وزير الخارجية البريطاني

إقرأ ايضا... الرواية الحقيقيّة لاغتيال المبحوح

تخشى إسرائيل من أن تقدم دول أخرى على اتخاذ اجراءات مماثلة لتلك التي اتخذتها بريطانيا بطرد دبلوماسي إسرائيلي على خلفيَّة استخدام جوازات سفر مزورة في عمليَّة اغتيال المبحوح، بينما تطمئن مصادر اسرائيلية أنَّ الاولوية الان هي لتهدئة الامور. وتربط وسائل إعلام القرار البريطاني بسوء العلاقات بين البلدين بعد جمود عملية السلام منذ وصول نتنياهو الى السلطة، بينما يرى بعض المسؤولين الاسرائيليين للقرار له اعتبارات انتخابية.


القدس، لندن،وكالات: في أعقاب طرد بريطانيا لدبلوماسي إسرائيلي يعمل لحساب الموساد، باتت إسرائيل تخشى اجراءات مماثلة قد تتخذها بعض الدول المعنية بقضية جوازات السفر المزورة التي استخدمت في عملية اغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح في دبي في 20 كانون الثاني (يناير) الماضي.

وتتجّه الأمور بين تل أبيب ولندن إلى مزيد من التصعيد، خاصة بعدما أماطت احدى الصحف البريطانيَّة النقاب عن مطالبة نواب في الكنيست الإسرائيلي خلال الساعات القليلة الماضية باتخاذ قرار مماثل يقضي بطرد المحلق العسكري البريطاني في إسرائيل.

إلا أنَّ السلطات الاسرائيلية تأمل في ان تشكل عقوبة لندن نهاية هذه القضية. وقال مصدر حكومي لفرانس برس طلب عدم الكشف عن اسمه ان quot;الاولوية الان هي لتهدئة الامورquot;، مضيفا ان اسرائيل لا تنوي طرد دبلوماسي بريطاني ردا على خطوة لندن.

تتهم شرطة دبي جهاز الاستخبارات الاسرائيلي quot;الموسادquot; باغتيال محمود المبحوح الذي يعتبر احد مؤسسي الجناح العسكري لحركة حماس. ومنذ ذلك الحين، اصدر الانتربول 27 مذكرة بحث وتحر تتعلق بحملة جوازات سفر غربية- سواء مزورة او استخدمت بهويات مختلفة- بينهم 12 بريطانيا واربعة فرنسيين والماني.

إسرائيل تخشى تحرك دول اخرى على غرار لندن
وتعبيرا عن استيائها اعلنت بريطانيا الثلاثاء عن طرد دبلوماسي اسرائيلي. وبحسب لندن فان quot;مسؤوليةquot; اسرائيل ثبتت في استخدام جوازات سفر بريطانية من قبل الفريق المتهم بقتل المبحوح. فإلى جانب جوازات السفر البريطانية، استخدم أعضاء المجموعة المتهمة بتنفيذ الاغتيال جوازات سفر فرنسية وإيرلندية وألمانية وأسترالية مزورة أيضا، وفقًا لشرطة دبي.

من جهتها اعلنت النيابة العامة في باريس الثلاثاء انها فتحت تحقيقا تمهيديا حول التزوير واستخدام المزور وحيازة وثائق ادارية مزورة وانتحال اسماء، يمكن ان يؤدي الى ملاحقات جنائية بتهمة استخدام اربعة جوازات سفر فرنسية مزورة او استخدامها باسماء مستعارة.

اما استراليا فاعلنت الاربعاء انها تنتظر نتائج التحقيقات التي تقوم بها قبل اتخاذ اجراءات محتملة.

دعوات إسرائيلية لمعاملة بريطانيا بالمثل
وكانت الاذاعة الاسرائيلية العامة ذكرت ان الدبلوماسي الاسرائيلي الذي طردته لندن كان يعمل في السفارة لحساب الموساد وسيستبدل quot;في وقت قريبquot; بمسؤول اخر في جهاز الاستخبارات الاسرائيلي.

وأشارت صحيفة quot;دايلي ميلquot; البريطانية في عددها الصادر اليوم الأربعاء في هذا الإطار كذلك إلى أن الساسة الإسرائيليين أكدوا أن عملية اغتيال المبحوح واحدة من العمليات الناجحة التي قام بتنفيذها الموساد، وأدانوا بريطانيا بعد نعتهم مسؤوليها بـ quot;الكلابquot; الخونة، ووصفهم وزير الخارجية دافيد ميليباند بـ quot;المنافقquot; لفشله في دعم الحرب على الإرهاب. ومضت الصحيفة لتكشف كذلك عن أن ميليباند طلب خطاب ضمان رسمي من نظيره الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بعدم إساءة استخدام جوازات السفر البريطانية من جانب الجواسيس الإسرائيليين مرة أخرى.

