الحكيم ينتقد إبعاد الشيعة عن الحكم ويطالب بالشراكة

الحكيم يلقي كلمته بمقر المجلس الأعلى الاسلامي

حذر زعيم الائتلاف الوطني العراقي من إطالة فترة تعطيل إنعقاد جلسات مجلس النواب بذريعة عدم الوصول إلى إتفاقات بين الاطراف السياسية لاختيار رئيسي الجمهورية والحكومة، وانتقد إبعاد الشيعة الذين يمثلون أكثرية الشعب العراقي عن الحكم لمدة 80 عامًا ورحب باجتماع زعيمي كتلتي العراقية اياد علاوي وائتلاف دولة القانون نوري المالكي، معبرًا عن أمله في أن تدفع هذه اللقاءات بإتجاه تشكيل حكومة الشراكة الوطنية.

شدد زعيم الائتلاف الوطني العراقي عمار الحكيم في كلمة له خلال المنتدى الثقافي الاسبوعي الذي ينظمه المجلس الاعلى الاسلامي برئاسته في بغداد بحضور جمع من المواطنين والوجهاء والسياسيين على اهمية الشراكة الحقيقية لبناء عراق مستقل و مستقر ومزدهر على ان العراق لن يستطيع التخلص من مشاكله وازماته، دون ان تتوفر الشراكة الحقيقية لأبناء الشعب بكل اطيافهم ومكوناتهم وتوجهاتهم وانتماءاتهم سواءً كانت مذهبية او دينية او قومية.

وفي انتقاد غير مباشر للحجج التي يستند اليها ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء في ترشيح زعيمه نوري المالكي نظرًا لحصوله على إعلى الاصوات خلال الانتخابات التي جرت في اذار (مارس) الماضي قال الحكيم quot;ان منطق الأنا الذي ينسب كل الايجابيات للرجل الواحد والحزب الواحد والكتلة الواحدة ويرمي بالسلبيات والتبعات على الاخرين مثل هذا المنطق لا يمكن ان يحقق الشراكة الحقيقية بين ابناء الوطن الواحد.. ان المنطق الذي يختزل الانتصارات والربح لصالح طرف محدد ويرمي الخسارة والانهزام على الاخرين لا يمكن ان يحقق الشراكة الحقيقية لأننا بحاجة الى ان نرى النصر الكبير في نصر العراقيين جميعًا، والربح الاكبر في سعادة المواطن العراقي في تلبية طموحاته واحتياجاته الضرورية لأن القوة الحقيقية انما تكمن في التحالفات الوطنية الواسعة التي تحقق التمثيل الواسع والمشاركة الحقيقية لجميع الاطياف والتلاوين الطيبة للشعب العراقيquot;.

واضاف قائلاً quot; متى ما تجاوزنا الانانيات وانصفنا الآخرين وانفتحنا على من نتفق معهم في الرأي ومع من نختلف معهم ومتى ما وسعنا فكرنا وصدورنا وفتحنا عقولنا لجميع العراقيين على اختلاف توجهاتهم متى ما قدمنا مصالح البلاد الكبرى على أي مصلحة مذهبية او شخصية او فئوية في ذلك اليوم سنكون قريبين من تحقيق الشراكة الحقيقية بين ابناء هذا الوطنquot;.

وقال ان من حق البعض ان يستذكر حجم الاصوات والمقاعد التي حصل عليها ويتبجح بها هنا وهناك ولكن من حق الاخرين عليه ان يستذكر أصواتهم وعدد المقاعد التي حصلوا عليها فسيجدها تفوق حصته وعدد أصواته ومقاعده بأضعاف مضاعفة لا بد ان ننظر الى هذا الحق من جانبين وليس من جانب واحد ان هذا يجعل الجميع امام أستحقاقاتهم الواسعة واذا كانت الديمقراطية تعني الاكثرية فلا بد ان ننظر الى هذه الاكثرية من جهتين من ناحية عدد المقاعد التي حصل عليها هذا الطرف او ذاك وعدد النواب الذين هم مستعدون ليصوتوا لصالحه ولكن الاكثرية تعني ايضًا عدد النواب الذين يريدون التصويت لصالح الاخر وبهذا نكون قد حققنا الديمقراطية ولاحظنا مبدأ الاكثرية بشكل صحيح وعادل.. اننا معنيون في ان ننظر الى الديمقراطية بعينين وليس بعين واحدةquot;.

