رئيس وزراء الكويت والمرشد الأعلى الإيراني في طهران - كانون الأول الماضي

تضغط المناوشات بشأن مستقبل حقل نفطي عالق بين الكويت وإيران على العلاقات بين البلدين، وسط تأكيدات من جانب طهران بأنها عرضت على الكويت الإشتراك في تطويره والإستفادة منه، بينما تؤكد الأخيرة أنها لم تتلقَّ عرضًا بهذا الإطار، وهو الأمر الذي أبقى المشكلة معلقة حتى اللحظة.

الكويت: ترفض مصادر كويتية متعددة ألحّت عليها quot;إيلافquot; في إماطة اللثام عن الملف النفطي العالق بين الكويت وإيران، الخوض في هذا الملف، على الرغم من الجدل الدائر بحثه منذ سنوات طويلة، إذ لم تقوَ الإجتماعات المتكررة والمكثفة بين مسؤولين حكوميين في البلدين على حله، على الرّغم من وجود قنوات إتصال قوية بين الكويت وطهران، إلا أن ملف الجرف القاري البحري بين البلدين، وكذلك حقل الدرة النفطي الذي تسميه إيران بحقل quot;آراشquot; لا يزالا عالقين بإنتظار قرار أعلى في الكويت وإيران، وسط إنطباعات بأن إجتماعات مهمة وعالية المستوى ستعقد خلال الأسابيع القليلة المقبلة، في مسعى لإخراج الملف من جموده، لأهمية هذا الملف الذي يعطّل حتى الآن إيقاعًا ثابتًا للعلاقات السياسية والدبلوماسية بين البلدين، علمًا أن ملف الجرف القاري الغني بالبترول والغاز يعطّل أيضًا ،عدا عن جدواه الإقتصادية، ترسيمًا للحدود البحرية بين الكويت وإيران.

وأثارت أنباء إيرانية الأسبوع الماضي عن أن طهران قد عرضت على الكويت الإشتراك في تطوير حقل (الدرة- آراش)، والإستفادة منه، جدلاً حادًا حول الموضوع، كونه يشكل أساسًا مادة للجدل والإختلاف بين إيران والكويت، لكن الحكومة الكويتية التي صمتت طويلاً وهي تفحص صحة الأنباء التي تم نشرها في وسائل إعلام إيرانية، وجدت أنه لا يمكن الثقة بأنباء صحافية، ما لم تتلقَّ بشكل رسمي عرضًا إيرانيًّا يدعوها الى ذلك صراحة. إذ إستغربت شركة النفط الكويتية تطوير الحقل المتنازع عليه وإستغلاله، فيما لم يتم الاتفاق على حل مسألة الجرف القاري، عبر رسم الحدود الكويتية والسعودية والايرانية، والإتفاق عليها نهائيًا.

وأشارت المصادر النفطية الكويتية في تعليقاتها على الأنباء الإيرانية أنّ هناك خطوطًا لم يتفق عليها بالأساس، لأن هذا الحقل في المياه الكويتية والسعودية في المنطقة المقسومة، موضحة كيف يتم الموافقة على التطوير اذا كانت ايران تريد مد خطوط quot;ايبكquot; والكويت تمد خطquot; شلquot;، في إشارة الى التعاون مع شركات مختلفة.

واضافت المصادر ان حقل الدرة في الأساس هو حقل كويتي - سعودي، ولذا لابد من رسم الحدود ليتم معرفة حق ايران في مد خطوطها وحق الكويت والسعودية.

ووفقًا لتصريحات متبادلة حول النزاعات البحرية العالقة بين الكويت وإيران، فإن أصواتًا في الكويت وإيران ترى أن مسألة الجرف القاري العالقة هي شوكة تسمّم العلاقات بين البلدين، ولا بد من نزعها، ففيما تتهم جهات كويتية طهران بعدم رغبتها في التجاوب مع المساعي الكويتية في هذا الإطار، تقول إيران إنّ الكويت لا تملك كوادر بشرية قانونية في وزارة الخارجية لتأتي ضمن لجان فنية للتفاوض حول الموضوع، والعمل على حسمه بأقرب صورة ممكنة، إلا أن آخر مسعى كويتي في هذا الإطار حمله رئيس الحكومة الكويتي الشيخ ناصر المحمد الصباح في كانون الأول/ديسمبر الماضي، حاملاً رسالة من أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح تضمنت الإِشارة لموضوع الجرف القاري، وحقل الدرة، إلا أن الجهات التي إلتقاها الشيخ المحمد في طهران أكدت له قرارها إحالة الملاحظات الكويتية الى لجنة فنية لدرسها، وهو إجراء- كما ترى مصادر كويتية- يهدف الى إطالة أمد التفاوض والمماطلة في حل هذا الملف المتنازع عليه.

ووفقًا لإتفاقية جنيف فإن تعريف الجرف القاري هو الامتداد الفعلي والطبيعي لقاع الأرض القارية داخل البحار والمحيطات، أي الجزء الأرضي الغارق تحت سطح البحر، وقد حددته الإتفاقية المتعلقة بقانون البحار، بمسافة 200 متر عمق في ما بعد البحر الإقليمي.

أما حقل الدرة أو كما يسميه الإيرانيون حقل quot;أراشquot; فهو المثلث المائي الواقع شمال الخليج العربي، ومما تجدر الإشارة إليه أن الجزء الأكبر من هذا الحقل يقع على الحدود المشتركة بين البلدين الكويت والسعودية كما يقع جزء مشترك من الحقل مع الجانب الإيراني، و قد توصلت الرياض والكويت لاتفاق بشأن الحدود البحرية بينهما العام 2000. ومما يزيد من أهمية الحقل ما أفادت به الدراسات والمسوحات التي أجريت على الحقل وأشارت إلى بوادر تؤكد على وجود كميات كبيرة من الغاز، ففي العام 1967 قدرت شركة الزيت العربية اليابانية احتياطيات الغاز القابلة للاستخراج من حقل الدرة بواقع 5.5 تريليونات قدم مكعب 156 مليار مكعب.

وتأتي أهمية الحقل لكافة الأطراف في الحاجة الى الغاز خصوصًا الكويت التي تعد من الدول الفقيرة بالغاز، وتعمل منذ فترة على استيراد الغاز حيث أخذت خطوات في هذه المسألة بعقد اتفاق أولي مع قطر لجلب الغاز العام 2006، ولكن هذا الاتفاق وجد عثرات دفعت الكويت لتوقع عقد مماثل مع إيران لتزودها بالغاز.

ويعود النزاع حول هذا الحقل إلى عقد الستينات عندما منحت إيران حق التنقيب والاستغلال للشركة الإيرانية - الانغليزية للنفط سابقا والتي تعرف اليوم باسم quot;بريتش بتروليومquot;، في حين منحت الكويت الامتياز لشركة quot;رويال داتش شلquot;، وقد تداخل الامتيازان في الجزء الشمالي من حقل الدرة. وفي الوقت الحاضر تجددت الخلافات، واحتجت الكويت والسعودية رسميًّا عندما نشطت منصة حفر إيرانية لمدة ثلاثة أشهر في هذه المنطقة، غير أن أعمال الحفر أوقفت بعد ظهور الخلافات، وقد اتفق الجميع على بدء مفاوضات سياسية بهذا الخصوص للفصل في مسألة حدود الجرف القاري أولاً.