إسرائيل تهاجم quot;أسطول الحريةquot; ومقتل اكثر من عشرة اشخاص

إنعكست المشاركة الكويتية في أسطول الحرية الذي كان متجهاً إلى غزة على الوضع في الساحة السياسية الداخلية، واستطاع الحدث أن يخفف حدة الإحتقان السياسي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. وفي هذا السياق استصرحت إيلاف عددا من الناشطين للوقوف على أسباب الروح الجديدة التي تدب في الشارع الكويتي.

على الرغم من الخسائر البشرية التي ألحقتها قوات الكوماندوس الإسرائيلية فجر الاثنين الماضي بالمشاركين في أسطول الحرية، إلا أن المشاركة كانت لها نتائج إيجابية إنعكست على بعض الحكومات، ومن بين هذه الدول الكويت حيث كان لمشاركة الوفد الكويتي - الذي تكون من ثمانية عشر شخصا وضم النائب د.وليد الطبطبائي وناشطات - آثارها الإيجابية على الحكومة والشعب حيث وحدت بينهما، كما حدث تناغم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

ولوحدة الصف وجوه متعددة إنعكست على عدد من المواقف. فعلى الصعيد البرلماني شهد مجلس الأمة الأسبوع الماضي توافقاً حكومياً برلمانياً حول الموقف من الإعتداءات الإسرائيلية على المشاركين في قافلة الحرية.

ورغم أن طلب الإستجواب الاخير لرئيس الوزراء والذي تقدم به النائب خالد الطاحوس حول التلوث في منطقة أم الهيمان قد عكر صفو الأجواء بين السلطتين إلا أن كلمات أمير الكويت حين طالب الجميع بضرورة التعاون بين السلطتين ونبذ الخلافات السياسية من أجل وحدة الوطن ومواجهة التحديات المختلفة جاءت كالبلسم الشافي، فضلا عن أن الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح قام بإرسال الطائرة الأميرية لتقل الكويتيين المشاركين، إضافة إلى التعاطي الإيجابي للحكومة برئاسة الشيخ ناصر المحمد مع أبعاد أزمة أسطول الحرية وإعلان مجلس الوزراء في حالة إنعقاد دائم لحين عودتهم والإتصال الدائم بهم حتى وصولهم إلى الأردن، تجمعت كل هذه العوامل لتصب في خانة الوحدة الوطنية وتناسي الجميع الخلافات وغض الطرف عن الإنتماءات السياسية والأيديولوجية والطائفية والحزبية.

وفي قاعة التشريفات الأميرية إصطف الجميع يتقدمهم رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي، ورئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح وعدد من القيادات لاستقبال أبناء الكويت العائدين بعد مشاركتهم في اسطول الحرية.

مفخرة للكويت

في البداية قال ناصر الشليمي.. رئيس الجمعية الكويتية لمتابعة وتقييم الأداء البرلماني: لاشك أن أبناءنا وبناتنا الذين شاركوا في القافلة الإنسانية لأسطول الحرية يعتبرون مفخرة للكويت جميعا، واعتبر أنهم أعادوا دور الكويت العربي المميز الذي إفتقدناه منذ حرب العراق حتى الآن، حيث ما حدث في السابق كان توجه الكويت حكومة ومجلس الامة وكذلك الشعب لم يكن بالقدر الكافي تجاه قضايا الامة العربية وليس بالقدر نفسه من الحماس قبل مرحلة الحرب.

إستعادة دورها الإقليمي

وتابع: وهذه بشرة خير أن تستعيد الكويت مرة أخرى دورها الريادي والإقليمي في دعم القضايا العربية والإنسانية وما حدث من إستقبال رسمي وشعبي للعائدين دلالة واضحة بأن الحكومة سوف تنهج النهج السايق لما قبل الغزو، وماعبر عنه مجلس الأمة برفع توصية للحكومة بالإنسحاب من مبادرة السلام العربية هذه حقيقة تعتبر مفخرة ويعكس القناعة التامة لدى الشارع الكويتي بأن عملية السلام لم تعد مجدية مع اسرائيل التي تمارس القتل وإرهاب الدولة، وما حدث من اختطاف فهو بمثابة قرصنة بحرية.

واضاف: الإنعكاس الذي حدث على الساحة السياسية هو زيادة اللحمة بين الكويتيين، ونسي الناس الإستجواب المقدم لرئيس الوزراء. الكويتيون أكبر من الإستجواب وهذا الحدث بالتأكيد سيعكس إيجابية لدى رئيس الوزراء في الإستجواب، بل رفعت أسهم الحكومة ومجلس الأمة معا حيث أظهر الجانبان تعاوناً وتنسيقاً، وما حدث من إرسال للطائرة الأميرية فهو ليس مستغرباً، فهناك حالات فردية يرسلها أمير البلاد إلى الخارج للعلاج على الطائرة الاميرية وهناك حالات كثيرة.

ورأى الشليمي أن العلاقة حاليا بين السلطتين طيبة، وما حدث من نتائج في أزمة أسطول الحرية يمكن أن يبني عليها في العلاقة المستقبلية بين المجلس والحكومة، كذلك أظهرت الأزمة الوجه الإنساني المشرق لدولة الكويت والشعب الكويتي.