وانتقد الحكيم ابقاء جلسات مجلس النواب مفتوحة منذ اول انعقاد له في الرابع عشر من الشهر الماضي من دون انتخاب رئاسته او اختيار رئيسي الجمهورية والحكومة وقال quot;أبتعدنا عن يوم انعقاد مجلس النواب اسبوعين ولم يبق الا أسبوعين لنختار رئيسًا لمجلس النواب ونائبيه وينتخب السادة النواب رئيساً للجمهورية بحسب النصوص الدستورية الواضحة التي لا مجال لتفسيرها بتفسيرات خاطئة أمامنا أسبوعين حتى يتحقق الانتخاب من اعضاء مجلس النواب رئيس مجلس النواب ورئيس الجمهورية وهذا يتطلب جهداً مضاعفاً من الاطراف السياسية للوصول الى اتفاقات فيما بينهم لتحقيق هذا الغرض المهمquot;.

وحذر quot;من خرق آخر للدستور إضافة الى الخروقات التي حصلت في المدة السابقة لأطالة هذا الامد تحت ذريعة عدم الوصول الى الاتفاقات بين الاطراف السياسيةquot;.. وشدد بالقولquot;لنحترم الدستور ونلتزم بمواده لأنه المرجعية القانونية الوحيدة التي يمكن ان نجتمع عليها ولو اعتدنا على خرق الدستور في هذه القضية او تلك فسوف لن يبقى لهذا الدستور حرمة... اننا نحذر بشدة من هذه التأويلات والتفسيرات والخروقات لأن الالتزام بالدستور اهم من أي اعتبار آخر والاختلافات على التفاصيل هنا او هناك وذلك يتطلب أبداء المرونة من جميع الاطراف السياسية ومادامت بعض الاطراف متصلبة بمطاليبها وغير مستعدة لأن تسمع وتتداول وتناقش الاراء الاخرى المطروحة فستبقى هذه الازمة على حالها.. وكفى تصلباً لنأتي ونتعامل بمرونةquot;.

وحول اجتماع زعيمي الكتلتين العراقية اياد علاوي ونوري وائتلاف دولة القانون نوري المالكي قال الحكيم quot;اننا نرحب بأي لقاء من شأنه ان يقرب وجهات النظر كما اننا نرحب بأي تواصل بين الاطراف السياسية لتعزيز اللحمة الوطنية يبعدنا عن الحسابات والاشكاليات ونتمنى ان تكون مثل هذه الخطوات قادرة على ان تدفع الامور بأتجاه تشكيل حكومة الشراكة الوطنية ومعالجة الحسابات والاشكاليات التي تقف بين هذا الطرف او ذاك ولعلها تسهل ايضًا عملية عقد الطاولة المستديرة التي توحد رؤيتنا وتوفر الفرص والمناخات الملائمة التي بها ننطلق لتحقيق طموحات الشعبquot;.

ثم تحدث الحكيم عن مواجهة النظام السابق من قبل المواطنين ورجال الدين قائلا quot;تصادف اليوم الذكرى السنوية لأنتفاضة السابع عشر من شهر رجب بعد ان قامت السلطات العراقية بإعتقال الامام الشهيد الصدر (آية الله محمد باقر الصدر الذي نفذ فيه النظام السابق الاعدام) وسرعان ما أنتشر الخبر بين الاوساط العراقية كسريان النار في الهشيم فأسرعت الجماهير والحشود الغاضبة لتخرج في النجف الاشرف وفي كربلاء وعدد من المحافظات العراقية في الفرات الاوسط وبغداد وديالى حتى فوجئ النظام بخروج هذه الحشود الكبيرة من هذه الجماهير الغاضبة في سبع او ثماني محافظات تنادي وتطالب بإطلاق سراح الامام الشهيد الصدر في تلك الظروف الصعبة وتلك الاجواء الظلامية التي كانت تمارس فيها أشد ألوان الضغط على المواطنين فكانت رسالة مدوية بوجه النظام الصدامي عبرت الجماهير من خلالها عن مستوى المحنة التي يعيشها ابناء الشعب العراقي كما انها كانت رسالة واضحة الى المحيط العربي والاقليمي والدولي وأصبح لها تأثير كبير وكانت بداية لسلسة من الانتفاضات الواسعة والثورية لأبناء شعبنا أنتهت بأسقاط نظام صدام ولو بعد حينquot;.

