الدخان يتصاعد من مناطق التماس
بين باب التبانة وجبل محسن - أرشيف

تستعد قيادات في الطائفة العلوية متسلحة بتحسن العلاقات بين لبنان وسوريا وزيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى دمشق للقيام بتحرك واسع من اجل المطالبة بحصة في التعيينات الإدارية التي تنوي الحكومة اجراءها، بعد الاتفاق على الآلية الخاصة بها التي تؤمن تسلم اصحاب الاختصاص والكفاءة والسيرة الحسنة المراكز الشاغرة، خصوصا في الوظائف المصنفة بالمرتبة الاولى.

وعلى رغم بلوغ عدد ابناء الطائفة العلوية الذين ولدوا في لبنان وحازوا على جنسيته اكثر من مائة الف شخص وفقا لاحصائيات اجريت العام 1936 الا انهم يشكون حرمانهم من الانخراط في وظائف الدولة المعتبرة خلافا لما هو حاصل مع اقليات اخرى ابرزها الارمن. اذ من المعروف ان هناك سفيرا واحداً ينتمي الى الطائفة العلوية في السلك الديبلوماسي اللبناني لكنه لم يعد في منصبه بعد ان استقال منه صاحبه خضر حبيب لخوض الانتخابات النيابية الاخيرة في عكار بشمال لبنان، اما المدراء العامون الثلاثة المحسوبون على الطائفة ايضا فاثنان منهما موضوعان تحت التصرف فيما الثالث يمارس مهامه في دائرة البريد.

هذا ولم يعرف العلويون منذ استقلال لبنان اي تمثيل نيابي حتى أقر اتفاق الطائف في العام 1989 الذي خص الطائفة بمقعدين من اصل 128 مقعدا نيابيا تشكل مجموع المجلس النيابي الحالي. وإذا كان المنتمون لهذه الطائفة يتوزعون في انحاء متفرقة من لبنان إلا ان غالبيتهم العظمى تقطن في طرابلس وعكار خصوصا في الأولى التي تعد احد معاقل السنة الرئيسية في لبنان، بعد ان اتخذت من احدى مناطقها المعروفة بـquot;جبل محسنquot; مقرا لها. وقد شهدت العلاقات بين سكان الجبل وسكان منطقة التبانة المحاذية لها وامتداداً لطرابلس تدهوراً في مراحل عدة، خصوصا ابان الحرب الاهلية وبعدها، فاقيمت هناك خطوط تماس فصلت بين الطرفين اللذين دخلا في مواجهات عسكرية كانت وظآتها تخف وتشتد وفقاً للأجواء السياسية التي تتحكم بمحرياتها على خلفية ان اهل الجبل يدينون بالولاء للنظام السوري الذي كان بدوره على تماس مع انظمة عربية اتخذت من لبنان ساحة لتصفية حساباتها مع دمشق.

وإذا كان اتفاق الطائف وضع حدا لحرب دامت اكثر من سبع عشرة سنة فان الحرب بين الطرابلسيين والعلويين ظلت مشتعلة، وإن على فترات متفاوتة، حتى اخمدت جمرتها قبل اشهر قليلة بعد تدخل قيادات لبنانية سياسية ودينية، توّج بلقاء موسع عقد في منزل مفتي طرابلس والشمال الشيخ الدكتور مالك الشعار حضره رئيس الحكومة آنذاك فؤاد السنيورة ورئيس الحكومة الاسبق عمر كرامي ورئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري ونواب طرابلس الحاليون والسابقون ورئيس الحزب العربي الديمقراطي علي عيد ممثل الطائفة العلوية السابق في البرلمان اللبناني ونجله رفعت المسؤول السياسي في الحزب وشخصيات طرابلسية، حيث جرى التوقيع على اتفاقية تعهد فيها جميع الاطراف بوقف القتال واعادة الوئام بين ابناء المدينة الواحدة والتعويض على المتضررين. ورغم الجهود التي بذلت يومها للتوصل الى هذا الاتفاق الا انه كاد يتعرض للنسف حين رفض علي عيد التوقيع عليه احتجاجا على ورود اسمه في عداد النواب السابقين مما جعل النائب السابق (العلوي) احمد حبوس، الذي عمل جاهدا لاتمام هذه المصالحة، الى التدخل مقنعا الحاضرين باعادة ترتيب الاسماء وإضافة عبارة ممثل الطائفة العلوية الى جانب اسم علي عيد وهذا ما حصل مما اتاح للموقعين التقاط الصورة التذكارية وتبادل التحيات والتمنيات بمرحلة جديدة لا اثر فيها للعنف بين التبانة والجبل.

