فرضت العديد من علامات الإستفهام نفسها حول موقف وزراء المعارضة اللبنانية من القضية المتعارف عليها بـ quot;شهود الزورquot;، في أعقاب عرض إسرائيل انسحابها من الشطر الشمالي لقرية الغجر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، في وقترأتدمشقأنه لا مشكلة مع لبنان حالالأنسحاب.


بيروت: هل سيقبل وزراء المعارضة بغض الطرف عن شرط البحث في الموضوع المسـمى بـ quot;شهود الزورquot; كبند أول وحيد على طاولة مجلس الوزراء، إفساحا للمجال أمام عرض قضية الإنسحاب الإسرائيلي من الجزء الشمال لبلدة الغجر على الحدود اللبنانية مع إسرائيل، واتخاذ موقف منها؟

قوات اليونيفيل قرب قرية الغجر

سؤال طرحته أوساط رسمية وسياسية لبنانية أثر إعلان الحكومة الإسرائيلية المصغرة اتخاذها قرارا مبدئيا بالإنسحاب، وإبلاغها قيادة قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل) عبر الهاتف به، والإتفاق على مجيء كل من ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان مايكل وليامز، وقائد quot;اليونيفلquot; الجنرال البرتو اسارتا كويفاس إلى تل أبيب للبحث في تفاصيل هذا القرار الذي استند على خطة أعدها الأخير بعد إدخال بعض التعديلات عليها من الجانب الإسرائيلي .

وكان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، وفي أول تعليق رسمي على قرار الحكومة الإسرائيلية مبدأ الإنسحاب من الشطر الشمالي لبلدة الغجر، ألمح إلى ضرورة اتخاذ لبنان موقفا واضحا من الإنسحاب بقوله إنه: quot;في انتظار أن يبلور لبنان موقفا موحدا حيال سبل التعاطي مع الخطوة الإسرائيلية وقراءة خلفياته وإبعادها وتوقيفها، نبقى نردد هذه المرة من بوابة الغجر: إن المقاومة لا تزال تمثل حاجة وطنية وقومية في مواجهة العدوانية الإسرائيلية ونقطة على السطرquot;.

قرار الإنسحاب

واذا كان الموقف المذكور مدار بحث بين كبار المسؤولين في الدولة في الوقت الراهن، فإن الكشف عنه يبقى مرهونا بتبلغ لبنان رسميا قرار الإنسحاب وموعده وتفاصيله، الأمر الذي لم يحصل حتى الساعة، وهذا ما لفت إليه وزير الإعلام في حديث تلفزيوني ومندوب لبنان الدائم في الأمم المتحدة نواف سلام بقوله، إنه ذكّر وليامز خلال لقائه به في نيويورك بالمثل الإنجليزي الذي يقول quot;لا تصدق حتى ترىquot;، مضيفا: quot;أن لبنان يتطلع إلى الإنسحاب الإسرائيلي من الغجر، ونعتبر ذلك من موجبات إسرائيل عملا بالقرار quot;1701quot;، وأبعد من ذلك هو واجب على إسرائيل، انطلاقا من أحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة quot;، مشيرا إلى أنه quot; ذكّر مجلس الأمن بوجود أراضٍ أخرى لا تزال تحت الإحتلال وهي للغجر، مزارع شبعا وتلال كفرشوباquot;.