وتؤكد الصحيفة على أن الرد الصارم الذي لجأت إليه بريطانيا، متمثلاً في الخطوة التي اتخذتها يوم أمس، تركت المسؤولين الإسرائيليين في حالة من الصدمة. وقالت إنها المرة الأولى التي يُطرد فيها أحد مسؤولي الموساد من المملكة المتحدة منذ ثمانينات القرن الماضي. وفي سياق ذي صلة، لفتت الصحيفة كذلك إلى أن وزارة الخارجية قامت أيضاً بتعديل نصائح السفر الخاصة بها، حيث حذرت المسافرين إلى إسرائيل من خطر تعرض هوياتهم للسرقة. وكان وزير الخارجية البريطانية قد صرَّح يوم أمس أمام البرلمان بقوله: quot;مثل هذا الاستخدام السيئ لجوازات السفر البريطانية أمر لا يمكن احتماله. فهو يمثل خطرًا على سلامة الرعايا البريطانيين في المنطقة. ويمثل كذلك استخفافاً عميقاً بسيادة المملكة المتحدةquot;.

كما أكد ميليباند على أن الطرد كان quot;مستهدفاًquot;، في ما أشارت مصادر أمنية إلى أن ذلك الرجل كان يشغل منصباًً دبلوماسيًا رفيعاً وكان يعد أبرز العملاء السريين للموساد في المملكة المتحدة. وكانت مصادر استخباراتية قد أوضحت أن جهاز المخابرات الإسرائيلي سبق له أن توقع تلقي quot;صفعة على المِعصَمquot;. وفي غضون ذلك، نقلت الصحيفة عن مصدر دبلوماسي، قوله: quot;أعتقد أن السفير الإسرائيلي لدى بريطانيا رون بروسور قد فوجئ تماما ً عند إبلاغه بهذا القرار. فأنا أعتقد أن الاسرئيليين نجحوا في إقناع أنفسهم بأن أمراً مثل هذا لن يحدث. وهم يعيشون الآن حالة من الصدمةquot;.

غضب بريطاني
في غضون ذلك، أشارت مصادر أمنية بريطانية إلى أنهم سعوا من وراء هذا القرار إلى حث إسرائيل على أنه لم يكن ينبغي لها أن تسيء لصداقتها مع بريطانيا. كما أعربت تلك المصادر بصورة شخصية عن سخطها وغضبها من اختيار إسرائيل لجوازات سفر بريطانية كي تقوم باستنساخها في تلك الجريمة. ونقلت الصحيفة هنا عن أحد المسؤولين، قوله: quot;كان بإمكانهم استخدام جوازات سفر خاصة بجنسيات أخرىquot;. وفي المقابل، تلفت الصحيفة لموجة الغضب التي اجتاحت إسرائيل جراء هذا القرار. حيث تمضي لتنقل هنا عن أرييه إلداد، عضو الكنيست عن حزب quot;الاتحاد الوطنيquot; اليميني المتشدد، قوله: quot;أعتقد أن البريطانيين يتصرفون بطريقة تتسم بالنفاق، ولا أريد أن أسيء للكلاب في تلك المسألة، لأنه بعضهم يتميز بالولاء التام. تشارك بريطانيا بصورة نشطة في الحرب على الإرهاب الدولي، لكن في الوقت نفسه، أن تحاول أن تعاقب وتدين إسرائيل لدورها في تلك الحربquot;. وفي إشارة واضحة تبين ضلوع إسرائيل الفعلي في عملية الاغتيال رغم رفض الحكومة الإسرائيلية في بعض الأحيان تأكيد ذلك، تابع إلداد حديثه بالقول: quot;يتعين عليك في بعض الأحيان عند محاربة الشر أن تحيد بعيداً عن القانون الدولي. ويجب أن يكون رد فعل إسرائيل الطبيعي هو القيام بطرد واحد من أبرز الدبلوماسيين في السفارة البريطانية، ربما المحلق العسكريquot;. بيد أن مصادر إسرائيلية رفيعة المستوى استبعدت تلك الاحتمالية

ذكرت وسائل الاعلام بـ quot;حوادثquot; سابقة بين اسرائيل وبريطانيا كان الموساد ضالعا فيها. ففي العام 1986 حين كانت مارغريت تاتشر رئيسة للحكومة البريطانية، ترك عميل للموساد مغلفا يتضمن ثمانية جوازات سفر بريطانية في غرفة هاتف في المانيا. وتم تزوير هذه الوثائق في سفارة اسرائيل في لندن. وتعهد المسؤولون الاسرائيليون انذاك بعدم القيام بذلك مجددا.
لكن بعد سنتين تم طرد دبلوماسيين اسرائيليين من بريطانيا لاستخدامهم فلسطينيا كعميل مزدوج. وامرت تاتشر آنذاك باغلاق مكتب الموساد في لندن موقتا فيما تم طرد quot;دبلوماسيين اثنينquot;.
قرار بريطانيا له اعتبارات انتخابية
من جانب آخر، يرى بعض المسؤولين الاسرائيليين ان القرار البريطاني له اعتبارات انتخابية. ونقلت الاذاعة الاسرائيلية عن quot;مسؤول اسرائيلي كبيرquot; لم تكشف هويته قوله ان quot;قرار الطرد سياسي بامتياز مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في مطلع ايار (مايو)quot;، مضيفًا ان وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند quot;الذي ينتهج منذ فترة طويلة سياسة مناهضة لاسرائيل، يريد عبر ذلك تعبئة اصوات المسلمينquot;.

