اعتمد البرلمان الفرنسي نهائياً قانون إصلاح نظام التقاعد إثر تصويت الجمعية الوطنية الأربعاء على النص الذي سبق أن أقره مجلس الشيوخ الثلاثاء رغم حركة الاحتجاج الواسعة على هذا الاصلاح.


باريس: تمت الموافقة على قانون إصلاح نظام التقاعد في الجمعية الوطنية في فرنسا باغلبية 336 صوتا مقابل 233 صوتا. وكان مجلس الشيوخ صوت امس على الاصلاح الذي يؤخر السن الدنيا للتقاعد عن العمل من 60 الى 62 عاما.

وقد سبق ان اقر مجلسا البرلمان الفرنسي هذا الاصلاح الرئيسي للرئيس نيكولا ساركوزي في تصويت اول. ويفتح هذا التصويت الثاني الطريق لاصدار القانون المتوقع في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر ليبدا سريانه بعد توقيع الرئيس الفرنسي عليه.

واليوم الاربعاء، جرى التصويت في مصفاتين فرنسيتين جديدتين على انهاء الاضراب الاحتجاجي على اصلاح نظام التقاعد، ما يعني ان استئناف العمل في نصف المواقع الفرنسية المتوقفة. ويامل ساركوزي الان في طي صفحة اجتماعية طويلة ومؤلمة لدخول مرحلة سياسية جديدة ستشهد خاصة تعديلا حكوميا.

وقد يترك رئيس الوزراء فرانسوا فيون منصبه، بحسب التكهنات، لوزير البيئة جان لوي بورلو الذي يبدو الاوفر حظا لخلافته. كما ينوي الرئيس ساركوزي الذي هبطت شعبيته الى ادنى مستوى لها بحسب استطلاعات الراي، البدء بانطلاقة جديدة على الساحة الدولية من خلال توليه رئاسة مجموعة العشرين منتصف تشرين الثاني/نوفمبر ومجموعة الثماني في كانون الثاني/يناير 2011. وقد عنونت صحيفة لوفيغارو اليمينية عنونت الاربعاء quot;النزاع يشرف على نهايتهquot;.

وقال جان-فرانسوا كوبي رئيس كتلة حزب الاتحاد من اجل حركة شعبية في الجمعية الوطنية quot;هناك وقت نقابي وآخر برلماني. وفي الديموقراطيات الحديثة هناك مبدأ: البرلمان يصوت وحين يتم تبني قانون يتم تطبيقهquot;.

ومن المقرر أن تنظم النقابات الخميس حملة جديدة من الاضرابات والتظاهرات قبل يوم تعبئة وطني آخر في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. ورحبت الحكومة بما اعتبرته quot;عودة المتظاهرين الى العقل والحوارquot;، واعتبرت أن التظاهر فقد معناه.

وقالت الحكومة الفرنسية الثلاثاء انها تلحظ مؤشرات على تراجع حدة حركة الاحتجاج على مشروع إصلاح نظام التقاعد الذي يفترض ان يتم تبنيه نهائيا الاربعاء في البرلمان وذلك رغم تظاهرات الشباب الثلاثاء والاجراء الخميس.

وبعد اسابيع من التوتر قالت وزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاغارد ان النزاع حول هذا الاصلاح الذي ينص خصوصا على رفع السن الدنيا للتقاعد من 60 الى 62 عاما، دخل quot;منعطفاquot;، مشيدة quot;بعودة تدريجية للوضع الطبيعيquot;. وقبل تبني نص مشروع الاصلاح الثلاثاء في مجلس الشيوخ والاربعاء في الجمعية الوطنية، اشادت الحكومة بكسبها نقاطا على جبهة الوقود الاستراتيجية الذي هدد شحه بشل النشاط الاقتصادي في البلاد.

وصوتت ثلاث من المصافي الفرنسية ال12 التي كانت جميعها مضربة منذ 10 او 15 يوما، لصالح استئناف العمل. كما سجل تحسن في مستودعات المحروقات رغم تعطيل مستودعين صباح الثلاثاء. وفي المجموع تبقى عشرة مستودعات (من 219) مرتبطة بالمصافي المضربة، معطلة.

وكان 25 بالمئة من محطات الوقود يعاني مشاكل تزويد مساء الاثنين، بحسب الاتحاد الفرنسي للصناعات النفطية. واعلن وزير الطاقة جان لوي بورلو الثلاثاء ان اربع محطات من خمس quot;بحالة خدمةquot; وهو هدف اعتبر الاتحاد انه صعب التحقيق. واثر شح الوقود على قطاعات اقتصادية مثل السياحة والكيمياء والبناء مع خسائر قدرت ب quot;ما بين 200 و400 مليون يورو يومياquot; بحسب لاغارد.

وفي قطاع النقل يبدو ايضا ان حركة الاحتجاج تضعف. وعلى مستوى النقل الدولي ألغيت رحلات لكن الخدمات عادية الى بلجيكا وبريطانيا والمانيا. واستأنف عمال النظافة في مرسيليا (جنوب) العمل الثلاثاء بعد 14 يوما من الاضراب. وتراكم اكثر من عشرة آلاف طن من الفضلات في شوارع ثاني اكبر المدن الفرنسية.

واعتبر كزافييه برتران رئيس حزب الاتحاد من اجل حركة شعبية (يمين-حاكم) ان quot;آخر عمليات التعطيل اصبحت وراءناquot;. وعلى الرغم من عنوان صحيفة ليبيراسيون (يسار) quot;الاضراب يضعفquot; فان النقابيين يحاولون الابقاء على الضغط قبل صدور القانون منتصف تشرين الثاني/نوفمبر.

وقال بيرنار تيبو زعيم الكونفدرالية العامة للعمل (سي جي تي) احدى اهم المركزيات النقابية الفرنسية مساء الاثنين لقناة فرانس2 quot;التحرك لم ينته. وسيتواصل باشكال اخرى (..) مهما كانت تقلبات الايام المقبلةquot;.

ودعي الشباب خصوصا التلاميذ والطلاب الى التظاهر الثلاثاء رغم العطلة المدرسية. وشهدت ما بين اربع وسبع جامعات (من 83) اضطرابات كما يتوقع ان تنظم تجمعات في العديد من المدن. والخميس سيكون الموعد مع يوم جديد من الاضرابات والتظاهرات للاجراء قبل يوم تعبئة وطني آخر في 6 تشرين الثاني/نوفمبر. وفي اوج التعبئة ضد مشروع اصلاح التقاعد منتصف تشرين الاول/اكتوبر نزل ما بين 1,2 و3,5 ملايين شخص الى الشوارع للتعبير عن معارضتهم للمشروع.

واعتبرت المعارضة وقسم كبير من الرأي العام المشروع quot;ظالماquot; في حين تقول الحكومة انه quot;لا مفر منهquot; بالنظر الى ارتفاع معدل الامل في الحياة. ودعا الكثير من المسؤولين الاشتراكيين الى احالة الامر على المجلس الدستوري.