على وقع هذا الاتفاق ساد الهدوء في المنطقتين مما اتاح للقيادات العلوية الاهتمام باوضاعها الخاصة ومنها موقعها على الخارطة السياسية اللبنانية فقام كل من علي ورفعت عيد بزيارة رئيس اللقاء النيابي الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، خلال قيام الحريري بتشكيل الحكومة ابان تكليفه الأول، طالبين اليه المساعدة لتوزير علوي في الحكومة الجديدة، مشيرين الى ان النائبين الحاليين بدر ونوس (عن طرابلس) وخضر حبيب (عن عكار) لا يمثلان الطائفة اذ حصل كل منهما على نسبة متدنية من اصوات ابناء طائفتهم التي صبت في معظمها لصالح الرئيس كرامي والوزير محمد الصفدي.

وذكرت معلومات ان جنبلاط الذي تفهم مطلب زائريه تمنى عليهما بحث الامر مباشرة مع الرئيس المكلف يومها سعد الحريري. وعملا بنصيحة جنبلاط قصد الاثنان بيت الوسط حيث استقبلهما الحريري وجرى التفاهم على استمرار التواصل بين رفعت عيد ومدير مكتب الحريري نادر الحريري، كما اثمر هذا التواصل مصالحة بين الاول ورئيس فرع المعلومات العقيد وسام الحسن القريب من الرئيس الحريري وضعت حدا لحملة الاتهامات المتبادلة بين الرجلين حول المسبب باحداث طرابلس، وارخت بظلها على الساحة الطرابلسية التي تشهد حالة استقرار امني افتقدتها منذ زمن.

بدوره ينشط النائب السابق احمد حبوس، الذي سجل فوزه في انتخابات العام 1996 النيابية ظاهرة لم تتكرر فيما بعد حيث حصل على اكبر عدد من اصوات الناخبين في الشمال 123,218 صوتا بينها حوالي 80 الف صوت سني وحل يومها في المرتبة الاولى، يليه النائبان المارونيان بطرس حرب ونايلة معوض والنائب الارثوذكسي الراحل موريس فاضل. وقد ابلغ quot;ايلاف quot; انه عازم على عقد مؤتمر صحفي في نقابة الصحافة للمطالبة بحصة للعلويين في التعينييات الادارية المرتقبة اسوة لما ستحصل عليه الطوائف التي تعد في خانة الاقليات، مؤكدا ان تحركه هذا نابع من شعور ابناء طائفته بالغبن والنظر على انها من التابعية السورية فيما هي لبنانية من الدرجة الاولى وترفض تصنيفها غير ذلك. وذكر حبوس انه حتى في الانتخابات البلدية تحرم الطائفة العلوية من الحصول على التمثيل المناسب لافتا الى ان فوز الصحافية ليلى تيشوري بالانتخابات الاخيرة لم يكن ليتحقق لولا عدم معرفة الكثيرمن الناخبين الطرابلسيين على انها من الطافئة العلوية، مع الاشارة الى ان هذه الانتخابات سجلت خللا كبيرا في التمثيل المسيحيي للمرة الاولى في تاريخها ادت الى فقدان المجلس البلدي العضو الارثوذكسي الوحيد الذي كان يمثل منصب نائب رئيس البلدية. واعلن حبوس انه بصدد اجراء الاتصالات مع المرجعيات والقيادات العلوية وفي مقدمها رئيس الحزب العربي الديمقراطي علي عيد ونجله رفعت للتفاهم حول الخطوات المطلوب اتخاذها بالتعاون مع المجتمع المدني quot;لاسماع صرختنا الى الملأquot;.