واذا كانت quot;اليونيفلquot; - عبر ناطقها الرسمي - ذكرت أكثر من مرة أن إسرائيل مجبرة (Obliged) على الإنسحاب من الجزء الشمالي لبلدة الغجر من دون قيد أو شرط، فإن لبنان الرسمي والشعبي الذي يرحب بعودة كل حبة تراب من أرضه إلى أصحابها الأصليين، يرى في الخطوة الإسرائيلية مناورة مكشوفة الهدف منها أحداث إرباك على الساحة الداخلية يضاف إلى حالة الإضطراب التي تشهدها بفعل الخلاف المستحكم بين فريقي الموالاة والمعارضة على المحكمة الدولية الناظرة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري والقرار الظني المرتقب صدوره عنها والمتضمن كما يتردد اتهاما لعناصر من حزب الله بالضلوع في هذه الجريمة، خصوصا وأن التوجه الإسرائيلي اتبع بمواقف أوحت بأن هذا الإنسحاب وفي حال حصوله يعني تنفيذها للقرار quot;1701quot; بالكامل من دون أن تأتي على ذكر الخروقات الجوية والبرية والبحرية المتواصلة للسيادة اللبنانية ولا على مسألة احتلالها لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا ، حيث تعتبر هذا الموضوع خارجا عن القرار المذكور الذي لم يتضمن حتى الساعة وقفا لإطلاق النار بل عبارة quot;وقف العمليات الحربيةquot;.

ملف الغجر

وفيما لا تبدو الحكومة اللبنانية على عجلة من أمرها لفتح ملف الغجر وثمة من يشكك داخلها في تنفيذ إسرائيل عملية الإنسحابمن جزئها الشمالي، فإن الإهتمام يتركز على معرفة ما تتضمنه خطة quot;اليونيفيلquot; من مقترحات لإدارة المنطقة التي ستنسحب منها إسرائيل بعد الأصوات المعترضة داخل الغجر على هذا الإنسحاب ومطالبة سكانها سوريو الأصل والحاملون للجنسية الإسرائيلية بعدم تقسيم بلدتهم إلى جزئين نظرا للتوزع العائلي في شطريها ومخافة أن يحرم أبناء الجزء الشمالي من الخدمات التي توفرها لهم الحكومة الاسرائيلية من طبابة وتعليم وفرص عمل وغيرها من الأمور الحياتية والمعيشية.

وفي هذا الإطار توقعت أوساط قريبة من رئيس الحكومة سعد الحريري في تصريح لـ quot;ايلافquot; أن يعمد إلى عودة الجزء الشمالي لبلدة الغجر في حال انسحب الإسرائيليون منه، إلى الوضع الذي كان عليه منذ العام 2000 وحتى العام 2006 حين كانت إسرائيل خارجه، فيما القوات الدولية تنتشر على تخوم البلدة وتقوم بدوريات داخل الجزء المحرر من حين لآخر رغم أن هذا الوضع لم يمنع المقاومة من تنفيذ عمليات لها . وذكّرت هذه الأوساط برفض سوريا ممثلة بوزير خارجيتها حينذاك فاروق الشرع إقامة جدار فاصل بين شطري القرية، كما أن مصدرا سوريا مطلعا أبلغ quot;إيلافquot; أن دمشق التي أثرت عدم التعليق على القرار الإسرائيلي المبدئي بالإنسحاب من الغجر ترى أنه لن يكون هناك مشكلة بين لبنان وسوريا في كيفية التعاطي مع الوضع الجديد في حال أقرن الإسرائيليون قولهم بالفعل وخرجوا من الجزء الشمالي للبلدة.

إلا أن quot;حزب اللهquot; الذي لم يتوقف بدوره عند موضوع الإنسحاب فقد عبر على لسان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد عن توجهه بهذا الخصوص حيث قال في رده على سؤال quot;إيلافquot; عما إذا كانت قضية الإنسحاب المذكور ستفرض نفسها على جلسة مجلس الوزراء المقبلة: quot; فلنبت في موضوع شهود الزور أولا قبل البحث في قضية الغجر. quot;

من جهته أعلن المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل ، أثر زيارته رئيس تكتل التغيير و الإصلاح النائب العماد ميشال عون على رأس وفد من حزب الله قبل ظهر اليوم ، أن الإنسحاب الذي تتحدث عنه اسرائيل لن يسمح للجيش اللبناني بدخول البلدة وبالتالي فإن الإدارة المدنية باقية في يدها ما يعني أنه لن تكون هناك سيادة للبنان على هذه الارض ومن هنا التأكيد على الحاجة إلى المقاومة لتحرير الأراضي المحتلة.