل لم تسجله الكويت من قبل منذ أن بدأ تدوين التنبؤات الجوية، علما أن الإرتفاع الحاد في درجات الحرارة هذا الشتاء تعزى من قبل مختصين الى مقدمات تأثر المناخ الكويتي بظاهرة الإحتباس الحراري التي بدأت تثير حفيظة ومخاوف دول عالمية كبرى لتأثيراتها المستقبلية الشديدة.

و قد خلصت دراسة علمية كويتية الى ان المعلومات المناخية للسنوات ما بين 1962 و2008 تشير الى ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة المسجلة للمرصد الجوي التابع لادارة الارصاد الجوية الكويتية في الادارة العامة للطيران المدني. وذكرت الدراسة انه بعد اعداد احصائيات خاصة لدرجات الحرارة العظمى والصغرى والمعدل العام لدرجات الحرارة وبعض المعلومات الجوية الأخرى لعناصر الطقس تبين ان هناك متغيرات مناخية واضحة.
واعتبرت الدراسة شهر كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي من الاشهر الخمسة الأدفأ التي مرت فيها الكويت منذ عام 1957 ، مبينة الدراسة انه سبق ان ارتفعت درجات الحرارة وكانت مشابهة للشهر الماضي خلال اعوام 1962 ـ 1993 ـ 1995 ـ 1996.

ووفقا لخبير الأرصاد الجوية الكويتية عيسى رمضان معد الدراسة المناخية، فإن درجات الحرارة العظمى ارتفعت بدرجتين مئويتين كما ارتفع معدل درجة الحرارة الكلية بدرجة ونصف الدرجة المئوية، ولم تتم ملاحظة أي تغير ملحوظ في معدل درجات الحرارة الصغرى.

واكد ان هذا الارتفاع في درجات الحرارة العظمى والمعدل العام في السنوات الأخيرة مؤشر واضح لمتغيرات مناخية قد تكون مرتبطة بارتفاع درجات الحرارة في الكرة الأرضية بشكل عام، والتي قد تعود لعوامل جوية طبيعية او عوامل بشرية كزيادة التلوث الجوي، والزيادة العمرانية، والسكانية، ومؤثرات بيئية أخرى سواء في الكويت او من تأثيرات بيئية خارجية اقليمية او عالمية.

الأثر الصحي

وحول تأثيرات ذلك يشرح الدكتور عبدالسلام علام لـquot;إيلافquot; بأن لهذا الوضع أثره السلبي جدا على صحة الإنسان، مبينا أن إنعدام فصل الشتاء كان سمة عامة لأغلب دول الخليج العربي هذا العام بدرجات متفاوتة، فالله عز وجل ndash; كما يقول علام- خلق الفصول الأربع ليكون لها تأثيراتها وتفاعلاتها النفسية والعصبية على جسم الإنسان، إلا أن تداخل وذوبان الفصول على بعضها قد يؤدي الى مشاكل صحية قد لا تبدو ظاهرة للآخرين، لكنها مرصودة ومسجلة في دراسات علمية وصحية تؤكد وجود علاقة بين حالة النفس من حيث الاتزان الانفعالي والمزاج في اعتداله واضطرابه وسلوك الانسان، وبين التغييرات الجوية من خلال تأثيرات كهربائية ومغناطيسية كونية يتفاعل معها عقل الانسان والجهاز العصبي، التي ينتج عنها إضطراب النوم، وإرتفاع وإنخفاض ضغط النوم، ومشاكل في الجهاز التنفسي، وإضطراب المعدة، وهي أمور كلها تتسبب بها تقلبات الطقس المتطرفة.

الأثر الإقتصادي

وللظاهرة التي سجلت في الكويت هذا الشتاء كانت آثار إقتصادية سلبية حيث تردد بأن الطقس الدافئ شتاءا قدم حرم تجار ومستوردي الملابس الجاهزة من بيع معروضاتهم من الملابس الشتوية التي تجشموا عناء التعاقد عليها، وإستيرادها من دول أوروبية، إلا أنها شهدت كسادا بسبب عدم إقبال الجمهور على شراء الملابس الشتوية، إذ قدر الجمهور عدم وجود حاجة لإقتناء الملابس الشتوية وتخزينها مادامت لن تستخدم في فصل الشتاء الحالي، وسط مظاهر بدت غريبة جدا إذ رصدت بعض المحال التجارية الكبرى، وهي تزيل معروضاتها من الملابس الشتوية، لتطرح مكانها الأزياء الصيفية للحاق بالموسم، فيما تعتزم المحال في المجعات التجارية الكبرى سلوك نفس الإتجاه بسبب غياب فصل تعود الناس هنا في الكويت أساسا على غيابه في نهاية الشهر الحالي.