اعتبر خبراء وسياسيون ان انسحاب ابرز قوى المعارضة السياسية في مصر من الجولة الثانية للانتخابات التشريعية يضع الحزب الحاكم في صورة المحتكر للسلطة ما ينذر باضعاف مصداقيته قبل الانتخابات الرئاسية عام 2011.


القاهرة: اعلنت جماعة الاخوان المسلمين قوة المعارضة الرئيسية في البلاد، الثلاثاء انسحابها من الانتخابات قبل دورها الثاني الاحد القادم احتجاجا على quot;التزوير والعنفquot; الذي ادى الى فوز كاسح للحزب الحاكم في الدور الاول الاحد الماضي.

كما اعلن حزب الوفد اهم احزاب المعارضة القانونية الثلاثاء انسحابه من الانتخابات وهو القرار الذي اكده نهائيا مكتبه التنفيذي الخميس. وقال سعد الكتاتني رئيس الكتلة البرلمانية للاخوان لوكالة فرانس برس ان quot;الحزب الحاكم امن كل شيء لصالحه، وهو اصبح يتحدث ويستمع لنفسهquot; مضيفا quot;بالتاكيد ما حدث مخطط لتجري الانتخابات الرئاسية مع تغييب المعارضة في المجلسquot;.

وتابع quot;ان ما حصل امر محير وغير مفهوم، ان الحزب الحاكم بصدد الانتحار. فقد استطاع مع وجود المعارضة في برلمان 2005 (المنتهية ولايته) ان يمرر كل قراراته لانه يملك الاغلبية مع التباهي بوجود جو ديمقراطي والتجمل بذلكquot;.

غير ان عمرو الشبكي المحلل في مركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية يرى ان quot;الهدف الوحيد كان اقصاء الاخوان المسلمين اما الاحزاب (القانونية) فكانت ضحية البيئة الانتخابية والوضع الانتخابي الذي يخدم الاقوى اي مرشحي الحزب الحاكمquot;.

واضاف ان النتيجة هي quot;برلمان بلا معارضة وعودة لنظام اسوأ من نظام الحزب الواحد. لان الحزب الواحد لا يعني بالضرورة افساد مؤسسات الدولة. نظام الحزب الواحد نظام تسلطي غير ديمقراطي ولكنه لا يفسد بالضرورة المؤسسات (الامن والقضاء والادارة) من اجل تعددية شكلية كما هو الواقع في مصرquot;.

غير انه اشار الى وجود quot;فرق بين الانتخابات التشريعة والانتخابات الرئاسية. فالرئاسية لن تكون انتخابات بل ترتيبات داخل جهاز الدولة والحزب الوطني على اسم الرئيس القادم. بالتالي الانتخاب سيكون تزكية للترتيبات التي ستحصل قبلهاquot;. واعتبر انه quot;كان سيكون من الذكاء ان يبقى الحوار السياسي تحت قبة البرلمان وليس خارجهquot;.

واكد عمرو الحمزاوي من مؤسسة كارينغي ان quot;انسحاب المعارضة يعزز ازمة المشروعية. وهي تعني ان المعارضة ليس لديها اي ثقة في النظام. والاضرار كبيرة بالنسبة للحزب الوطني الديمقراطيquot; الحاكم.
ولن يكون امام الحزب الحاكم في مجلس الشعب الجديد، خصوصا بعد انسحاب الاخوان (88 مقعدا في البرلمان المنتهية ولايته) سوى مستقلين ومعارضة قليلة العدد والوزن.

واضاف الحمزاوي quot;ان النظام بحاجة الى برلمان شرعي ونواب من المعارضة. والا فسيكون الامر سيئا ايضا بالنسبة للانتخابات الرئاسيةquot; في 2011. ولم يحصل الاخوان المسلمون في الدور الاول على اي مقعد ويخوض 27 من مرشحيهم الاعادة في الدور الثاني. اما حزب الوفد الذي كان لديه 6 نواب في البرلمان، فانه حصل على مقعدين في الدور الاول وينافس في الدور الثاني على تسعة مقاعد.

في المقابل فاز الحزب الحاكم ب209 مقاعد من 221 تم تحديد الفائزين بها في الدور الاول (من 508 مقعدا). وكان الحزب الوطني يامل ان تعزز هذه الانتخابات صورة استقرار النظام في مناخ من الشكوك ازاء الانتخابات الرئاسية.

ولم يعلن الرئيس حسني مبارك البالغ من العمر 82 عاما امضى 29 منها في الحكم، ترشحه للانتخابات الرئاسية غير ان مقربين منه قالوا انه قد يترشح لولاية جديدة. ويؤكد نجله جمال، المقرب من اوساط رجال الاعمال، انه ليست لديه طموحات شخصية غير ان اسمه يتردد على كل لسان لخلافة والده. في المقابل فان quot;الحرس القديمquot; يخفي بالكاد تفضيله لمرشح من المؤسسة العسكرية القوية.

وراى دبلوماسي غربي ان الحزب الحاكم اظهر خلال الانتخابات مؤشرات ضعف داخلي بينها بالخصوص السماح بترشح العديد من اعضائه في دائرة واحدة للتنافس على مقعد واحد. واوضح quot;ان ذلك يشير الى ان الحزب لم يكن قادرا على حل مشكلات خطيرة. ولم يكن قادرا على ادارة هذه الانتخابات كحزب سياسي حقيقيquot;.

واضاف quot;اذا بدا الحزب ضعيفا يمكن ان نستنتج من ذلك انه سيكون اقل فاعلية حين يطرح سؤال خلافة الرئيسquot;. وراى حسن نافعة في صحيفة المصري اليوم ان ما جرى الاحد الماضي يؤكد ان الحزب الحاكم quot;مصمم على المضي قدما في مشروع التوريث وربما يكون بصدد وضع الرتوش (اللمسات) الاخيرة على هذا المشروع (..) واعلان جمال مرشحا رسميا للحزب الوطنيquot;.

موضحا quot;ولانه المجلس الذي سوف يؤدي امامه الرئيس اليمين الدستورية فمن الضروري ان يتم هذا المشهد في هدوء ودون صخبquot;. غير ان مسؤولي الحزب الحاكم يؤكدون ان الاقتراعين من طبيعة مختلفة وان هزيمة المعارضة في الدور الاول تعود لفشلها الذاتي.

وقال علي الدين هلال امين الاعلام في الحزب الوطني الاسبوع الماضي انه quot;لا توجد علاقة بين الاقتراعينquot; مشيرا الى ان التشريعية quot;ذات طابع محليquot; في حين ان الرئاسية quot;تتعلق باختيار رجل يكلف بالقضايا الكبرىquot; للوطن.

واكد احمد عز امين التنظيم في الحزب الحاكم ان استطلاعات الراي التي اجراها الحزب قبل الانتخابات اظهرت تراجع الاسلاميين حتى في معاقلهم التقليدية مضيفا الثلاثاء quot;ان عنوان الاحد الماضي يجب ان يكون كيف اسقط الوطني التنظيم المحظور (الاخوان)quot;.