القضية الفلسطينية راسخة

ومن جانبه أكد أحمد العبيد.. رئيس الجمعية الكويتية للدفاع عن المال العام: أن القضية الفلسطينية ثابتة وراسخة في وجدان الكويتيين حكومة وشعبا، حيث هناك تفاعل قديم فمنذ 74 عاما شكلت لجنة لمناصرة الشعب الفلسطيني وشارك فبها عبدالعزيز الصقر وبعض رجالات الكويت حينئذ وهم من المؤسسين للتيار الوطني في الكويت، وكانت هذه اللجنة تهدف إلى جمع وتقديم المساعدات للشعب الفلسطيني في الثلاثينات من القرن الماضي، وبالتالي تفاعل الكويتيين بحبهم وإخلاصهم للقضية الفلسطينية قديما ولا ترتبط بأشخاص ولا سياسيين بقدر إرتباطها بالقضية نفسها.

وبيّن العبيد أن قافلة الحرية كانت ذات طابع إنساني وحقوقي بالدرجة الأولى تسعى إلى إيصال مساعدات لرفع المعاناة عن المحاصرين في غزة، والسؤال ألأهم الذي يجب أن يطرح هل وصلت هذه المساعدات الكبيرة والتي كانت تحملها بعض السفن أم تمت مصادرتها فهذا في النهاية هدف الرحلة الأساسي والمعلن، ومن المهم جدا معرفة مصير ما تم إرساله.

أما في الجانب الإعلامي السياسي فإن ما تم تسليط الضوء عليه جاء لصالح القضية الفلسطينية بمجملها وما تعانيه من غياب على المستويين الإعلامي والسياسي وأيضا الشعبي بالشكل المطلوب كما كان في السابق. واضاف: أعتقد بغض النظر عن كل التداعيات وما تم تداوله إعلامياً هناك حقيقة واحدة فالكل هم في النهاية على إختلاف مشاربهم يلتقون من أجل القضية الفلسطينية أمام المد الإنساني والحقوق العربية والإنسانية.

تخفيف الإحتقان

وحول إنعكاسات المشاركة الإيجابية لأبناء الكويت على الوضع السياسي بين السلطتين توقع العبيد أن هذه المشاركة فد تخفف من أجواء الإحتقان لكنها لن تستطيع أن تحجب التداعيات الأخرى والمتمثلة بوجود ملفات تستحق المعالجة والحسم وإتخاذ القرار سواء في ما يطرح في ملف البيئة أو في ملف الرياضة، والتقارب بين السلطتين مطلوب ويسعى إليه المواطنون قبل البرلمان والحكومة بأغلبية دوما، لكن هناك إستحقاقات أو ملفات إذا لم تعالج بشكل صحيح وعاجل بالتأكيد ستظل ملفات قابلة لإعادة الإحتقان واللعبة السياسية إلى المربع الأول.

معالجة حكومية

وبشأن توصية مجلس الأمة التي رفعت إلى الحكومة لانسحاب الكويت من مبادرة السلام العربية رأى العبيد: أن المسائل ذات الشؤون الخارجية أو الأمنية فيجب أن تعالج في إختصاص كل سلطة وتعاون السلطات الأخرى بمعنى أن ملف العلاقات الخارجية والملف الأمني ملفات ذات طبيعة تستوجب دورا تنفيذيا أكبر بالتعاون والرقابة مع مجلس الأمة لكن لا يجب أن تنجرف إلى رأي وضغط الشارع لأنها تمس العلاقات الخارجية للدولة ونظرا لوجود إلتزامات دولية ومصالح عليا للدولة وترتيبات أشقاء في الجوار والإقليم.

روح طيبة

ومن جهته تمنى الناشط السياسي أنور الرشيد..أمين عام مظلة العمل الكويتي quot;معكquot;: أن تستمر هذه الروح الطيبة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، كما تمنى ألا تكون هناك العاطفة هى التي تسير هذا الأمر بقدر ما يسيرها المنطق والعقلانية، مشددا على أن هذا يثبت أنه إذا أرادت السلطتان إنجاز شيء ما فهما إذن قادرتان على إنجازه، ومتمنيا أن التعاون الذي شاهدناه في أزمة أسطول الحرية أن ينعكس على الشأن العام والكويتي، وأن يتفهم الأخوة العرب هذه الروح الجديدة للكويتيين بأنهم مهما كانت الظروف التي مروا بها إلا أنهم أكدوا في أكثر من مناسبة وموقف تاريخي، وآخرها مشاركة كوكبة منهم في أسطول الحرية. وتمنى الرشيد حقيقة أن الروح السائدة اليوم في المجتمع الكويتي تنعكس بشكل إيجابي على المجتمع وأن تكون هناك إنجازات حقيقة.

وإستبعد الرشيد وجود رابط أو علاقة بين الإستجواب القادم لرئيس الوزراء وموقف المشاركة في أسطول الحرية وتقديم مساعدات لأبناء الشعب الفلسطيني في غزة، فمن حق النائب في مجلس الأمة أن يستجوب رئيس الوزراء والوزراء، والأمر الآخر يتعلق بعلاقات إقليمية ولا يوجد رابط بينها، مشددا على أن توصية مجلس الامة بالإنسحاب من مبادرة السلام العربية هي توصية فقط غير ملزمة ترفع بشكل رسمي للحكومة التي تقرر هذا الشأن، وبالتالي من حق الحكومة أن توازن هذا الطلب من مجلس الامة مع المتطلبات الإقليمية ولديها الحق في إتخاذ ما تراه مناسبا من قرار. ورأى الرشيد أن مشاركة بعض الكويتيين بأسطول الحرية ستؤثر تأثيرا مباشرافي التعاون بين السلطتين، متمنيا أن يستمر هذا التعاون الحالي بينهما بما يفيد مصلحة المجتمع والكويت.