لازال الرئيس اليمني علي عبدالله صالح مقيما في عدن يتنفس عبق بطولة كأس الخليج الأخيرة quot;خليجي20quot;.


عدن: قبل أكثر من شهر كانت اليمن على موعد مع بطولة كأس الخليج في دورتها الـ20، وكانت هي كل حياة اليمنيين خلال قرابة نصف شهر عاش اليمنيين على إيقاع فرحة أصبحت حاليا كما يقول المراقبون عبئا على الوقع السياسي بشكل عام.

تسارعت الخطوات السياسية بشكل عاجل، حيث أقرت كتلة الحزب الحاكم قانون الانتخابات بعيدا عن التوافق بين الحاكم والمعارضة الذي كان لازال قائما، ولم يتم الانتظار كثيرا حتى تم ترشيح 15 قاضيا من قبل البرلمان لإدارة اللجنة العليا للانتخابات ليختار الرئيس منهم 9 وتمت كل الخطوات دون انتظار.

يصف الكاتب الصحفي سامي غالب رئيس تحرير صحيفة النداء ما جرى بأنه quot;تدشين يمن ما بعد خليجي 20quot;.

يضيف غالب في افتتاحية لصحيفته إن quot;الخطوة الانفرادية تمت بغطاء الشرعية الدستورية، فقد شدَّد الرئيس علي عبدالله صالح، غير مرة، مؤخراً، على الالتزام بالمواعيد الدستورية، خصوصاً بعد بطولة خليجي 20، التي لم تنتهِ مفاعيلها السياسية المحلية في اليمن، إذ تحولت هذه البطولة، بدلالاتها الإيجابية، في الإعلام الحكومي والموالي، إلى ما يمكن حسبانه المصدر الجديد لشرعية الحكم في اليمن!quot;

ورأى ساخرا إن quot;انعقاد بطولة إقليمية (دون قارية) في بلدٍ مشتعل بالأزمات الوطنية الكبرى، صار إنجازاً تاريخياً يغني عن quot;الحوار الوطنيquot; وquot;الإصلاح الاقتصاديquot;. وأكثر من ذلك، فإن نجاح اليمن في تنظيم البطولة، بصرف النظر عن النتائج المخيبة للمنتخب الوطني، بات كلمة السر لحرب جديدة ضد كل الأعداء!quot;.

ويستحضر غالب ما وصفه بـ quot;مشهد كروي مسيَّس وقع عام 1978، وبالتحديد قبل شهر من وصول الرئيس علي عبدالله صالح إلى سدة الحكم في اليمن الشمالي. ففي يونيو من ذلك العام استضافت الأرجنتين المنكوبة بحكم عسكري انقلابي سيئ الصيت، المونديال، وتمكن منتخبها الوطني من الفوز بكأس العالم للمرة الأولى، لكن اللقب العالمي لم يحل بعد سنوات دون إسقاط الحكم العسكري وإدانة الحقبة العسكرية وفظاعتها ضد حقوق الإنسانquot;.

ويضيف: quot;تطورات الأيام القليلة الماضية تبرهن على أن هناك من يتصور إمكان استيلاد شرعية جديدة من رحم بطولة رياضية، تماماً كما توهم بعض الحراكيين في الجنوب، قبل أشهر، تحقيق مكاسب ميدانية ودعائية عبر إفساد أجواء مناسبة رياضية تصوروا أنها تضر بقضيتهم وتضعضع شعاراتهمquot;.

لا روح الرياضية

ويشير غالب أنه مهما يكن، quot;فإن تمرير مشروع قانون الانتخابات في مجلس النواب ضداً على المعارضة وعلى اتفاق فبراير 2009، هو إجراء خلو من الروح الرياضية يرتب لمرحلة جديدة في العلاقة بين الرئيس علي عبدالله صالح وأطراف النظام السياسي الذي أطرته حرب 1994. فهذا التصعيد الخطير والمغامر يستهدف كل أطراف نظام ما بعد حرب 1994 وشريكي الوحدة (الاشتراكي) والحرب (الإصلاح) معاًquot;.

ويعبر سامي غالب إنه لا مكان لمقولتي quot;الأغلبية البرلمانية الساحقةquot; وquot;الأغلبية الكاسحةquot;، وذلك في ظل quot;الشرعية الرياضيةquot; التي دشنها البعض الأسبوع الماضيquot;.

