يبدو أن عملية السلام في الشرق الأوسط تسير نحو طريق مسدود وبخاصة مع إبلاغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الولايات المتحدة الأميركية عدم نية تل أبيب وقف عمليات الاستيطان اليهودي في مدينة القدس ومحيطها.

القدس: قال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو يوم الاحد انه أبلغ واشنطن كتابة قبل قليل من مغادرته لاجراء محادثات مع الرئيس الاميركي باراك أوباما بأن اسرائيل لن توقف الاستيطان اليهودي في محيط القدس.

وتمثل قضية الاستيطان مع تصاعد العنف في الضفة الغربية حيث قتلت القوات الاسرائيلية أربعة فلسطينيين خلال يومين تحديا للجهود الجديدة التي يبذلها جورج ميتشل المبعوث الاميركي للشرق الاوسط لاستئناف محادثات السلام.

وقال نتانياهو في تصريحات أمام الاجتماع الاسبوعي لحكومته يوم الاحد quot;سياستنا بشأن القدس هي نفس السياسة التي انتهجتها جميع الحكومات الاسرائيلية لمدة 42 عاما ولم تتغير. بالنسبة لنا البناء في القدس مثل البناء في تل ابيبquot;.

ودعي نتانياهو الى لقاء الرئيس الاميركي باراك اوباما الثلاثاء في واشنطن في وقت تسعى الولايات المتحدة لتحريك عملية السلام على خلفية اعمال عنف في الضفة الغربية والقدس الشرقية. واوضح مكتب نتانياهو ان الموفد الاميركي الى الشرق الاوسط جورج ميتشل سلم رئيس الوزراء الدعوة في مستهل لقاء بينهما في القدس.

وتوجه نتانياهو مساء الاحد الى واشنطن حيث سيشارك الاثنين في المؤتمر السنوي للجنة الشؤون العامة الاميركية الاسرائيلية (ايباك)، اكبر مجموعة ضغط يهودية اميركية.

في السياق ذاته، أعرب المشاركون في اجتماعات المؤتمر السنوي لابرز لوبي يهودي في الولايات المتحدة الاحد عن القلق ازاء التوتر القائم حاليا بين الولايات المتحدة واسرائيل، كما اعربوا عن مخاوفهم من تداعيات اي ضربة اسرائيلية على إيران.

وقال روبرت ستاتلوف المدير التنفيذي لمؤسسة واشنطن حول السياسة في الشرق الاوسط الاحد امام مؤتمر ايباك، ان الازمة بين الولايات المتحدة واسرائيل quot;خطيرة وحقيقيةquot; رغم محاولات التهدئة من الطرفين. وأضاف ستاتلوف quot;عندما تجد هذه الازمة حلا لها فانها ستترك آثارا على العلاقة بين البلدين وعلى اعلى المستوياتquot;.

ويخشى ستاتلوف وغيره من الخبراء ان تعقد مسألة المستوطنات الجهود التي تبذلها واشنطن لحشد التأييد لفرض عقوبات جديدة على ايران المتهمة بالسعي لحيازة القنبلة الذرية. وتابع ستاتلوف أن الخلافات القائمة حاليا بين الادارة الاميركية واسرائيل quot;يمكن ان تسرع قيام اسرائيل بضربة وقائية ضد الطاقات النووية الايرانية المحتملةquot;.

واعرب السناتور الديموقراطي ايفان باي عن القلق لاحتمال الا تكون العقوبات الاقتصادية ضد ايران كافية لردعها. وقال quot;بات علينا من الان فصاعدا ان نبدأ بالتفكير جديا بالخيار النهائي اي استخدام القوة لمنعهم من الحصول على السلاح النوويquot; ما دفع الاف الحاضرين في المؤتمر الى التصفيق له.

وتسعى واشنطن منذ اشهر لتحريك عملية السلام المتعثرة منذ نهاية 2008، وكان من المقرر في هذا السياق ان يطلق ميتشل المفاوضات غير المباشرة بين الاسرائيليين والفلسطينيين لكن المشروع سقط اثر اعلان اسرائيل الضوء الاخضر لبناء 1600 وحدة استيطانية في حي يهودي بالقدس الشرقية .

