ربما تكون حملة اسلام اباد التي لم يسبق لها مثيل ضد حركة طالبان الباكستانية قد أضعفت المتشددين لكن الحركة المسلحة ما زالت تمثل تهديدا للحكومة المدعومة من الولايات المتحدة والتي تفتقر للشعبية.

بيشاور: المخاطر جمة وباكستان التي تمتلك قدرة نووية تتجاذبها اتجاهات متعددة. وتريد واشنطن من الجيش الباكستاني ملاحقة جماعات طالبان الافغانية التي تعبر الحدود لمهاجمة القوات الاميركية في أفغانستان. لكن باكستان تقع تحت ضغوط بالفعل في مواجهة متشدديها الذين لهم تاريخ يظهر قدرتهم على التعافي وقد بدأوا تنفيذ تفجيرات انتحارية مجددا بعد فترة من الهدوء النسبي.

وقال خادم حسين الباحث بمعهد ارايانا للابحاث الاقليمية quot;يبدو لي أن هذا تقهقر تكتيكي والكيان وشبكة المتشددين ما زالا قائمين.quot; وأضاف quot;هناك هدوء نسبي في هجمات المتشددين لكن هناك علامة استفهام بشأن الى أي متى سيستمر هذا الهدوء.quot; وتستنزف المعركة اقتصاد باكستان المتباطيء والذي يعاني بالفعل بسبب انقطاع الكهرباء المزمن والمحروم من الاستثمارات الاجنبية.

ويتباهى المسؤولون الباكستانيون بالنجاحات الكبيرة على الرغم من أن المتشددين أظهروا أنهم سيهاجمون جميع أنواع الاهداف بدءا من مباراة للكرة الطائرة الى مقر الجيش القوي لزعزعة استقرار البلاد. وقال فياض تورو المسؤول البارز بوزارة الداخلية في الاقليم الحدودي الشمالي الغربي quot;أصبناهم بهزة وهم يفزعون في حالة هرج ومرج. انهم يتقهقرون.quot;

ولابد من الاعتراف بأن قواعد طالبان دمرت في هجوم كبير بمنطقة وزيرستان الجنوبية على الحدود الافغانية وقد قال الجيش انه طهر باجور وهي أحد ملاذات طالبان من عناصر الحركة. لكن مسؤولين يعترفون بأن عناصر طالبان عادة ما تختفي خلال الهجمات وتعود أحيانا للمناطق التي تسيطر عليها الدولة. على سبيل المثال فروا من هجوم في وزيرستان الجنوبية وأعادوا تنظيم صفوفهم في مناطق قبلية أخرى للبشتون مثل وزيرستان الشمالية. وهذا نمط مألوف.

وشن الجيش حملة قبل عام لاخلاء وادي سوات من عناصر طالبان والذي انطلق منه المتشددون نحو العاصمة اسلام اباد. ومن حسن حظ الجيش الباكستاني بدأت الجماهير تدعم الدولة في المعركة. وكان هذا لشعورهم بالغضب من التفسير المتشدد للشريعة الاسلامية الذي تطبقة طالبان في الحكم. لكن حملة سوات أثارت مخاوف ايضا من أن المتشددين سيفرون ببساطة الى منطقة مانسيهرا الى الشرق مباشرة. واقتحم من يشتبه أنهم اسلاميون متشددون مكتبا لوكالة اغاثة مسيحية مقرها الولايات المتحدة قرب مانسيهرا يوم الاربعاء وقتلوا ستة عمال اغاثة باكستانيين اختاروهم ثم فجروا المبنى.

وربما لا يشعر المسؤولون الباكستانيون في أعماقهم بنفس القدر من الثقة الذي يوحي به تباهيهم حتى في بيشاور وهي مدينة رئيسية على الطريق الى أفغانستان حيث شددت اجراءات الأمن فيما كثرت نقاط التفتيش. وقال مسؤول أمني بارز مشارك في الحملة ضد طالبان quot;حققنا الهدوء لبيشاور بعض الشيء لكن همنا الرئيسي الان هو أنهم ربما يديرون خلايا كامنة في المناطق الجنوبية والشرقية من الاقليم.quot;

وقتل اكثر من 700 مدني في هجمات بالاقليم الحدودي الشمالي الغربي في 2009 معظمها في العاصمة بيشاور مما قوض الثقة في قوات الامن الباكستانية. ويوم الخميس قتلت قنبلة مزروعة على الطريق أربعة اخرين بالمدينة. ومن شأن شن طالبان حملة جديدة بعد أن نفذت تفجيرا انتحاريا أسفر عن مقتل 13 شخصا في وحدة مخابرات تابعة للشرطة بمدينة لاهور بشرق البلاد يوم الاربعاء أن يجدد الضغط على الرئيس الضعيف اصف علي زرداري والذي لا يستطيع تحمل اي أزمات سياسية جديدة.

لكن هذه الحملة قد لا تكون ممكنة في الوقت الحالي. ويعتقد على نطاق واسع أن حكيم الله محسود زعيم طالبان الباكستانية قتل في هجوم صاروخي بطائرة أميركية بلا طيار في يناير كانون الثاني في ضربة كبيرة لطالبان. غير أن محللين يقولون ان طالبان قادرة على أن تفرز القائد تلو الاخر. وكان سلف محسود قد قتل في هجوم بطائرة بلا طيار. وعلى الرغم من التحديات الامنية المستمرة تتوقع واشنطن من باكستان ايضا أن تلاحق جماعات طالبان الافغانية التي تعبر الحدود لمهاجمة القوات الاميركية في أفغانستان.

كانت باكستان قد ألقت القبض على الرجل الثاني في طالبان الافغانية الملا عبد الغني بارادار وهو ما أشاد به الاميركيون. لكن فرض حصار شامل على جميع الجماعات الافغانية المتشددة سيفتح جبهات جديدة ويرجح أن يؤدي الى وقوع مزيد من الخسائر في أرواح الباكستانيين. وقتل مئات من جنود الشرطة والجيش في معارك ضد طالبان الباكستانية في العام المنصرم. وقال مسؤول أمني بارز quot;لا يمكن أن نتحمل القيام بالأمور بتعجل. يجب أن نتحرك بالسرعة المناسبة لنا. وفي حين أننا نعزز مكاسبنا في وزيرستان الجنوبية وسوات فاننا لا نستطيع التوجه الى وزيرستان الشمالية مباشرة.quot;