بدأ الصراع على خلافة مائير داغان في أعقاب الإعلان عن نيَّة عدم تمديد فترة ولايته في رئاسة جهاز الموساد لسنة تاسعة، وذلك على الرغم من الإعتقاد السائد لدى الجهات الأمنيَّة المختصَّة، بأنَّه لن يتم تعيين رئيس جديد للموساد إلاَّ بعد تعيين رئيس جديد لأركان الجيش الإسرائيلي خلفًا لغابي أشكنازي في غضون الأشهر القليلة المقبلة.
تل أبيب: أثارت التسريبات الإعلامية التي رجحت عدم تجديد خدمات رئيس جهاز الاستخبارات الاسرائيلي مائير داغان، المقرر انتهاؤها أواخر العام الجاري، تكهنات متباينة بشأن ما يدور في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وفي حين نفى ديوان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تقدم داغان بطلب تمديد عام اضافي، وقال في بيان quot;إن داغان لم يراجع نتنياهو بهذا الخصوصquot;، إلا أن القناة الثانية الإسرائيلية أكدت الخبر ونقلت عن وزير المالية يوفال شتناينتش قوله quot;إنه ليس من المنطق أن يشغل إنسان منصبًا إلى الأبدquot;، كما نقلت عن وزير شؤون المخابرات دان ميريدور قوله quot;إنه يتعين تشكيل لجنة خاصة لاختيار الرئيس الجديدquot;.
إلى ذلك، ابقى رئيس جهاز الموساد مئير داغان الغموض محيطا بمستقبله على رأس جهاز الاستخبارات الاسرائيلي الذي شهد اخفاقات متعددة فيما تكثر الشائعات حول رفض رئيس الوزراء تمديد ولايته كما ذكرت الاذاعة العامة الاسرائيلية.
وقال داغان الذي نقلت تصريحاته الاذاعة العامة الاثنين quot;كل ما تسمعونه هو بالونات اختبار تطلقها وسائل الاعلام. كما يمكنكم ان تلاحظوا، ذلك الذي يعتبرونه انتهى يقف هنا امامكم، ليس هناك من داع للقلقquot;. وادلى بهذه التصريحات خلال اجتماع لمتقاعدي الموساد عقد مساء الاحد في جامعة تل ابيب بحضور الرئيس شيمون بيريز.
وقال بيريز ان quot;عمليات الموساد تجري باكبر قدر من التكتم، وحدها الاخفاقات تكشف في بعض الاحيانquot;. واضاف quot;رغم ان بعض العمليات (السرية) اساءت الى علاقات اسرائيل الدبلوماسية فان هيبة الموساد تبقى كما هي لدى الاجهزة الاخرى في العالمquot;. وحرص مئير داغان بحسب الاذاعة على نفي معلومات وسائل الاعلام الاسرائيلية التي افادت ان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو رفض طلبه تمديد ولايته سنة اثر الاخفاقات الاخيرة للموساد.
أما إذا صدقت أنباء إقالة داغان من منصبه، فإنه سيكون بذلك الأخير ضمن سلسلة استقالات قادة في جهاز الاستخبارات (الموساد) على خلفية فشله في محاربة الفلسطينيين بدءاً من استقالة إرايم هالي رئيس الجهاز عقب فشل اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماسخالد مشعل، في الأردن قبل أعوام، وصولاً إلى إقالة داغان بحلول نهاية هذا العام.
ولا يستبعد ان يعين لرئاسة quot;الموسادquot; أحد الجنرالات الذين سيخسرون السباق على خلافة أشكنازي في رئاسة الاركان وذلك كجائزة ترضية. وبما ان الميجر جنرال يوآف غلانت قائد المنطقة الجنوبية يعتبر من أقوى المرشحين لخلافة اشكنازي فانه إذا خسر في السباق فلا يستبعد ان يعين رئيسا لـquot;الموسادquot;.
ومن بين أقوى المرشحين الآخرين لخلافة مئير داغان في رئاسة quot;الموسادquot; رئيس جهاز quot;الشاباكquot; يوفال ديسكين الذي سينهي رسميًا مهام منصبه في ايار مايو من العام المقبل، غير ان رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو لن يجد صعوبة في تقديم موعد اعتزال ديسكين منصبه هذا اذا قرر تعيينه رئيسا لـquot;الموسادquot;.
