بعد ورودها في البيان الختامي لقمَّة سليمان ndash; الأسد في دمشق، عادت قضيَّة ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا إلى واجهة الأمور السياسيَّة والقضايا المتداولة في الوسط اللبناني، خصوصًا بعد أن إشتمل التباحث فيها قضيَّة ترسيم الحدود البحريَّة وليس البريَّة فقط، إضافةً إلى ما أشيع عن الإمتعاض السوري من الطلب اللبناني، الذي رأى أنَّه يقدِّم خدمةً لإسرائيل والأجندات الغربيَّة لضغط على حزب الله ودمشق، ولا يراعي مصلحة الشعب اللبناني والسوري.

بيروت: عادت قضيّة ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا لتتصدَّر الأحاديث السياسيَّة في الوسط اللبناني، بعد ورودها في البيان الختامي للمحادثات التِّي أجراها رئيس الجمهوريَّة، ميشال سليمان، مع نظيره السوري، بشار الأسد، خلال زيارة الأوَّل إلى دمشق يوم الثلاثاء الماضي، وشمولها هذه المرَّة البحر لا البرَّ فقط، وما صدر في اليوم التَّالي من معلومات صحافيَّة عن وجود امتعاض لدى القيادة السوريَّة من إثارة سليمان هذه المسألة، وكأنَّها بند أساسي ووحيد لديه، في وقت تضغط فيه جهات دوليَّة على كلّ من بيروت ودمشق لإتمام هذه العمليَّة، لا مراعاةً لمصلحة البلدين بل خدمةً لإسرائيل.

هذا وتلقَّت أوساط رئيس الجمهوريَّة خبر quot;الإستياءquot; السوري باستغراب، ونقل عن لسان الرئيس سليمان أثناء انعقاد الجلسة الأخيرة للحوار الوطني وفي جلسة مجلس الوزراء الَّتي التأمت أمس لإقرار الموازنة، قوله إنَّه لم يلمس أي انزعاج سوري من طرحه قضيَّة التَّرسيم، لافتًا إلى أنَّ الرئيس الأسد، أبدى تفهُّمه لضرورة البدء بتنفيذ هذه العمليَّة خصوصًا أنَّ أراضي لبنانيَّة وسوريَّة متداخلة فيما بينها، كما جرى الإتفاق على أنّْ يجري التَّرسيم في البحر أيضًا خصوصًا بعد ظهور مؤشرات لوجود آبار نفط في المياه الإقليمية المحاذية للبنان.

كلام الرئيس سليمان ترافق مع تصريحات لوزراء قريبين منه وللأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني السوري، نصري خوري، نفت بدورها أنّْ تكون القيادة السوريَّة قد تحفَّظت على موضوع ترسيم الحدود، منوهةً في الوقت نفسه بما تضمَّنه البيان الختامي من دعم سوري لرئيس الجمهوريَّة ميشال سليمان.

وإذا كانت الأوساط اللبنانيَّة المتابعة قدرصدت باهتمام ما صدر عن قصر بعبدا وأوساطه من مواقف لدحض المزاعم الَّتي تحدَّثت عن وجود موقف سوري غير مرحِّب بما تقدَّم به سليمان خلال قمَّته مع الأسد لجهة إعادة مسألة التَّرسيم الَّتي سبق أن جرى عرضها في القمَّة قبل الأخيرة، فإنَّ هذه الأوساط لاحظت بالمقابل عدم صدور أي تعليق بهذا الشأن من الجانب السوري، وكأنَّه يعتمد في ذلك ما اتفق على تسميته بـ quot;الغموض البنَّاءquot;، الذي يترك للباحث تفسير الأمر وفقًا لتحليلاته واستنتاجاته، الَّتي قد تقوده إلى تأييد صحة المعلومات الصحفيَّة الَّتي نشرت عن التحفظ السوري المذكور أو استبعاده لها.

وتذكِّر هذه الأوساط في معرض قراءتها للموقف السوري بخصوص قضيَّة التَّرسيم، بما سبق أن أعلنته دمشق أكثر من مرَّة عن تحبيذها بدء عمليَّة التَّرسيم من الشمال وصولاً إلى الجنوب، فيما تؤكِّد استحالة أن يشمل هذا التَّرسيم مزارع شبعا الواقعة تحت الإحتلال الإسرائيلي.

ونقل عن الرئيس الأسد قوله في هذا الأطار quot;هل يعقل الطلب من إسرائيل أنّْ تنسحب من هذه المزارع لساعات حتَى يجري التَّرسيم على أن تعود إليها بعد انجاز المهمَّة؟quot;.

وتلفت الأوساط المذكورة إلى أنَّ الرئيس، فؤاد السَّنيورة، وخلال ترؤسه حكومته الأولى في العام 2006 أثار مسألة التَّرسيم مع وزير الخارجيَّة، وليد المعلِّم، خلال زيارته الأولى واليتيمة لدمشق، فسمع منه وجهة النظر السوريَّة القاضية بانطلاق التَّرسيم من الشمال، كما إنَّ رئيس الحكومة، سعد الحريري، وخلال لقائه الأوَّل مع الرئيس السوري، أعاد عليه الأخير ما سبق أن أبلغه المعلِّم للسنيورة.

أمَّا رئيس الجمهوريَّة، ميشال سليمان، وبعد عودته من قمَّته الثانية مع الأسد قبل نهاية العام الماضي، أبدى تفهمًا لوجهة النظر السوريَّة بخصوص التَّرسيم، وهذا ما أبلغه لنقابتي الصحافة والمحررين، والمجلس الوطني للإعلام، وممثلي وسائل الإعلام المرئيَّة والمسموعة، خلال لقائه معهم في قصر بعبدا بمناسبة الإحتفال بذكرى عيد الإستقلال في العام الماضي.