أكد أساتذة وخبراء مصريون ضرورة تعزيز التعاون في مجال التعليم العالي مع دول المنبع في حوض النيل لاحتواء الأزمة التي نتجت عن توقيع الاتفاق الإطاري الجديد الذي يعيد توزيع مياه النهر، وهو ما رأته مصر ضد مصالحها.
شدد أساتذة وخبراء مصريون في حديثهم إلى quot;إيلافquot; على أهمية إنشاء فروع للجامعات المصرية في دول منبع حوض النيل وأن تدعم الحكومة هذا التوجه لنقل التكنولوجيا الى هذه الدول ومساعدتها على تجاوز مشاكلها وتحقيق أقصى إستفادة ممكنة من المياه المهدرة، وهو ما يضمن عدم تأثر حصة مصر من المياه فحسب وإنما زيادتها أيضًا.
وقال الدكتور أحمد مراد، أستاذ الطب في جامعة طنطا، إنه quot;بالحوار والتعاون فقط فى تنمية الموارد البشرية، والمشاريع العلمية المشتركة من خلال التعليم العالي والمبادرات التكنولوجية، يمكن أن يتم حل قضية مياه النيل دون الإضرار بمصالح أي دولة من دول الحوضquot;. وأضاف انه quot;بالتعاون العلمي تستطيع مصر أن تلبّي وتستجيب لطلبات دول حوض النيل وتقديم المساعدة الفنية في مجالات الزراعة والطاقة والريquot;.
ومن جانبه، قال مجدي توفيق عبد الحميد، باحث بالمركز القومي للبحوث ان أكثر من 90 ٪ من سكان مصر البالغ عددهم نحو 80 مليون شخص يعتمدون على مياه النهر، مشدِّدًا على ضرورة ان quot;يركز التعاون فى التعليم العالي على جوهر القضية وهي كيفية استخدام دول المنبع للمياه دون ان يؤثر ذلك على احتياجات مصرquot;.
ومن وجهه نظره quot;يمكن أن يتم ذلك من خلال تعزيز التعاون بين الجامعات فى دول حوض النيل في مجال هندسة الأنهار، بما في ذلك تطبيقات نظم المعلومات الجغرافية والسيطرة على الفيضانات، وإدارة الموارد المائية، ونقل الرواسب والتآكل، وتطوير الطاقة الكهرومائية، وأعمال التخزين.
ويجب ان تدعم الحكومة المصرية أيضًا الجهود التي تبذلها بعض الجامعات المحلية لفتح فروع لها في دول حوض النيل لتشجيع نقل التكنولوجيا إلى هذه الدول، وقد قررت مصر إنشاء فرع لجامعة الإسكندرية في مدينة جوبا بجنوب السودان، ويجب ان تشجع خطوات مماثلة في دول المنبع الأخرى، على حد قوله.
وقد وضعت مصر خطة للتعاون مع دول الحوض فى أعقاب الأزمة التي تفجرت عقب توقيع أربع دول يوم 14 أيار/ مايو على الاتفاق الإطاري فى مدينة عنتيبى بإثيوبيا، وتقوم الخطة على تشجيع مشاريع البحوث المشتركة وتبادل الموظفين بين مؤسسات التعليم العالي، وتقديم المنح الدراسية للطلبة الأفارقة.
كما تشمل الخطة تنظيم برامج تدريبية للعاملين في مجال الصحة الأفارقة، وكذلك تعزيز التعاون في مجال تشخيص الأمراض المعدية. ويجري حاليًا إنشاء مركز للأمراض المعدية في مصر بدعم من الاتحاد الأفريقي، وذلك لدعم البحوث في مجال الأدوية واللقاحات ضد الأمراض المتوطنة في أفريقيا مثل فيروس نقص المناعة البشرية الايدز والملا ريا والسل والبلهارسيا وغيرها من الأمراض.
وشدد عبد الحميد أيضًا على تعزيز برنامج بحوث حوض النيل، لتحفيز البحث العلمي في منطقة النيل، والمساهمة في الاستخدام السلمي للموارد من خلال منتدى جامعة النيل أو الشبكة الإقليمية الأكاديمية للجامعات فى دول حوض النيل.
وقد بدأ المنتدى في كمبالا في حزيران / يونيو 2009 بـ 18 جامعة حوض النيل، لتعزيز التعاون وتبادل الطلاب والموظفين والمناهج المشتركة في منطقة النيل عبر الحواجز اللغوية والثقافية.
وتملك مصر والسودان أكبر حصة من مياه النيل، وفقا لمعاهدة وقعت مع البريطانيين إبان الاستعمار في العام 1929 وتم تعديلها في العام 1959. وبموجب المعاهدة تملك مصر والسودان الحق في استخدام 87 ٪ من مياه النيل (حوالى 74 مليار متر مكعب: 55.5 مليار لمصر و 18.5 للسودان). إضافة الى منحهما حق الاعتراض على إقامة أي مشاريع للري على طول النهر قد تؤثر على حصتهما من مياه النيل.
ووقعت إثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا في 14 مايو / أيار الماضي على الاتفاق الإطاري التعاوني الجديد لإعادة توزيع مياه النهر دون مصر و السودان. وانضمت كينيا إلى الاتفاق في 19 من الشهر نفسه، فيما أجلت بوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية التوقيع لوقت لاحق.
وتصر القاهرة على عدم التوقيع على الاتفاقية إلا في حالة وجود نص صريح يحافظ على الحقوق والاستخدامات المائية الحالية، حيث تستند سياسة مصر المائية إلى محور جوهري يتمثل في عدم المساس بحقوقها التاريخية في مياه النيل وفقًا للاتفاقيات الموقعة بهذا الشأن.
التعليقات