كشف الرئيس الاميركي السابق جورج بوش الابن في كتابه الجديد quot;لحظات حاسمةquot; اسراراً تتعلق بحياته في البيت الابيض خلال ولايتيه، كما ازاح الكتاب الستار عن تفاصيل تنشر للمرة الاولى حول العديد من قضايا الشرق الاوسط وغيرها.


واشنطن: يكشف الرئيس الأميركي السابق جورج بوش في كتابه quot;مرتكزات القرارquot; أو quot;لحظات حاسمةquot;، في اعتراف جريء، أنه أصدر أوامره لوزارة الدفاع quot;البنتاغونquot; للبحث في إمكان قصف موقع سوري جوياً أو التسلل لتدميره في الخفاء. ويضيف أنه أمر أيضا بإعداد خطة لمهاجمة منشآت ايران النووية.

وفي الكتاب، الذي أحدث دويا متوقعا وتداولت محتوياته وسائل الإعلام كافة ملاحظة أنه لا يتعرض بأي نقد لخلفه الرئيس أوباما، دافع الرئيس السابق عن أسلوب تعذيب الأسرى المعروف باسم waterboarding quot;الإيهام بالإغراقquot; الذي مورس ضد معتقلي معسكر غوانتنامو.

ويتعلق هذا برقاد المعتقل على لوحة مائلة بحيث يكون رأسه الى أسفل ويصب الماء على وجهه فيصيبه الإحساس بأنه يغرق رغم ان الماء لا يصل الى رئتيه بفضل وجود أنفه على مستوى تحت صدره.

وقال بوش إن هذا الأسلوب، الذي وجد انتقادات قاسية من جماعات حقوق الإنسان، هو الذي أدى إلى انتزاع معلومات أنقذت أرواح آلاف البريطانيين وزوّارهم إذ كشف مخططات لمهاجمة مطار هيثرو ومنطقة الأعمال المالية كناري وورف المتاخمة لحي السيتي والواقعة في شرق لندن. ولهذا فليس غريبا أن وسائل الإعلام البريطانية سلطت ضوءا ساطعا على هذا الجزء من الكتاب رغم احتوائه على العديد من الأسرار الأخرى.

خياران بشأن سوريا

في كتابه المؤلف من 479 صفحة يقول الرئيس بوش في ما يتعلق بسوريا إنه ناقش، بناء على رغبة إسرائيل، مع فريق الأمن القومي الأميركي إما ضربة جوية أو غارة سرية تقوم بها وحدات القوات الخاصة على منشأة نووية مفترضة على الأراضي السورية.

وقال بوش إنه تلقى تقريرا استخباريا عن quot;منشأة مشتبه بها ومخفية في صحراء سوريا الشرقيةquot;. وقال إنه كان قد اتصل برئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها، ايهود اولمرت، ليطلعه على فحوى التقرير. وعندها طلب اليه هذا الأخير مهاجمة الموقع.

وناقش بوش خياراته مع فريق الأمن القومي بما في ذلك ضربة جوية، quot;لكن قصف دولة ذات سيادة من دون سابق إنذار أو تبرير معلن لعمل كهذا من شأنه إحداث ردة فعل لا تحمد عقباهاquot; على حد قوله. وأضاف أن الخيار الثاني، وهو تسلل سري للوحدات الأميركية الخاصة تنسف الموقع وتخرج بعد ذلك من الأراضي السورية، اعتبر مغامرة غير مضمونة النتائج وسيعتبر عملا إرهابيا في كل الأحوال.

ويكشف الكتاب للمرة الأولى أن وكالات الاستخبارات الأميركية quot;سي آي ايهquot; كانت على quot;قناعة تامةquot; بأن لدمشق مفاعلا نوويا، وكانت على quot;قناعة جزئيةquot; بأن هذا المفاعل جزء من برنامج لإنتاج السلاح النووي في الخفاء. وقد تسلم بوش هذا التقييم مباشرة من مدير سي آي ويه وقتها مايك هايدن.

ويضيف الرئيس أنه قال لأولمرت عندما طلب اليه هذا الأخير قصف المنشأة المشكوك فيها: quot;لا استطيع تبرير هجوم على دولة ذات سيادة ما لم تخبرني أجهزة استخباراتي بأنها تملك برنامجا لإنتاج السلاح النوويquot;. ويقول إنه اقترح التعامل مع النظام السوري عبر الدبلوماسية المصحوبة بتهديد بعمل عسكري. لكن اولمرت قال له: quot;استراتيجيتك تزعجني كثيراquot;.

وقد قصفت إسرائيل الموقع بنفسها في 6 سبتمبر/ ايلول 2007، لكن بوش يقول في كتابه إنه لم يوافق على تلك العملية ولم يقدم لإسرائيل الضوء الأخضر للقيام بها. وقد رفضت إسرائيل في بادئ الأمر الإقرار بالعملية وحظرت على الإعلام الإسرائيلي الحديث عنها.

لكن اولمرت اعترف بها لاحقا في الثاني من اكتوبر/ تشرين الأول من ذلك العام قائلا إنه قدم اعتذارا لرئيس الوزراء التركي رجب اردوغان عن انتهاك الطائرات الإسرائيلية مجال بلاده الجوي في الطريق الى الموقع السوري والعودة منه بعد قصفه.

