دبي: تجاهلت إيران رسالة ثانية في العام الفارسي الجديد من الرئيس الأميركي باراك أوباما للإيرانيين مما أبرز مدى بعد البلدين عن بدء أي حوار له مغزى. وعندما أدى اليمين الدستورية في العام الماضي مد أوباما يدا لإيران بشرط أن quot;ترخي قبضتهاquot;. وبعد ذلك بشهرين في عيد النيروز أي العام الفارسي الجديد عرض quot;بداية جديدةquot; على طهران.

وحاول أوباما استغلال مناسبة العام الفارسي الجديد مرة أخرى في الاسبوع الماضي قائلا انه ما زال يرغب في اجراء حوار. لكنه ربط هذا بالجهود الأميركية لمحاسبة إيران في اشارة الى عقوبات جديدة محتملة من الامم المتحدة بسبب البرنامج النووي الإيراني وهاجم طريقة تعامل إيران مع احتجاجات المعارضة.

ولم يشر الزعيم الإيراني الاعلى اية الله علي خامنئي الى هذه التصريحات خلال كلمتين ألقاهما مطلع هذا الاسبوع بمناسبة النيروز لكنه قال ان واشنطن أثبتت أن حديثها عن الحوار حول تطبيع العلاقات كان أجوف بما أن السياسات الأميركية تجاه إيران لم تتغير.

وركز بشدة على الاحتجاجات التي كثيرا ما تتحول الى العنف. وقال خامنئي quot;بعد ثمانية أشهر من الانتخابات اتخذوا أسوأ موقف ممكن. وصف الرئيس أمثال هؤلاء من مثيري الشغب والمخربين بنشطاء الحقوق المدنية.quot; وقال عبد الخالق عبد الله استاذ السياسة في الامارات العربية المتحدة ان التناقض مع رد فعل العام الماضي ملفت للنظر.

وقال quot;اذا قارنا رسالة أوباما هذا العام برسالة العام الماضي وقارنا رد الفعل في المرتين فما من شك أننا سنجد انتكاسة... لم يمض الحوار ولو خطوة واحدة للامام.quot; ورحب بعض كبار المسؤولين في طهران بتصريحات أوباما في العام الماضي وأشادوا بالرغبة في حل الخلافات التي تعود الى عام 1979 وقت قيام الثورة الاسلامية لكن خامنئي قال انها شعار يحتاج الى التعزيز من خلال سياسات جديدة.

لكن وسائل الاعلام الإيرانية التي تسيطر عليها الدولة تجاهلت تماما خطاب هذا العام وان كان البعض تمكن من الاطلاع عليه عبر اذاعات ومواقع على الانترنت فارسية وانجليزية. وقال دبلوماسي غربي في الخليج ان خامنئي صاحب الكلمة العليا في السياسات الاساسية للدولة يتمسك بموقفه من العام الماضي وهو أن إيران لا يمكنها أن تغير من نهجها استنادا الى quot;تغيير في النبرةquot; في خطاب الرئيس الأميركي.

وأضاف الدبلوماسي أن خطاب خامنئي أوضح أنه يرى أن تعاطف واشنطن مع حركة المحتجين على مدى العام المنصرم -والتي ظهرت نتيجة غضب من اعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد في يونيو حزيران- أظهر أن النبرة الجديدة لا تعدو كونها مجرد تكتيك. وتتهم إيران القوى الغربية باذكاء الاضطرابات. وقال شفيق غبرة الاستاذ في جامعة الكويت ان خامنئي وحلفاءه في المؤسسة الحاكمة لم يجدوا توجها واضحا بشكل كاف من واشنطن لبدء الحوار.

ومضى يقول quot;إيران ليست متأكدة مما يجب أن تصدقه وما يجب ألا تصدقه فيما يصدر عن الولايات المتحدة. من الذي له الكلمة العليا في واشنطن.. أوباما.. الكونجرس.. مجموعات الضغط الموالية لاسرائيل.quot; وأضاف quot;ليس هناك وضوح في ان الادارة الأميركية ستتمكن من تنفيذ وعودها خاصة بعد فشلها في قضية المستوطنات الاسرائيلية.quot; وتضررت مصداقية واشنطن في المنطقة بسبب اخفاقها في اقناع الحكومة اليمينية في اسرائيل بوقف كل النشاط الاستيطاني في الاراضي المحتلة والذي جعله الفلسطينيون شرطا لاستئناف محادثات السلام.

وتحاول الادارة الأميركية الحصول على التأييد الصيني الحيوي لفرض مجموعة جديدة من عقوبات الامم المتحدة على إيران لعدم توصلها الى اتفاق مع القوى الكبرى حول تخصيب اليورانيوم في الخارج لبرنامجها النووي.

وتخشى واشنطن من أن يكون الهدف من البرنامج الحصول على الاسلحة النووية. ويقول محللون ان اسرائيل التي يعتقد على نطاق واسع أن لديها أسلحة نووية لكنها تعتبر إيران النووية تهديدا لها قد تشن ضربة على المنشات الإيرانية بدعم من الولايات المتحدة.

وقد يؤيد الاعضاء المتشددون الموالون لاسرائيل في الكونجرس توجيه ضربة أميركية مباشرة وتقول ادارة أوباما انها ستطرق كل السبل لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية.

ويشعر الكثير من الإيرانيين المؤيدين لحركة الاصلاح بخيبة أمل لان أوباما لم يتخذ موقفا أكثر تشددا من السلطات بينما تعمل ادارته على محاولة استقراء ما سيحدث في المستقبل لمعرفة ما اذا كان سيبرز صوت معتدل في طهران. ويقول دبلوماسيون ومحللون ان المؤسسة الحاكمة ما زالت منقسمة حول الحوار مع واشنطن الذي ربما يكون أحمدي نجاد قد فضله في الشهور الاخيرة قبل أن يؤثر الاخرون عليه.

وقال عبد الله أستاذ السياسة في الامارات quot;في هذه المرحلة الإيرانيون هم الذين يتخذون موقفا متعنتا.. هم الذين لا يستغلون الفرصة... أعتقد أن هناك مشكلات في طهران في الوقت الراهن أكثر منها في واشنطن.quot;