لندن: رغم الوعود التي تطلقها الائتلافات والكيانات السياسية المتنافسة في الانتخابات العراقية المقررة الأحد المقبل بالخروج من المحاصصة الطائفية السائرة عليها البلاد منذ ست سنوات الا ان قراء quot;إيلافquot; المشاركين في استفتائها الأسبوعي لايعتقدون بإمكان ذلك وصوتت الأغلبية منهم لصالح الاعتقاد بترسخ هذه المحاصصة بعد الانتخابات وعدم انتظار الخروج من تداعياتها في المرحلة الحالية على الاقل.

ففي الاستفتاء الاخير الذي طرحته quot;ايلافquot; على قرائها قدمت سؤالا عما اذا كانت الانتخابات العراقية المنتظرة ستؤدي الى ترسيخ المحاصصة الطائفية ام ستخرج العراقيين منها فصوتت الاغلبية للخيار الاول. ومن الواضح ان هذه الاغلبية لم تدل برأيها هذا من فراغ فهي ذهبت الى هذا المنحى نتيجة تجربة ست سنوات عاشتها مع الظروف التي مر بها العراقيون وقد فرضت عليهم هذه المحاصصة التي لم يمارسوها في تاريخهم الحديث وظلوا يتعايشون مع بعضهم البعض بعيدا عنها وعن تداعياتها الخطرة التي تفرق بين الزوج وزوجته والجار وجاره وهذا الفخذ وذاك من هذه العشيرة وتلك وهذا الجانب من المدينة وجانبها الاخر.

الجاليات العراقيَّة تحلم بالتغيير

ومن الواضح انه ما رسخ هذا الاعتقاد باستمرار النهج الطائفي رسميا هو الظروف الصعبة امنيا وسياسيا واجتماعيا التي مر بها العراق خلال السنوات الست الماضية عندما تفجرت هذه المحاصصة عنفا وتصفيات جسدية ورؤوسا مقطوعة وهيمنة على المناصب المهمة ليس على اساس الكفاءة والمقدرة والاخلاص بقدر ما هي على أساس الانتماء لهذه الطائفة او تلك. فمنذ سقوط النظام الماضي وحين كانت امال العراقيين الخارجين من حكم دكتاتوري تتطلع لحكم الشعب الحقيقي تشكل مجلس الرئاسة العراقي من رئيس للجمهورية كردي ونائبين احدهما شيعي والثاني سني ثم اختير رئيس سني لمجلس النواب ورئيس شيعي لمجلس الوزراء.

وبدلا من تلاشي هذه الحالة الشاذة في تاريخ العراق تدريجيا الا انها على العكس من ذلك تكرست في كل وظائف الدولة ومرافقها حتى انحدرت الى السعاة والفراشين وتشكيل القوات الامنية وغيرها من مؤسسات الدولة بمختلف اختصاصاتها.

ومن المؤكد ان كل هذا كان الدافع وراء تصويت 1878 قارئا من مجموع المصوتين البالغ عددهم 4413 مصوتا الى جانب الاعتقاد بترسخ المحاصصة الطائفية في مرحلة مابعد الانتخابات وما تفرزه من نتائج وبنسبة وصلت الى 42.56% من العدد المشارك في الاستفتاء.

وعلى الجانب الاخر وعلى الرغم من محاولات الائتلافات والكيانات السياسية التي يبدو انها ادركت ان الشعب رافض لسلوكها وتوجهاتها الطائفية خلال السنوات الماضية واتجاهها كخطوة اولى للخروج من عباءة الطائفية فإنها لجأت الى تشكيل ائتلافات انتخابية مختلطة تمثل جميع الانتماءات الطائفية والعرقية لاقناع الناخب العراقي بدخولها مرحلة جديدة رافضة للطائفية او مبتعدة عنها على الاقل.

العراق... انتخابات مصيريَّة

ولذلك فان قسما لا بأس به من المشاركين في الاستفتاء اعتقدوا ان هناك رغبة حقيقية الان للخروج من المحاصصة الطائفية فصوت الى جانب الاعتقاد بان الانتخابات المقبلة ستخرج العراق منها 1631 قارئا شكلوا نسبة 36.96% من عدد المشاركين في الاستفتاء.

لكن هذا الصراع بين السعي للخروج من المحاصصة او ترسخها ادى الى تصويت نسبة لابأس بها من القراء وصل عددهم الى 904 قراء شكلوا نسبة 20.48 % من مجموع المشاركين في الاستفتاء. وهي نسبة تؤكد واحدا من دافعين أو كليهما: الاول اليأس من التوجهات والوعود والكلام الذي يطلقه السياسيون ومكوناتهم حاليا.. او عزلة الجمهور عن القوى التي تتحكم بشؤونه في تقاطع للعلاقة بين الطرفين بسبب تباعد الاهداف والتطلعات.

ان الاقتناع بخروج العراق من الطائفية رسميا من عدمه سيكون من خلال التطلع الى المرحلة المقبلة التي ستعقب الانتخابات العراقية وما ستفرزه من نتائج وعندما يلمس العراقيون بأنفسهم خلال السنوات الاربع المقبلة التي تسبق الانتخابات التالية صدق الوعود والوفاء بالبرامج التي تم طرحها على الناخبين والتي حازت الائتلافات والكيانات والمرشحين وفقا لها على اصوات الناخبين الذين اوصلوهم الى سدة السلطة.. وعندها فقط ستتغير قناعات وتترسخ اخرى.