المشهد ذاته تحدث عنه الدكتور عبدالعزيز المقالح في مقالة له إن quot;من أهداف إقامة العرس الرياضي على هذه الأرض التي تهفو إليها أفئدة أبناء العروبة، أن يتعلم السياسيون كيف تتسع صدورهم للآراء المخالفة وأن يتحلوا بالروح الرياضية، لأن ميدان السياسة لا يجوز أن يختلف في طريقة الأداء عنه في ميدان الرياضة، وقد قيل إن البريطانيين تعلموا فن اللعبة السياسية في بلادهم من خلال إجادتهم لفن الرياضة الذي انتظمت قواعده ومصطلحاته في بلادهم بعد أن انتقلت إليهم من الصينquot;.

وفي صحيفة quot;المصدرquot; كتب خالد عبدالهادي إن quot;نظام الرئيس علي عبدالله صالح خرج بخيلاء فائضة من بطولة الخليج الكروية الأخيرة في عدن شحنته بمزيد من الجموح السياسي والإنساني الذي انعكس في شكل مواجهة صارمة مع المعارضة وتقييمات غاضبة على كل المخالفين ومحقرة لهمquot;.

يضيف: quot;في غضون أسبوع واحد، تحول خطاب المؤتمر الشعبي الحاكم على نحو بالغ الفظاظة ضد سياسيين لم ترق له آراءهم السياسية، وحتى حين كان الرئيس علي عبدالله صالح يحتفل في عدن بذكرى الاستقلال، لم يوفر مناوئيه المنادين بفصل الجنوب في ذلك اليوم ليصفهم بالكلاب المسعورة.. كان خطاب الرئيس يتغير في موازاة تغير خطاب حزبهquot;.

واستعرض ما قامت به الكتلة البرلمانية للحزب الحاكم في البرلمان لتعود الأزمة السياسية إلى الواجهة مجدداً.

وهم شهر العسل

يقول الصحافي رشاد الشرعبي لـ إيلاف إنه quot;مع كل إنجاز للنظام اليمني أو ما يعتبره انتصاراً وأحياناً قد يكون ناقصاً, تعود على ممارسة جلد الشعب به واتخاذ خطوات خاطئة على رائحتهquot;.

ويضيف أنه quot;وعقب خليجي 20 تمخضت شرعية رياضية للنظام ستستغل بشكل سيء, والانقلاب على الهامش الديمقراطي الذي كان متوفراً, بالسير نحو انتخابات منفردة, ليس سوى مؤشراً على ذلك الاستغلال, وخطابات وتصريحات مسئولي النظام وحزبه الحاكم دليل على ذلكquot;.

ويرى انه quot;كلما ضاق الخناق على الهامش الديمقراطي, كلما فقدت الأحزاب السياسية (سلطة ومعارضة) الكثيرين من الأعضاء والأنصار ومن الشباب خاصة, والذين يتسربون إلى الجماعات المسلحة كالقاعدة والحوثيين والحراك وعصابات الإجرام وجماعات التقطع والسلب والنهب القبلية، ومالم يتم تدارك الأمر بضغوط خارجية (وهي الحل الممكن حالياً) للتوفيق بين السلطة والمعارضة, فسيتصاعد بشكل كبير أعداد المتسربين إلى تلك الجماعات المسلحة ولن تتقاتل فيما بينها فقط, ولكن ستطول نيرانها السلطة والمعارضة بصورة أسوأ مما هو موجود بكثيرquot;.

فعلا انتهى شهر العسل في محافظة أبين المجاورة لعدن والتي احتضنت بدورها عدد من مباريات خليجي 20 حيث زار الرئيس محافظة أبين المشتعلة بالقضايا الأمنية والسياسية في 12 ديسمبر وكانت تلك الزيارة بمثابة صفارة إعادة القلاقل.

بعد يوم واحد حاول مسلحون اغتيال نائب رئيس جهاز الأمن السياسي quot;المخابراتquot; في المحافظة وبالطبع حملت المسؤولية للقاعدة ثم توالت الهجمات وبلغ عدد الجنود القتلى والجرحى في عدة عمليات منذ ذلك قرابة 20 قتيلا وجريحا.

الأمر لم يتوقف على أبين فقد انطلقت العمليات المسلحة في لحج والضالع المجاورتين لعدن وقتل عدد من الجنود واختطف آخرين أفرج عنهم بوساطة بعد ذلك، وحتى في صعدة التي شهدت مواجهات بين القبائل والحوثيين قتل فيها العشرات.

لازال الكتاب المقربين من النظام يتغنون بنجاح خليجي 20 ، في حين تحمس الرئيس صالح وحضر مباراة ضمن الدوري بين فريقي التلال وشعب إب وصرح بعدها إن اليمن ستستضيف بطولات دولية وقارية وكأن الأمر بيدي اليمن لوحدها.