واثار هذا الاعلان خلافا دبلوماسيا حادا مع الولايات المتحدة ولا سيما ان الاسرة الدولية لا تعترف بضم القدس الشرقية التي احتلتها اسرائيل في حزيران/يونيو 1967.

من جهة اخرى، سيلتقي ميتشل الاثنين الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الاردن قبل العودة الى بلاده. واكد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون انه سيشجع الدول العربية على دعم عملية الحوار غير المباشر بين الفلسطينيين والاسرائيليين، وذلك في ختام لقائه مع نتانياهو.

وكان بان كي مون زار قطاع غزة في وقت سابق حيث جدد الدعوة الى رفع الحصار المفروض على القطاع. وقال اثناء زيارة الى خان يونس جنوب القطاع الفلسطيني quot;قلت بوضوح وتكرارا للمسؤولين الاسرائيليين ان سياسة الحصار لا يمكن ان تستمر وانها سيئةquot;.

واضاف quot;انها تسبب الاما انسانية غير مقبولة لسكان غزة. وتضعف المعتدلين وتعطي القوة للمتطرفينquot;. وقطاع غزة المكتظ بالسكان (1,5 مليون نسمة 85% منهم يعتمدون على المساعدات الدولية) يعيش تحت الحصار الاسرائيلي منذ حزيران/يونيو 2007.

وهي الزيارة الثانية للامين العام للامم المتحدة الى غزة منذ الهجوم الذي شنته اسرائيل على القطاع بين 27 كانون الاول/ديسمبر 2008 و18 كانون الثاني/يناير 2009 وتسبب بمقتل ما يزيد على 1400 فلسطيني و13 اسرائيليا.

من جهة اخرى، يخيم توتر كبير في الضفة الغربية حيث قتل اربعة فلسطينيين بنيران الجيش الاسرائيلي خلال 24 ساعة قرب نابلس، وقد سقط اثنان منهم الاحد وهما يحاولان طعن جندي، بحسب ما افاد الجيش الاسرائيلي.

ونددت السلطة الفلسطينية بهذه الاحداث الدامية متهمة اسرائيل بالرد على الجهود الدبلوماسية الدولية بالعنف.

وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل ابو ردينة لوكالة فرانس برس ان quot;التصعيد الاسرائيلي وقتل الفلسطينيين بشكل يومي هو رسالة الحكومة الاسرائيلية الحالية للفلسطينيين والعرب وللجهود الاميركية، ورد على بيان اللجنة الرباعية وتحد لقراراتهاquot;.

واتهم نتانياهو باعاقة استئناف الحوار بسياسته الاستيطانية في القدس الشرقية. وكان نتانياهو قال في بداية الاجتماع الاسبوعي لمجلس الوزراء quot;بالنسبة الينا فان البناء في القدس هو تماما كالبناء في تل ابيب وقد اوضحنا ذلك للادارة الاميركيةquot;، مجددا رفضه تجميد الاستيطان في المدينة المقدسة.

واضاف ان quot;سياستنا في القدس هي السياسة نفسها التي اتبعتها الحكومة الاسرائيلية السابقة على مدى ال42 عاما الماضية. ولم تتغير هذه السياسةquot;. ورد ابو ردينة على ذلك معتبرا ان هذه المواقف quot;لا تساعد في العودة الى المفاوضاتquot;.

غير ان وسائل الاعلام افادت ان نتانياهو مستعد للقيام بمبادرات حسن نية حيال الفلسطينيين بطلب صريح من واشنطن، ومن هذه المبادرات اطلاق سراح معتقلين فلسطينيين والتخفيف من الحصار المفروض على قطاع غزة. ويغادر بان كي مون الذي لم يتمكن من لقاء ميتشل خلال زيارته، اسرائيل الى نيويورك مساء الاحد.