إحتج الرأسماليون، الكتلة الأبرز الداعمة لحزب العمّال، على تصريحات براون وإعتبروها إهانة لهم وتقللّ من ذكائهم، ما قد يكبّد حزبهخسائر كبيرة في الأصوات خلال الإنتخابات المقبلة .

لندن: تتميز الانتخابات العامّة البريطانية المزمع عقدها في السادس من الشهر المقبل، بتركيز حملاتها على رفع البلاد منركودها الاقتصادي، فيعقب أسوأ أزمة ماليّة عالميّة منذ الكساد الكبير في أواخر عشرينات القرن الماضي.

فحتى القضايا الحسّاسة بالنسبة للبريطانيين وهمومهم، مثل التعامل مع تدفق موجات المهاجرينإلى البلاد، اتخذت لها مراتب مهمّة في هذه الحملات، وأضحت مسرح الحرب بين العمال والمحافظين، الحزب المعارض الرئيسي. وتتعلق هذه القضية بما يعرف بـquot;التأمين القوميquot;، الذي يتألف من مساهمات المستخدمين والعاملين، وتستقطع هذه المساهمات من الرواتب وتوفر للحكومة التحسب لأعباء تمويل التقاعد والمرض والبطالة.

وبدأت المعركة الدائرة بين الحزبين الكبيرين، بعدما أعلن وزير الخزانة، ألستر دارلينغ، أن أي حكومة عمّالية جديدة، سترد الديون الحكوميّة التي غرقت فيها البلاد في العامين الأخيرين عبر رفع زيادة مساهمات التأمين القومي بشكل رئيسي اعتبارًا من ابريل (نيسان) المقبل.

وقال المحافظون إن هذه الخطوة ستضر بالاقتصاد لأنها ستشكل عبئًا كبيرًا على المستخدمين والعاملين وستساهم بالتالي في تعطيل الأعمال وزيادة صفوف العاطلين عن العمل الطويلة. وردّ العمّال على هذا بأن رفض المحافظين لهذا الخيار، لن يترك لهم سوى زيادة ضريبة القيمة المضافة (البالغة 17.5 في المائة حاليًا) لأن الديون العامّة يجب أن تُموّل من مصدر أو آخر. وهو شيء أنكره المحافظون واعدين بأنهم لن يمسّوا هذه الضريبة، وراح الجانبان يتبادلان الاتهامات بانتهاج سياسة ستعودبالخير على البلاد.

وفي غمرة هذا المعترك وقع أكثر من 60 من كبار رجال الأعمال البريطانيين على عريضة تؤيد موقف المحافظين المعارض لزيادة مساهمات التأمين القومي، وكانت هذه ضربة موجعة للعمّال خصوصًا مع بدء الحملة الانتخابيّة، فهي تأتي من كتلة تعتبر في غاية الأهميّة بالنسبة لـquot;حزب العمّال الجديدquot;، الذي أرسى دعائمه رئيس الوزراء السابق توني بلير وأخرج به الحزب الى سدّة الحكم بعد 18 عامًا في المعارضة. والكتلة المقصودة هي quot;الرأسماليونquot;، قمة هرم رجال الأعمال الذين يعتبرون في الغرب أكثر أهميّة من الحكومة نفسها لأنهم هم الذين يسيّرون عجلة الاقتصاد الحقيقي في بلادهم. ورد غوردون براون ووزير خزانته على ذلك الموقف الحاسم بالقول إن الموقعين على العريضة quot;خُدعواquot; من جانب حزب المحافظين.

انتبه لكلمة quot;خدعواquot; هذه، لأنها صارت محور معركة شرسة مع نفس الكتلة التي يسعى حزب العمّال الجديد لاستمالتها إذ لا غنى له عنها وفي هذا الوقت تحديدًا، فقد خرج السير ستيورات روز، وهو الرئيس التنفيذي لسلسلة متاجر quot;ماركس آند سبينسرquot; وأيضًا عضو في quot;المجلس التجاريquot; الذي شكّله غوردون براون للحصول على مشورته، بتصريح إذاعي يقول إن اختيار براون لكلمة quot;خدعواquot; في حديثه عن رجال الأعمال quot;إساءة الى ذكائهم لأنه يعني أنهم سذج غير قادرين على التمييز بعقولهمquot;.

وفور تصريحه الذي أدلى به لمحطة quot;بي بي سيquot; الرابعة، ضم آخرون من كبار رجال الأعمال أصواتهم له قائلين إنهم يشعرون بأن العمّال أسبغوا عليهم صفة quot;الأغبياءquot;! وسارع براون والكبارفي حزبهإلى محاولة نزع الفتيلمن برميل البارود، متهمين وسائل الإعلام بتضخيم الأمور،وأخذالتصريحات خارج سياقها الصحيح.