ورأت غالبية المعلقين في اسرائيل ان الدولة العبرية تخرج من هذه القضية باقل خسائر ممكنة. وكتبت صحيفة quot;يديعوت احرونوتquot; ان quot;القضية تغلق بثمن معقولquot;، من دون ان تستبعد في الوقت نفسه طرد دبلوماسيين اسرائيليين آخرين في اماكن اخرى. وقالت الصحيفة quot;طالما ان السلام لا يعم بلادنا، وان شباننا البارعين يواصلون انشطتهم على طريقة جيمس بوند، فان هذا السيناريو سيتكررquot;.

الاندبندنت: علاقات بريطانيا وإسرائيل بلغت القاع
في هذه الاثناء، ذكرت صحيفة الأندبندنت ان الحكومة البريطانية ارادت من طرد الدبلوماسي الاسرائيلي ليس فقط ايصال انزعاجها من اسرائيل بل ايضا ان يكون هذا مسموعا امام الرأي العام البريطاني. واضافت الصحيفة البريطانية في عددها اليوم الاربعاء انه على الرغم من ان طرد الدبلوماسيين ليس شيئا غير عادي الا انه امر نادر بين الاصدقاء والحلفاء وهو ما جعل قرار وزير الخارجية البريطاني ميليباند طرد الدبلوماسي الاسرائيلي شيئا استثنائيا بين البلدين اللذين تمر علاقاتهما في اسوأ احوالها.

وأشارت الى انه حتى في حالة الخصومة بين الاصدقاء هناك محاولات لرأب الصدع والسيطرة على الضرر من خلال عدم الاعلان عن عملية الطرد تلك. وترى الصحيفة انه من المنطقي التساؤل ما اذا كان رد لندن بطرد الدبلوماسي كان تصرفا قاسيا وعلنيا لو كانت علاقات البلدين جيدة.

وتقول انه بعد الحرب على غزة وجمود العملية السلمية منذ وصول نتنياهو الى السلطة ومذكرة الاعتقال القضائية البريطانية بحق وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني لم يعد قرار الطرد العلني مفاجئا ومن هنا يؤمل ان تبدأ العلاقات بين البلدين بالتحسن بعد ان وصلت الى القاع.

القمة العربية ستطلب تعاون الدول المعنية مع الامارات في قضية اغتيال المبحوح

إلى ذلك دعا مشروع بيان مقدم الى القمة العربية الدول المعنية الى التعاون مع السلطات الاماراتية quot;لملاحقة ومحاسبة العصابة الاجراميةquot; التي اغتالت محمد المبحوح. واكد مشروع البيان quot;ان هذا العمل الاجرامي الارهابي يتطلب تعاون كافة الدول المعنية مع اجهزة الامن في الامارات المتحدة للتصدي وملاحقة هذه العصابة الاجرامية ومحاسبتها في اطار الاتفاقيات الدولية والقوانين التي يجب ان تسري على كافة الدولquot;.

واضاف مشروع البيان quot;يدين المجلس استغلال المزايا القنصلية التي منحت لرعايا الدول التي استخدمت جوازات سفرها في عملية الاغتيالquot; التي استهدفت المبحوح. واكد ان quot;مجلس الجامعة العربية على مستوى القمة يدين جريمة اغتيال محمود المبحوح (..) التي تمثل انتهاكا لسيادة وامن دولة الامارات العربية المتحدة وللاعراف والقانون الدوليquot;. وعبر عن تأييده لجهود الامارات quot;الرامية الى ان يمثل المجرمون امام العدالةquot;.

سليمان: طرد بريطانيا ديبلوماسياً برهان على ممارسات إسرائيل

رأى الرئيس اللبناني ميشال سليمان أن طرد ديبلوماسي إسرائيلي من بريطانيا على خلفية تزوير جوازات سفر تتعلق بقضية المبحوح، يأتي برهاناً قاطعاً ودليلاً دامغاً على ممارسات إسرائيل ونهجها، خصوصاً أنه لا يزال يرفض أي دعوة الى التوصل الى حل دائم وعادل في الشرق الاوسط يعطي الفلسطينيين حقوقهم وفي طليعتها حق العودة الى ديارهم.