يسعى حزب الشاي على ما يبدو لحمل الحزب الجمهوري على توديع فكرة النزعة المحافظة quot;الرحيمةquot; .



يدعو حزب الشاي الى خفض العجز المالي في الولايات المتحدة بالغاء ابواب صرف ثانوية منها الاعتمادات الخاصة التي تُرصد لتنفيذ مشاريع محددة أو اعفاءات خاصة من ضرائب ورسوم معينة.

واثارت هذه المعالجة الرمزية شكوكا بأن حزب الشاي يسعى الى تحقيق اهداف أخرى ، اكبر في محاولة لإبعاد الحزب الجمهوري عن تلك العناصر من تركة جورج بوش التي حاولت دفع الحركة المحافظة في اتجاه آخر. وتقول صحيفة واشنطن بوست ان الهدف الحقيقي قد يكون حمل الحزب الجمهوري على توديع فكرة النزعة المحافظة quot;الرحيمةquot; ونسخة بوش الخاصة من التعدد الثقافي.

في هذا السياق لاحظ مراقبون ما سموه quot;استسلام زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتشل ماكونيل لحزب الشايquot; بتأييده فرض منع لمدة عامين على الاعتمادات الخاصة. ويعرف ماكونيل ان انهاء هذه الاعتمادات سينقل مزيدا من صلاحية الانفاق الى السلطة التنفيذية دون خفض يُذكر في الصرف.

ومما يثير الاستغراب ان يوظف الجمهوريون كل هذه الطاقات لاستصدار قرار يضع مزيدا من السلطة بيد الرئيس اوباما ذاته الذي يستأثر بقدر كبير من الكراهية في صفوف حزب الشاي.

لعل السبب يكمن في ان خفض الانفاق قضية ثانوية بين انصار حزب الشاي وان الهدف الأساسي هو تركة بوش ، لا سيما محاولته استمالة الأقليات العرقية في الولايات المتحدة التي يصوت ناخبوها تقليديا ضد الجمهوريين. كما يشير المؤرخ غاري غيرستل الى الاختلاف العميق بين سياسة بوش وموقف الجناح المحافظ في الحزب الجمهوري بشأن قضايا مثل الهجرة والتنوع الثقافي. ويقول غيرستل ان بوش لم ير ضيرا في التنوع والثنائية اللغوية والتعدد الثقافي quot;طالما ان افراد الجماعات العرقية يشاركونه روحه الوطنية وايمانه الديني ونزعته السياسية المحافظةquot;.

ويضيف غيرستل ان من اللافت انه quot;حين كانت الولايات المتحدة في حرب واوروبا تتفجر توترا واعمال عنف بشأن الاسلام ، قام بوش بدور ايجابي في ابقاء العلاقات العرقية والاثنية في الولايات المتحدة هادئة نسبياquot;.

من جهة أخرى يرى المعلق الاميركي في صحيفة فايننشيال تايمز البريطانية كريستوفر كولدويل ان الكثير من انتقادات حزب الشاي للرئيس باراك اوباما يمكن ان توجه الى بوش ايضا. ويذكر على سبيل المثال الموارد المالية التي رصدها الرئيس السابق للاحياء الفقيرة في مراكز المدن وquot;قانون ألا يبقى طفل متأخرا عن الركبquot; الذي كان يهدف الى رفع مستوى التعليم بين الأقليات ، ومقترح بوش عام 2007 لاصلاح قانون الهجرة والعفو عن المهاجرين غير الشرعيين. وكان ذلك المقترح وصف بأنه quot;اوضح مؤشر الى ان بوش لم يعد يسمع ما يقوله حزبهquot;.
وهذا كلها اسباب ومصادر لنقمة حزب الشاي وسعيه الى محو هذا الارث من سجل الجمهوريين.

كان نشر مذكرات بوش مناسبة تلقفها الليبراليون للعودة الى كل القضايا التي يرون ان بوش فشل فشلا ذريعا فيها ، ومنها حرب العراق وموقفه من التعذيب وخفض الضرائب على الأثرياء ورده على كارثة اعصار كاترينا. ولكن حزب الشاي يسعى الى quot;تصحيحquot; تركة بوش على طريقته بإبعاد الحزب الجمهوري عن السمات الأكثر انفتاحا وتسامحا في هذا التركة ، بحسب المعلق ديون ، وإشعال تمرد في صفوف الجمهوريين حتى ضد الفكرة القائلة ان الرحمة والشفقة غاية مشروعة في السياسة العامة. ويكتب ديون ان نزعة محافظة تنبذ الإيجابي في quot;البوشيةquot; لن تكون تطويرا للنموذج السابق.