مشروع إيران النووي

يكتب الرئيس السابق عن ايران قائلا: quot;أصدرت توجيهاتي الى البنتاغون لدراسة متطلبات القيام بضربة (للمنشآت النووية) بغرض إيقاف ساعة القنبلة ولو بشكل موقتquot;. ويكشف أن مستشاري مجلس الأمن القومي الأميركي كانوا منقسمين حول الهجوم المقترح.

فقد قال فريق من هؤلاء المستشارين إن مهاجمة quot;أغلى ما يملكه نظام طهران - وهو برنامجها النووي - سيساعد المعارضين لنظام الملاليquot;. لكن الفريق الآخر قال إن الهجوم quot;سيثير موجة عالية من المشاعر الوطنية الإيرانية المعادية للولايات المتحدةquot;.

واتفقت بعض الصحف البريطانية على ان مهاجمة مشروع طهران النووي كان سيؤدي حتما الى لهيب مدمر في الشرق الأوسط تنتقم فيه ايران بقطع إمدادات النفط وسد منافذه ويطلق عقال جماعات الميليشيا الموالية لطهران في العراق ولبنان وأفغانستان.

وقال بوش إنه ناقش مسألة الهجوم على إيران مع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الذي وصفه بأنه quot;أقرب حلفائي الدوليين على الإطلاقquot;، وقال له إنه يستبعد تماما أي نية للدخول في أي مفاوضات مع نظام الملالي. وكتب قائلا: quot;شيء واحد لا مراء فيه، وهو أن على الولايات المتحدة ألا تسمح أبدا لإيران بتهديد العالم عبر قنبلة نوويةquot;.

حرب العراق

يؤكد بوش في كتابه أن التخطيط لحرب العراق بدأ قبل مضي أقل من شهرين على الهجمات الإرهابية على بلاده في 9/11 العام 2001. لكنه يقر بأن تلك الحرب لم تكن حتمية ولا مناص منها حتى قبل اسابيع قليلة من بدئها.

ويمضي ليتحدث عن quot;أخطائهquot; قبل الغزو (بسبب التقارير الاستخباراتية التي زعمت ان الرئيس العراقي صدام حسين كان يملك أسلحة الدمار الشامل). وقد أعرب عن إحساسه quot;بالصدمة والغضب عندما اتضح ان التقارير كانت غير صحيحة. انتابني شعور بالغثيان وقتها ولا يزال ينتابني كلما فكرت في هذا الأمرquot;.

على أن الرئيس، في لقاء له مع تلفزيون quot;إن بي سيquot; عن كتاب مذكراته، رفض الاعتذار عن تلك الأخطاء بقوله إن الاعتذار quot;يعني أن قرار الحرب في وقتها كان خاطئا وهذا ليس صحيحاquot;. وأضاف قوله: quot;هذا يعود الى أن العالم مكان أفضل من دون صدام حسين وغيابه يعني أن 25 مليون عراقي صاروا يتمتعون بالحريةquot;.

9/11

يكشف الرئيس الأميركي السابق أيضا أنه ظن أن الطائرة الوحيدة التي لم تصل الى هدفها خلال هجمات 9/11 أسقطت بأوامره. ويقول إنه كان قد أصدر سابقا أوامره بإسقاط أي طائرة يعتقد أنها اختطفت لضرب أهداف أخرى.

وقد أصدر أوامره تلك بعدما أحاط علما بأن طائرتين قامتا بأكبر هجوم إرهابي في تاريخ بلاده على برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك. وعندما علم أن طائرة quot;يونايتد ايرلاينزquot; في رحلتها رقم 93 تحطمت، ظن أن سلاح الجو هو الذي أسقطها بناء على تلك الأوامر. لكن الطائرة، كما اتضح لاحقا، سقطت بعدما اقتحم المسافرون كابينة القيادة وهاجموا المختطفين الذين كانوا يقصدون مبنى الكونغرس في واشنطن.

.. وأخيرا

وصف النقاد الكتاب بأنه quot;شخصي للغايةquot; أيضا. وأشاروا الى أنه يبدأ بالعبارة التالية: quot;السؤال بسيط وهو: هل تذكر آخر يوم لم تتناول فيه الكحولquot;؟ وكان هذا يشير الى إدمان الرئيس بوش في شبابه قبل احتفاله بعيد ميلاده الأربعين الذي توقف بعده عن الشرب نهائيا.

ويمضي بوش ليتحدث عن quot;لقاء مشحون بالعاطفةquot; مع البابا، الذي كان مصابا بمرض باركنسون، في مقره الصيفي. وبقول إن هذا الأخير كان يرحب بالاختراقات العلمية والطبية لكنه توسل اليه بأن يحافظ على الحياة بكل أشكالها.

وفي فصل عن الخلايا الجذعية، يتحدث الرئيس السابق عن خطاب من نانسي ريغان عن quot;رحلة عائلية عسيرةquot; ويقول: quot;أحسست بمسؤولية جسيمة إزاء وجوب التعبير عن أنني مع الحق في الحياة وقيادة البلاد نحو ما أسماه البابا يوحنا بولس الثاني quot;ثقافة الحياةquot;.