واضاف ان quot;هذه المسيرات الغاضبة إستطاعت ان تقف بوجه المخطط الصدامي وافشاله حيث كانت الخطة في ان يؤخذ الامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر الى بغداد وتحدث محكمة شكلية سريعة ويحكم عليه بالأعدام ولكن هذه المسيرات حالت دون تحقيق هذا المخطط وقد أعيد الامام الشهيد الصدر في نفس اليوم الى بيته وأجبر على الاقامة حتى أستشهدquot; في اشاره الى اعدامه في نيسان (ابريل) عام 1980 ومعه شقيقته بنت الهدى التي اشار الى انها خرجت quot;في ظاهرة غير مألوفة بعد اعتقال الامام الشهيد الصدر الى الصحن العلوي في النجف ونادت بالجموع واخبرتهم باعتقال الامام الشهيد الصدر ودفعت الناس الى الاحتجاج والتظاهر والمطالبة بأطلاق سراحه وفي هذا اليوم الدامي السابع عشر من رجب سقط العشرات من الشهداء واعتقل المئات من المؤمنين وطورد الالاف من المتظاهرين ولوحقوا في بيوتهم وكان حدثًا مدويًا في سماء العراق وهذه الانتفاضة حملت في طياتها رسائل مهمة حيث انها مثلت صرخة مدوية بوجه اولئك الطغاة وكانت رسالة واضحة الى المحيط الاقليمي والمجتمع الدولي كشفت وعبرت عن حجم المعاناة والمحنة التي يعيشها ابناء العراق كما انها ايضاً أربكت كل مخططات النظام السابق الذي بدأ يحسب حسابه للقيام بمواجهة أي خطوة مثل هذه الخطوات وقد جاءت لتعبر ايضا عن مستوى التفاف والتحام الشعب العراقي حول قيادته المتمثلة بالمرجعية الدينية والامام الشهيد الصدر والعلماء الاعلامquot;.

واوضح ان النظام حاول ان ينعت هذه الانتفاضة بالأنتفاضة الطائفية ولكن الخطاب السياسي الوطني والوحدوي للصدر quot;قد ضيع الفرصة على النظام الصدامي في كيل الاتهامات الطائفية للحركة الشعبية والوطنية التي انطلقت بمنطلقات عراقية وليست منطلقات فئوية ومن خلال هذا العمل أدرك النظام ان التحرك الاسلامي له تأثير كبير على أبناء الشعب العراقي وان وجود المد الاسلامي في داخل العراق ووجود المرجعيات الدينية والعلماء الاعلام والشعائر الدينية تمثل خطراً كبيراً على حكمه واتخاذه القرار في اعقاب هذه الانتفاضة لضرب الوجود الاسلامي والحوزة العلمية في النجف الاشرف والتضييق على الشعائر الدينية وبدأت عملية التضييق بالملاحقة والاعدامات والسجون التي امتلأت بأبناء ورجال الحركة الاسلامية وطالت عموم المؤمنين المنتمين الى الحركة الاسلامية في هذا البلد وبعدها تطورت الحالة وهاجر شهيد المحراب (اية الله باقر الصدر زعيم المجلس الاعلى السابق الذي قتل في النجف بانفجار مفخخة في اب اغسطس العام 2003 لدى عودته من ايران) وبدأ بإيجاد وانشاء اولى المجموعات الجهادية التي تطورت لاحقًا وأصبحت فيلق بدر ليقوم بمواجهة النظام الصدامي وتخليص الشعب العراقي وتحريره من براثن ذلك النظامquot;.

كما استذكر الحكيم ثورة العراقيين ضد الاستعمار البريطاني وقال quot;في مثل هذا اليوم في الثلاثين من حزيران عام 1920 ذكرى ثورة العشرين هذه الثورة الخالدة والملحمة الوطنية العراقية التي جسدت انموذجًا واضحًا في تلاحم هذا الشعب ووقفته وتضحياته الجسيمة لتحقيق السيادة الوطنية والاستقلال الكامل وأبعاد المحتل البريطاني ـ آنذاك ـ من الاراضي العراقية ولثورة العشرين الدور الكبير حيث أصبحت من النقاط الواضحة في تأريخ هذا الشعب المجيد وكان للعشائر العراقية الدور الكبير في الاستجابة لنداء المرجعية الدينية والعلماء الاعلام الذين طالبوا عموم الناس والمواطنين بالخروج في مسيرات احتجاجية والتهيؤ لمواجهة المحتل آنذاك وخرجت العشائر وانطلقت أولى شرارة الثورة في مثل هذا اليومquot;.

