النائب حسن فضل الله

بيروت: رغم انشغال أهل الحكم والأوساط السياسية والشعبية بالانتخابات البلدية والاختيارية التي تشهد جولتها الأولى في محافظة جبل لبنان اليوم الأحد، ظلت قضيتا الاتفاقية الأمنيّة المبرمة بين قوى الأمن الداخلي والسفارة الاميركيّة في بيروت، وجولة التفتيش التي قام بها وفد أمني أميركي على منطقة المصنع عند نقطة الحدود اللبنانية- السورية محل اهتمام وجدل على الساحة الداخلية بين فريقي الاكثرية والمعارضة (السابقتين) يتوقع معه ان يطرح الموضوع للبحث على طاولة مجلس الوزراء.

في المسألة الأولى، وبعد العاصفة التي اثارها النائب في تكتل لبنان أولاً عقاب صقر وعدد من نواب تيار المستقبل عن وجود تقرير ثان غير التقرير الذي عرضته اللجنة المكلفة من قبل وزارة الاتصالات بناء على طلب لجنة الاتصالات النيابية تبين ان ما تحدث عنه صقر عن مشاركة ضابط من الجيش اللبناني في إعداد التقرير الأول الذي جرى إخفاؤه على حد قوله لتأكيده عدم مساس الاتفاقية الأمنية بالسيادة اللبنانية، يحتاج الى تدقيق بعد نفي مديرية التوجيه في الجيش اللبناني حصول هذه المشاركة وكذلك رد الهيئة الناظمة للاتصالات على محاولة quot;الاكثريةquot; ربط استقالة رئيسها بالاعتراض على اداء وزير الاتصالات شربل نحاس بالتأكيد على عدم علاقة الاستقالة بهذا الأمر، والتوضيح ان ما ورد في التقرير المقدم الى لجنة الاتصالات النيابية والذي ساهم في اعداده ثلاثة من اعضاء الهيئة صحيح مائة بالمائة خصوصا لجهة اشارته الى خطورة ما تضمنه بعض بنود الاتفاقية الأمنية على الأمن القومي اللبناني.

وخلافا لما تردد عن عزم رئيس لجنة الاتصالات النيابية حسن فضل الله عقد جلسة استثنائية لاستكمال البحث في الاتفاقية وتداعياتها بعد عودة وزير الاتصالات من الخارج حيث يشارك في اجتماعات البنك الدولي، وبعد تلقيه طلبين بذلك واحد مقدم من النائب صقر المطالب باستقالة الوزير نحاس، والثاني من قبل عضو تكتل التغيير والاصلاح النائب نبيل نقولا الذي ذكر في طلبه انه لم يتلق الاجابة الوافية عما نسب الى مدير عام قوى الأمن الداخلي في احدى الصحف الكويتية، قال فضل الله لـ quot;إيلافquot; انه لا توجد لديه في الوقت الحاضر اتجاه للدعوة الى مثل هذا الاجتماع. خصوصا وان الملف اصبح في عهد رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعد ان رفع تقرير لجنة الاتصالات اليه، كما ان النائب صقر نفسه قال امام وسائل الاعلام انه سلم الرئيس بري المستندات الجديدة التي بحوزته.

وفي المسألة الثانية التي تعني زيارة لجنة امنية اميركية الى نقطة المصنع بدا الارباك واضحاً لدى المسؤولين السياسيين والأمنيين. وقد سارعت وزارة الخارجية والمغتربين الى اصدار بيان تؤكد فيه عدم علمها بالزيارة، لافتة الى ان تحركات كهذه مخالفة لمضمون التعميم الذي ارسلته الى جميع البعثات الدبلوماسية المعتمدة في أول مارس (آذار) الماضي، حول ضرورة التقيد باحكام المادة 41 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية في ما يتعلق باتصالاتهم وتحركاتهم الرسمية في الدولة المضيفة. كذلك ابلغ الوزير جان اوغاسبيان المكلف برئاسة لجنة تقنية من قبل مجلس الوزراء لوضع دراسة حول مراقبة وضبط الحدود ان لا علاقة للجنة بزيارة الوفد الاميركي الى الحدود اللبنانية- السورية، مشددا على ان هذا الموضوع ليس ضمن صلاحياته وهناك وزارات معنية هي التي تهتم وتتابع وتقرر.

