كما كان متوقعا، دخلت الأجواء السياسية الكويتية أمس مدار التصعيد بين الحكومة والبرلمان على خلفية الإستجواب المزمع تقديمه لرئيس الحكومة ناصر المحمد الصباح الأحد المقبل، وسط انطباعات بأن مناقشة الإستجواب ستكون خلال أسبوعين.


الكويت: أبلغت مصادر حكومية كويتية quot;إيلافquot; بأن الحكومة الكويتية لم تخطر بشكل رسمي من قبل رئاسة مجلس الأمة الكويتي بتوجيه أي استجوابات الى رئيسها أو أي وزير فيها، وتنتظر إستلامها إخطارا بهذا الشأن من قبل البرلمان، وأن الحكومة لا تستطيع أن تبني موقفا من قضية إستجواب دستوري قبل أن تفحص الإستجواب، وتتسلم صحيفته بشكل رسمي.

وأعربت المصادر ذاتها عن الانطباع بأن الاستجواب ndash; إذا قدم- فإن الموقف الحكومي لن يتغير بشأن العزم على مواجهة كل استجواب يقدم الى الحكومة، معتبرا أن الحكومة ستتعامل مع أي استجواب ضمن الأطر الدستورية.

وقالت المصادر الكويتية إن الحكومة لا تعتزم الإستقالة، ولا إعلان عدم التعاون مع البرلمان والتنسيب للأمير بحله، ولكنها في المقابل لا تتدخل بصلاحيات أمير البلاد، الذي يحق له دستوريا حل مجلس الأمة، طبقا لتقديراته وقراءاته للمشهد العام، إذ أبدى الأمير صباح الأحمد الصباح ndash; والكلام للمصادر- العديد من إشارات الإستياء من الوضع القائم، والعلاقة المشوشة بين الحكومة والبرلمان.

وجاء كلام المصادر الحكومية الكويتية بالتزامن مع تأكيد كتلة برلمانية كويتية أنها قررت توجيه الإستجواب لرئيس مجلس الوزراء الكويتي ناصر المحمد الصباح، وتوقيع صحيفته في مبنى البرلمان صباح يوم الأحد المقبل، بالاشتراك مع ثلاث كتل برلمانية معارضة هي (العمل الشعبي) و(العمل الوطني) و(التنمية والإصلاح).

وستختار كل كتلة نائبا عنها لتمثيلها في هذا الإستجواب، وسط تسريبات بأن عدد المؤيدين للإستجواب قد إرتفع الى 24 نائبا من أصل 50 هم عدد أعضاء البرلمان، وذلك على خلفية الإلتقاء حول رفض الإعتداء بالضرب الذي تعرض له منتدون ومتجمهرون أمام منزل نائب كويتي مساء الأربعاء الماضي، بينهم نواب، وهو الأمر الذي ولد إستياءًبرلمانيا واسع النطاق.

ووفقا للدستور واللوائح البرلمانية المنظمة فإن صحيفة الإستجواب يجب أن تناقش في جلسة للبرلمان الكويتي خلال 15 يوما من تاريخ تقديم الطلب، ويجوز للمستجوب أن يطلب تأجيلا للمناقشة بما لا يزيد عن أسبوعين، وسط توقعات بألا تحتاج الحكومة لتأجيل المناقشة، إذ سترد سريعا بجاهزيتها لمناقشة طلب الإستجواب، الذي ينتظر أن يقدم من محور واحد هو التعدي على الحريات العامة، المكفولة دستوريا، وخرق حصانة ومواد الدستور الكويتي، علما بأن خلافات أساسية حكمت كتلة (إلا الدستور) في تقديم هذا المحور، من بين محاور عديدة كان هنالك من يدفع لإدراجها، ومن بينها القضية الرياضية، وقضية تعثر المشهد السياسي العام، وتراجع وتدهور الخدمات العامة في البلاد.

وحتى ساعات مساء الخميس، ساد الانطباع بأن رئيس الوزراء المحمد الذي يتجه لمناقشة ثالث إستجواب يوجه إليه، بعد الاستجواب الأول الذي ناقشه وفنّده في جلسة سرية، والثاني الذي لم يناقش بسبب انسحاب المستجوبين، سيتمكن على الأرجح من تفنيد الإستجواب الوشيك، إذ إن نذر هذا الإستجواب تبدو قائمة ومتحققة، فاستجواب رئيس الحكومة وفقا للدستور لا ينتهي بالطلب العادي طرح الثقة بالشيخ المحمد، إذ لا تطرح الثقة برئيس الوزارة، بل يمكن للبرلمان التقدم بطلب عدم التعاون مع رئيس الوزراء من عشرة نواب، وفي هذه الحالة فإن هذا الطلب يتم التصويت عليه في جلسة أخرى، وإذا حاز هذا الطلب الأغلبية الدستورية، أي 26 نائبا فإن الطلب يحال فورا على أمير الكويت وفقا للدستور، الذي قد يقيل الحكومة، ويطلب تأليف وزارة أخرى، وله الحق والصلاحية في تعيين الرئيس المقالنفسه رئيسا لحكومة جديدة.

وإذا قدم استجواب آخر للرئيس بعد تأليف الوزارة الجديدة، وسار الإستجواب بمراحله السابقة نفسها ورفع كتاب عدم التعاون مجددا الى الأمير، فإن رئيس الوزراء في هذه الحالة يعزل من منصبه بحكم الدستور.

وحتى يتحقق هذا السيناريو فإن نذره تبدو بعيدة جدا، إذ إن جميع النواب الذين وقعوا على تأييد طلب إستجواب الشيخ المحمد الأخير قد بلغوا 24 نائبا بصعوبة شديدة، وهو رقم قابل للتبدل نقصانا في الأيام المقبلة، وعليه فإن نجاح طلب عدم التعاون يحتاج الى 26 نائبا، وهو أمر لا يمكن أن تصل إليه نتيجة التصويت على طلب عدم التعاون، وبالتالي فإن البرلمان سيبقي على الثقة بالشيخ المحمد، وسيستمر بالتعاون معه.

يشار الى أن أمير الكويت قد أمر بتأليف وزارة المحمد الحالية في الثلاثين من آيار/ مايو 2009، بعد نحو أسبوعين من إنتخاب البرلمان الحالي في الشهر ذاته، من العام نفسه، إذ يعتبر الإستجواب المزمع تقديمه للشيخ المحمد هو الثاني له، والثامن لأعضاء الوزارة بشكل عام، إذ قدمت إستجوابات لوزراء الدفاع جابر المبارك الصباح، والداخلية جابر الخالد الصباح (مرتين)، والإعلام أحمد العبدالله الصباح، والبلدية والأشغال فاضل صفر، إضافة الى 3 طلبات لإستجواب رئيس الوزارة المحمد.