وقال quot;لكن هؤلاء الناس الذين كان لهم الدور الكبير في النهوض فوجئوا بمعادلة ظالمة أبعدوا من خلالها عن المشاركة الحقيقية في إدارة الدولة وتلك المعادلة الظالمة التي غابت عنها المشاركة الحقيقية في ادارة الدولة غابت عنها ايضا الشراكة الوطنية وأصبحت بداية وانطلاقه لأرباكات كبيرة في المشهد العراقي أمتدت الى ثمانين عاماً منذ تاسيس الدولة العراقية العام 1921.. في اشارة الى قيادة علماء الشيعة في الجنوب لهذه الثورة التي امتدت فيما بعد لجميع انحاء العراق وشاركت فيها جميع الطوائف والفئات.

وخاطب الحكيم العراقيين قائلا quot;أعلموا بأنكم قد حصلتم على هذه الحرية وعلى هذه الديمقراطية التي تعيشونها الآن لأنكم قدمتم الكثير من التضحيات حتى وصلتم الى ما وصلتم اليه وحينما غابت الشراكة الحقيقية وقعنا في هذه الثغرات والمطبات وتحمل البلد الكثير من المعاناة على مدار ثمانين عامًا لذلك علينا اليوم ان نقف ونستذكر أهمية الشراكة الحقيقية لبناء عراق مستقل و مستقر ومزدهر ولا يمكن ان نصل الى عراق بهذه السمات دون ان تتوفر الشراكة الحقيقية لأبناء هذا الشعب بكل اطيافهم ومكوناتهم وتوجهاتهم وانتماءاتهم سواءاً كانت مذهبية او دينية او قومية يجب أن يكونوا شركاء حقيقيين لبناء العراق المستقل المزدهر الآمنquot;.

وشدد على ان quot;الشراكة الحقيقية هي المدخل وان قوتنا بوحدتنا وسيادتنا وأستقلالنا في القرار السياسي لا يحصل الا حينما تتوحد رؤيتنا تجاه القضايا الاساسية والحاسمة في بلادنا وبدون الرؤية الموحدة وبدون النظرة الواضحة الوطنية العراقية تجاه القضايا الحساسة لايمكن ان تتحقق هذه القوة امام الاعداءquot;.

وقاتل ان هناك من ينتقد التدخلات الاجنبية ومن يتحدث عن اجندة اقليمية او دولية للتدخل في الشأن العراقي وهذه مشكلة أذاً فما هو الحل ؟ الحل هو ان نكون موحدين ومتماسكين وان تكون لنا رؤية واحدة وان ننطلق منا منطلق واحد ولسان واحد وقول واحد ومادام الاختلاف يدب فينا فسيجد الاخرون ثغرة بيننا. ان الاستقلال الوطني السيادة الوطنية العراقية والقرار العراقي المستقل انما يحصل حينما نكون موحدين على رؤية واضحة وموقف واضح ولا يمكن ان تحصل هذه الرؤية الواضحة الا بالشراكة الحقيقية وليس الشراكة الشكلية ليست شراكة المصالح العابرة والآنية ليست الشراكة الجزئية التي تعزز الانشقاقات بين ابناء الشعب الواحد.. ليست الشراكة الوهمية التي تعتمد على شخصيات ليس لها تمثيلاً حقيقياً في مناطقها ومكوناتها.. نتحدث عن الشراكة الحقيقية وهي شراكة الاقوياء وهي شراكة في السراء والضراء وفي الشدة والرخاء وفي النجاحات والاخفاقات هذه هي الشراكة الحقيقية التي يمكن ان تحقق الاستقرار العراقي وتساعد على تعزيز الاستقلال والوحدة الكاملة لبلادناquot;.

وعلى صعيد الحوارات الجارية بين الكتل السياسية فقد بحث وفد من القائمة العراقية برئاسة القيادي فيها اسامة النجيفي مع الحكيم السبل الكفيلة بالاسراع بتشكيل الحكومة المقبلة وضرورة
quot;الالتزام باستحقاقات المدة المتبقية لتشكيل الحكومة التي يجب الالتزام بها و انجاز استحقاقات الشعب العراقيquot; كما قال بيان عقب الاجتماع. واشار انه قد تم التطرق في الاجتماع الى العلاقات القوية بين quot;العراقيةquot; والمجلس الاعلى الاسلامي وتشكيل حكومة شراكة وطنية يكون فيها المجلس الاعلى ركنًا اساسيًا.

ويبدو ان هذا الاجتماع جاء لطمأنة الائتلاف الوطني بان اي تفاهمات بين القائمة العراقية وائتلاف دولة القانون لن تكون على حساب اي كتلة اخرى لان القائمة التي تتمسك بحقها الدستوري في تشكيل الحكومة باعتبارها الفائزة في الانتخابات تصر على مشاركة جميع القوى في الحكومة المنتظرة.