واللافت ان كبار مسؤولي quot;الموسادquot; يفضلون تعيين مرشح من داخل هذا الجهاز، وطرح في هذا السياق اسم حغاي هداس من كبار قادة الجهاز سابقا، والمسؤول عن ملف المفاوضات حول الافراج عن جلعاد شليط. وكان مكتب رئاسة الوزراء الاسرائيلية نفى الليلة قبل الماضية التقارير الإعلامية التي تحدثت عن رفض نتانياهو تمديد ولاية مئير داغان عاما آخر في منصبه، وجاء في بيان أصدره الديوان أن quot;السيد داغان لم يراجع رئيس الوزراء بهذا الخصوص ولم يطلب تمديد ولايتهquot;.
وقد أرجعت صحيفة quot;هآرتسquot; الإسرائيلية الاستغناء عن خدمات داغان التي اعتبرتها في حكم المؤكدة الى اسباب داخلية وخارجية عدة، منها توتر علاقاته وتصاعد خلافاته مع كبار مساعديه ولاسيما نائبيه، حيث استقال احدهما بينما عمد داغان الى اقصاء الثاني بنفسه، متهمًا إياه بالقيام بتسريبات للصحافة، وشددت الصحيفة على أن عملية اغتيال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) محمود المبحوح في دبي، في يناير الماضي، وما كشفت عنه من تورط اسرائيلي في عملية تزوير كبيرة لجوازات سفر لمواطني دول غربية عدة، بالإضافة إلى فشل quot;الموسادquot; في جمع معلومات عن السفينة التركية quot;مافي مرمرةquot; هما العاملان الأساسيان الذان قادا الرجل الى حافة الهاوية.
وعلى الرغم من تصاعد حدة الانتقادات داخل اسرائيل لأداء المؤسسة العسكرية والأمنية في الفترة الأخيرة، ألا أن أصواتاً يمينية أشادت بما سمته انجازات الموساد تحت قيادة داغان التي قالت إن منها quot;تصفية قائد شعبة العمليات في (حزب الله) اللبناني عماد مغنية، وتقديم المعلومات الاستخبارية التي سمحت للطيران الإسرائيلي بقصف المنشأة البحثية في شمالي شرق سوريا، استهداف سفن محملة بالأسلحة في البحر الأحمرquot;.
إلا أن مصدرًا مقرّبًا من وزارة الحرب الاسرائيلية قال لصحيفة يديعوت احرنوت quot;ان القيادة السياسية في اسرائيل مقبلة على عام شديد الحساسية تتزايد فيه احتمالات الحرب على أكثر من جبهة، الأمر الذي يستوجب استبدال جميع قادة أجهزة الأمن حيث تنتهي ولاية اشكينازي مطلع العام المقبل، ومثله رئيس جهاز الشاباك يوفال ديسكين، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية عاموس يدين، وتنتهي ولاية قائد ما يسمى الجبهة الجنوبية الجنرال يوؤاف جالانت، وقائد ما يسمى الجبهة الشمالية غادي ايزنكوت نهاية العام الجاريquot;.
يذكر أن فشل داغان جاء مزدوجاً حيث صعد بعد توليه من عمليات الاغتيال والعمليات الخاصة في محاولة لاستعادة قوة ردع الموساد التي اضحت في وضع حرج بعد فشل محاولة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس) خالد مشعل في عمان عام ،1997 التي أدت إلى استقالة رئيسه وقتها الجنرال داني ياتوم.
ويتفادى داغان صاحب القامة القصيرة والمولود في روسيا، عادة، التفاخر علنًا بإنجازات جهازه، لكن الإحراج الدبلوماسي الذي اثاره اغتيال المبحوح جهازه بتنفيذه يعطيه سبباً إضافيا للبقاء في الظل. كما يدين بمنصبه هذا الى ادارته النشطة للحملة الانتخابية التي اتاحت لشارون تولي السلطة العام 2001 ويعد اليوم من اكثر المترددين على القدس حيث مجلس الوزراء الذي ليس عليه عادة ان يستقبله أكثر من مرتين فقط في الشهر.
ويقول الخبير في شؤون الاستخبارات الإسرائيليةرونن برغمان quot;ان داغان وهو قائد سابق للواء مدرعات، اصبح فعليًا على مدار السنين الرجل القوي لـquot;الموسادquot; اذ يعد رأيه حاسمًا في معظم ملفات السياسة الخارجية الكبرى، وقد قام بالاستغناء عن عدد كبير من عناصر الجهاز بلا ترددquot;، ويضيف برغمان أن لداغان قاعدة شهيرة، وهي عندما تكون هناك تلة يجب اجتياحها مهما انطوى على ذلك من مخاطر.
التعليقات