ايرانيات في سوق بالنجف

يلاحظ في الاونة الأخيرة دخول الرداء الشعبي للايرانيات، الذي يطلق عليه quot;الشادورquot;، إلى العراق وبدأ يبعد العباءة العراقية التقليدية عن اجساد العراقيات اللواتي يرتدينها احتشامًا وذلك على الرغم من أن العباءة البغدادية تحمل الكثير من الخصوصية والتألق للمرأة العراقية.

بغداد:من مظاهر الغزو الاجتماعي التي اجتاحت العراق بعد سقوط نظامه السابق العام 2003، التأثيرات التي دخلت الى البلاد على العادات والتقاليد والممارسات بعد ان اصبحت حدود العراق مشرعة لكل وافد غريب. وواحدة من هذه المظاهر غزو الرداء الشعبي للايرانيات الذي يطلق عليه الشادور ويسميه العراقيون الجادر والذي اصبح يهدد بإزاحة العباءة العراقية التقليدية عن اجساد العراقيات اللواتي يرتدينها احتشامًا.

وعلى الرغم من أن العباءة البغدادية تحمل الكثير من الخصوصية والتألق للمرأة العراقية على الرغم من صيحات الموضة وتهافت دور الازياء على تقديم الجديد الا أنها بدأت تواجه تهديد الجادر الايراني لها تحت ذرائع وتبريرات منها التبادل الثقافي والحضاري بين الشعوب. وعادة ما تكون العباءة العراقية سوداء اللون لكن الجادر الايراني يحمل ألوانًا متنوعة وتزويقات مختلفة.

ولمعرفة الاسباب وراء انتشار لبس الجادر بين العراقيات على حساب عباءتهن السوداء التي عرفن بها اجتماعيًا وتاريخيًا، استطلعت quot;إيلافquot; آراء مجموعة من العراقيات ومن صناع الجادر والعباءة والمتاجرين بهما للوقوف على اسباب انتشار هذه الظاهرة ودوافعها.

تقول ايمان اسماعيل 21 سنة طالبة في معهد اعداد المعلمات ان ارتداء غطاء الجادر هو جزء من تقليد اعمى لا يحمل الكثير من الجمالية مقارنة مع العباءة العراقية التي كانت وما زالت محط تغني الكثير من الشعراء والكتاب. وتؤكد اهمية وجود خصوصية في لباس الشعوب. وتتساءل قائلة: quot;الايرانيات لا يلبسن العباءة العراقية ويعتزن بلبسهن والمفروض نحن كذلكquot;.

أما بان محمود، موظف 24 سنة، فيشير الى انه ليس quot;هناك قصور في لباسنا يجعلنا نلتفت الى تقليد الاخرين ونرتدي ما لا يمت لنا بصورة مطلقة والعباءة العراقية موروث اجتماعي توارثناه عن امهاتنا وجداتناquot;.

لكن ام علي تبدي تبريرات للبس الجادر الايراني معتبرة ان ارتداءه لا يعني قصورا في ازياء العراقيات وإنما هو جزء من موروث بيئي تربت علية اثناء نشأتها هناك في ايران التي كانت تعيش فيها لاجئة مع افراد عائلتها.

عراقيات بالعباءة التقليدية

ومن جهته يقول عبد الله الخزرجي، 35 سنة وصاحب محل بيع العباءات الجاهزة في منطقة الكاظمية ببغداد، ان القماش الذي يستعمل لصناعة الجادر يتم استيراده من ايران مضيفا ان الجادر يتميز برخص سعره أذ يبلغ الواحد منه 15000 دينار عراقي في حين ان العباءة العراقية الواحدة تكلف 25000 الف دينار اضافة الى ان خياطة العباءة مكلفة ولا يجيد خياطتها الا المتخصصون في ذلك من الخياطين.

ويشير صاحب معمل الايمان لخياطة الملابس حيدر الموسوي 56 سنة من مدينة الصدر الى ان هناك انواعًا كثيرة من القماش الذي يصلح للخياطة منه عباءة اوجادر في الوقت نفسه وله مسميات كثيرة كالخافير وشهرزاد ونرجس وسوبر كرستال. ويقول انه عادة ما تشترى هذه الاقمشة جاهزة من العراق دون خياطة من قبل الوفود الايرانية لأن سعرها ارخص مقارنة بايران. وتتراوح اعمار الذين يقبلون على لبس الجادر بين 15 إلى 30 سنة من النساء العراقيات بأعتباره موديلا بحسب قوله لكنه يستدرك قائلاً ان النساء المتقدمات في العمر يفضلن العباءة العراقية لأنها لا تلتصق بالجسم وليس عرضة للآنزلاق من الراس كما هو الجادر الايراني.

وتتم خياطة الجادر في مناطق الصدر والكاظمية في بغداد. ويقول إن العباءة العراقية مكلفة في خياطتها لأنها تستغرق جهدًا اكبر فهي تعتمد على الخياطة اليدوية اما الجادر فمن الممكن ان تتم خياطتة بالماكنة وهو الاسرع والاوفر في الجهد والوقت. واشار الموسوي الى الدول التي يتم استيراد تلك الاقمشة منها ويقول انها الصين واليابان واندونيسيا وكوريا، مضيفًا ان دوافع انتشار هذا الباس اقتصادية وتجارية بحتة.

اما جهاد الحسيني، 55 سنة موظف في قطاع التعليم، فقد اعتبر الجادر بانه زي دخيل وجزء من الغزو الاجتماعي الذي جاء من وراء الحدود ويهدف الى طمس معالم الشخصية العراقية من خلال تهميش مدلولاتها الاجتماعية والثقافية.

بينما تقول الباحثة الاجتماعية جنان عبد الخالق ان هناك فراغا من الناحية الثقافية نتيجة الفوضى ألعارمة والفراغ السياسي الذي يسود الساحة العراقية مما جعل المجتمع سهل الاختراق ونتيجة لذلك فقد طفت هذه المظاهر على السطح الاجتماعي للعراقيين.

واخيرًا رأى رجل الدين سلمان عباس الموسوي ان على المرأة ارتداء الزي الشرعي الذي يطالب به الاسلام سوى كان عباءة عراقية ام جادر ايراني. . مؤكدًا ان المهم هو الاحتشام وتغطية مفاتن جسد المرأة. واشار الى انه ليس الجادر الايراني وحده الذي ينافس العباءة العراقية فهناك مثلاً العباءة الخليجية التي بدأت تظهر في الاسواق وعلى اجساد العراقيات.