كابول: باتهامه الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي صراحة والولايات المتحدة تلميحا، بالتدخل في شؤون البلاد وتزوير الانتخابات الرئاسية التي جرت في بلاده في 2009، فان الرئيس الافغاني حميد كرزاي يلعب بالنار اذ يهاجم اولئك الذين اوصلوه الى السلطة وابقوه فيها.

وبعد ان نصبه ائتلاف عسكري يقوده الاميركيون عقب الاطاحة بنظام طالبان، رئيسا في نهاية 2001، انتخب كرزاي سنة 2004 في اول اقتراع اثار في حينه الجدل ثم اعيد انتخابه سنة 2009 في انتخابات شابتها عمليات تزوير مكثفة لصالحه وندد بها المجتمع الدولي الذي وافق بالنهاية على تنصيبه لانعدام البديل.

الا ان وصول باراك اوباما الى البيت الابيض وضع حدا لعلاقته المميزة مع ادارة بوش وكثرت الانتقادات الموجهة اليه مستهدفة حكومته التي ينخرها الفساد وتحالفاته المشبوهة مع زعماء الحرب سابقا وعمليات التزوير في انتخابات العشرين من اب/اغسطس.

لكن منذ اسبوع يدلي الرئيس كرزاي ومقربين منه بتصريحات لاذعة واتهامات خطيرة تستهدف بالخصوص مسؤولي الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي وكذلك بعض quot;السفاراتquot; -وعلى راسها الاميركية حسب المحللين- محملا اياهم مسؤولية التزوير الانتخابي والتدخل الرامي الى تنحيته من السلطة.

واعلنت النائبة شكرية بركزاي quot;كنت اكن احتراما كبيرا للرئيس وكنت اعتبره صديقا واخا، لكن بعد ما حصل يصعب علي ان استمر في دعمهquot;. وقال المحلل السياسي الافغاني محمد يونس فاكور ان quot;الرئيس تجاوز كل الخطوط الحمراء في الدبلوماسية وعرض مصلحة افغانستان الوطنية للخطر بهذا الموقف الاخيرquot;. وذهبت صحيفة كابول ويكلي ابعد من ذلك هذا الاسبوع عندما كتبت على صفحتها الاولى ان quot;الرئيس يلعب بمصير افغانستان والامة ستدفع الثمنquot;.

وبدات واشنطن التي يشكل جنودها ثلثا القوات الدولية التي تسمح لكرزاي باحتواء تمرد طالبان قدر الامكان، تبدي انزعاجها صراحة لا سيما ان الراي العام بات في معظمه يرفض التدخل في افغانستان حيث يزداد عدد القتلى من الجنود الاميركيين جراء العبوات اليدوية الصنع ورصاص طالبان.

والمح البيت الابيض مؤخرا انه قد يعدل عن دعوة كرزاي الى واشنطن في ايار/مايو في خطوة لا تترك شكا على ضوء الاعراف الدبلوماسية. وقالت بركزاي quot;بامكانه ان يبقى رئيسا شرعيا شرط ان يغير لهجته وخطابهquot;.

ويرى بعض الخبراء ان تصرفات كرزاي ليست نزوة موقتة غير مسؤولة بل تحركا ناجما عن حسابات سياسية تبلورت على ضوء تطور الوضع حيث ان حركة التمرد تزداد حدة وتمتد الى كافة انحاء البلاد تقريبا ووعد اوباما بعد ارسال تعزيزات قوامها ثلاثين الف جندي هذه السنة في محاولة لتغيير سير الامور، بالبدء في الانسحاب من افغانستان في صيف 2011.

كما يعتبر محللون سياسيون ودبلوماسيون ان كرزاي الذي ينظر اليه في بلاده منذ نهاية 2001 بانه quot;دمية بين ايدي الاميركيينquot; قد يشعر بانه لن يصمد طويلا بعد رحيل القوات الدولية وانه في حاجة الى اكتساب شرعية شعبية جديدة.

وتوحي الزيارة التي قام بها الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد مؤخرا الى كابول وادلى خلالها باحدى تصريحاته المعهودة والمثيرة ضد واشنطن، وكذلك اتصالات كرزاي المتزايدة مع موسكو وبكين، بان الرئيس يحاول المراهنة على اوراق اخرى. ولخص المحلل السياسي الافغاني وحيد مجدا الوضع بالقول quot;انه تجاوز مرحلة خطيرةquot;.