تأتي عملية السطو وسرقة الوثائق من مقرّ صحيفة فرنسية مُهتمة بقضايا تجسّس السلطات الفرنسية على مصادر الصحافيين وفضيحة بيتانكور، لتعزز الشكوك التي يطرحها الإعلام الفرنسيّ حول استماتة الرئيس ساركوزي في ثني الإعلام عن طرق بعض الملفات التي تسبب له إحراجا، ولو كان ذلك على حساب حرية التعبير.


باريس: أعلنت صحيفة quot;Rue89quot; الفرنسية تعرّض مقرها لعملية سطو وتخريب أسفرت عن سرقة عشرين حاسوبا وعدد من بطاقات ذاكرة (Flash Disc) تتضمن وثائق حسّاسة تتعلق بما بات يعرف بفضيحة (بيتانكور) التي تلاحق الرئيس نيكولا ساركوزي.

ونشرت الصحيفة على موقعها الالكترونيّ تقريرا عن عملية السطو التي استهدفت مقرها الرئيس مرفقا بعدد من الصور التي تظهر الخراب الذي حلّ بمكاتب المحررين.

وذكرت quot;Rue89quot; أن حادثة السطو التي جدّت في الليل الفاصل بين السبت ndash; الأحد، تعتبر الثانية منذ إطلاق الصحيفة في العام 2007.

وذكرت الصحيفة أن بلاندين كروجيان رئيسة التحرير وكانت مداومة صباح الأحد، هي أول من اكتشفت السرقة والسطو وقامت على الفور بإبلاغ الشرطة التي لم تتأخر في المجيء.

واستغربت الصحيفة عملية السطو على حواسيبها والعبث بمحتوياتها، رغم أنّ مقرّ الصحيفة يقع في الطابق الأول من عمارة مملوكة من قبل بلدية باريس، وتحظى بإجراءات أمنية صارمة.

ولمحت الصحيفة إلى انه من الصعب اعتبار عملية السطو حادثا عاديا كونه يأتي في quot;سياق سياسيّ ساخنquot; ويتزامن مع اشتغال الصحيفة على ملفّ quot;التجسّس على الصحافيينquot; وسرقة أغراضهم من قبل الاستخبارات الفرنسيّة واحتدام الجدل حول فضيحة quot; بيتانكورquot;.

ونشرت الصحيفة رسما كاريكاتيريا ساخرا حول عملية السرقة التي تعرضت لها.

ويظهر الرسم الكاريكاتوريّ باب الصحيفة وعليه آثار فتحة صغيرة الحجم مع تعليق ساخر يقول: quot;من نفذ السطو شخص قصير القامةquot;.

ولم تتردّد كبرى الصحف الفرنسية ومواقع الانترنت في اتهام الرئيس ساركوزي بالوقوف وراء عملية السطو التي تأتي متناغمة مع احتجاجات الصحافيين الفرنسيين حول تعامل الاستخبارات والرئاسة مع مصادر حصولهم على معلومات تتعلق بملفات حساسة من قبيل ملف قضية كاراتشي وفضيحة quot;بيتانكورquot;.

ويواجه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إحراجا متعاظما في ما يتعلق بقضية بيتانكور المربكة مع اتهام صحيفة لوموند السلطة التنفيذية بالتجسس على صحافييها لمعرفة أحد مصادره المتعلقة بالفضيحة وتقديمها دعوى قضائية في الغرض.

وتتهم عدة صحف فرنسية الرئاسة بانتهاك القوانين المتعلقة بحماية مصادر الصحافيين من خلال سعيها إلى التجسس لمعرفة مصادرهم ومخبريهم.

و كانت صحيفة (لوكنار إنشنيه) قد أثارت ضجة في فرنسا حينما كشفت أن الرئيس ساركوزى قام بالإشراف بشكل شخصي ومباشر على عمليات رصد بعض الصحافيين والتجسس عليهم.

ونقلت الصحيفة عن مصادر في جهاز الاستخبارات الداخلية المركزي الفرنسي أنه منذ مطلع هذا العام كلما كان يقوم صحافي بإجراء تحقيق محرج بالنسبة إلى الرئيس أو لأسرته، يطلب ساركوزي من رئيس الاستخبارات الفرنسية برنار سكوارسيني التصدي له وهو ما يعني أن يتم وضع الصحافي تحت المراقبة وتحديد شبكة علاقاته خصوصا المصادر الصحافية الخاصة به.

وفضيحة فيرت- بيتانكور المتورط فيها الوزير اريك فيرت، هي قضية معقدة تتضمن جوانب متعددة، خصوصا شبهات بتضارب المصالح والتمويل السياسي غير المشروع واستغلال النفوذ. وفتحت النيابة العامة في ضاحية نانتير قرب باريس ثلاثة تحقيقات في هذا الصدد.

واقر وزير العمل الفرنسي اريك فيرت سابقا بأنه تدخل لمنح مديرة ثروة وريثة مجموعة لوريال ليليان بيتانكور وسام جوقة الشرف.

واقر الوزير أمام الصحافيين بأنه كتب، عندما كان نائبا ومسؤولا ماليا في الحزب الرئاسي (الاتحاد من اجل حركة شعبية، يمين)، رسالة بهذا المعنى إلى نيكولا ساركوزي الذي كان آنذاك وزيرا للداخلية في آذار/مارس 2007.

وبحسب مجلة (لكسبرس)، صادرت الشرطة رسالة في آذار/مارس 2007 يطلب فيها فيرت من نيكولا ساركوزي أن يعمل على حصول باتريس دو ميتر على وسام جوقة الشرف لخدماتها لحساب الاتحاد من اجل حركة شعبية.

وكان الوزير الذي تورط في هذه القضية التي تختلط فيها شبهات تتعلق بتنازع مصالح ومحاباة وتمويلات سياسية، نفى على الدوام تدخله لتسهيل الحصول على هبات لمصلحة حزب الاتحاد من اجل حركة شعبية.
وحصلت دو ميتر على وسام جوقة الشرف، (أعلى وسام تقديري فرنسي) في بداية 2008 وقلدها إياه الوزير اريك فيرت.