بدوره نفى وزير الداخلية زياد بارود ان تكون للوزارة اي علاقة بزيارة الوفد الاميركي الى نقطة المصنع الحدودية، مطالبا ان تتم معالجة هذه المسألة في مجلس الوزراء متوقعاً حصول ذلك في الجلسة التي تعقد الاسبوع المقبل.

هذا وفيما بقيت quot;الجهةquot; التي أذنت للوفد الاميركي المتخصص بمكافحة الارهاب بزيارة منطقة المصنع مجهولة مع السماح له بالاطلاع على عمل رجال الامن العام والجمارك والتدقيق في حركة الوافدين والمغادرين من لبنان الى سوريا وبالعكس، حاولت السفارة الاميركية التنصل من اي مسؤولية بهذا الخصوص عبر بيان أول اصدرته أول من امس جاء فيه ان الاميركيين الذين زاروا منطقة المصنع كانوا جزءاً من فريق تقييم برنامج المساعدات بمكافحة الارهاب التابع لوزارة الخارجية. كما ان هذا البرنامج يدرب موظفي أمن الحكومة اللبنانية والموظفين المكلفين بانفاذ القانون حول اجراءات الشرطة في التعامل مع الارهاب.

وأوضح البيان ان زيارة الوفد لمنطقة المصنع تمت بناء على دعوة وبالتنسيق مع الحكومة اللبنانية كجزء من تقييم الفريق العام للبرنامج المذكور كما ان هذه الزيارة لم تكن عملية تفتيش للمنشآة. وفي بيان ثان منسوب الى السفارة الاميركية اورده عدد من وسائل الاعلام المحسوبة على فريق الاكثرية ُذكِر ان المدير العام للامن العام اللواء وفيق جزيني كان على علم مسبق بهذه الزيارة وقد تم التنسيق معه بشأنها.

وكان اللواء القريب من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ومن اطراف في المعارضة قال لصحيفة quot;السفيرquot; قبل صدور بيان السفارة رقم 2 quot;ان الفريق الاميركي وضعنا في اجواء تفيد بأن لديه برنامج زيارات متتالية الى بعض المراكز وتحت عنوان البحث عن كيفية تقديم المساعدة اللازمة في مكافحة الارهاب، بالاضافة الى تقديم مساعدات تقنية تصب في هذا العنوان، ولسد النقص في ما لو كان هناك نقص في الاحتياجات المطلوبة. وعلى هذا الاساس التقوا معنا، لكننا فوجئنا بأن زيارتهم الى نقطة المصنع تخطت ما قالوه لنا، وتفاجأنا بما قاموا به هناك وقد ادى ذلك الى الغاء الزيارات التي كانت مقررة الى اماكن اخرى ومنها مرفأ بيروتquot;.

وهكذا بين quot;تنصلquot; مسؤول وquot;مفاجأةquot; آخر تبقى زيارة الوفد الاميركي المشبوهة الى المصنع في ذمة الحكومة quot;صاحبة الدعوةquot; كما اورد بيان السفارة الاميركية ريثما ينجلي الغبار عنها ويضع حدا لما بدأ يسمع عن محاولات تجري من هنا وهناك لمنع الهجوم على مسؤول أمني محسوب على الاكثرية مقابل وقف التساؤلات والاتهامات بحق مسؤول أمني آخر ليس بعيدا عن المعارضة وتحميله مسؤولية السماح للوفد الاميركي بالتجول في منطقة بالغة الخصوصية خصوصا في هذه المرحلة التي تطوى فيها صفحة الماضي بين لبنان وسوريا...