وُصف هذا الانسحاب بالهزيمة البريطانية وبأن القوات الأميركية أجدر من قواتها بالدفاع عن البلدة.

لندن: أعلنت وزارة الدفاع في لندن سحب قواتها من بلدة سانغين المهمة بإقليم هلمند في جنوب أفغانستان وتسليم المنطقة للقوات الأميركية بحلول نهاية العام. ويذكر أن بريطانيا فقدت أكثر من 100 جندي في هذه البلدة وحدها، أو قرابة ثلث عدد قتلاها في عموم البلاد منذ بدء العمليات في العام 2001. وتعتبر سانغين quot;عاصمةquot; الأفيون الأفغاني وأحد معاقل طالبان تقليديا.

وكان محتما لهذا القرار أن يثير بعض التساؤلات والتكهنات التي تصب في اتجاهين: الأول هو أن طالبان - وبعض الأطراف البريطانية ايضا - ستعتبر القرار اعترافا من لندن بالهزيمة وبأن القوات الأميركية أجدر من قواتها بمهمة الدفاع عن البلدة.

والثاني، كما هو متوقع ايضا، أن عائلات الجنود البريطانيين القتلى في البلدة فقد اشتكت من أن قرار الانسحاب يعني اعترافا بأن أبناءها فقدوا أرواحهم نتيجة خطأ استراتيجي في المقام الأول. وتقول أصواتها إن تسليم البلدة للأميركيين إقرار ضمني بأن الجنود البريطانيين ظلوا طوال تلك الفترة معرضين لخطر أكبر من أن يكون بوسعهم التصدي له بأي قدر من النجاح.

لكن وزير الدفاع البريطاني، الدكتور ليام فوكس، سارع الى القول إن التشاور حول تسليم البلدة للقوات الأميركية بدأ قبل سنة، وإنه يعود لدواع استراتيجية - جغرافية تقضي بانضمام ألف جندي في البلدة الى اللواء البريطاني في الجنوب. وأشار أيضا الى أن هذا الأمر أتاحه وصول المزيد من جنود القوات الأميركية البرية الى البلاد.

وفي ردة فعل غاضبة، ضم النائب المحافظ والضابط العسكري السابق، باتريك ميرس، صوته لوزير الدفاع قائلا في تصريحات لفضائية quot;بي بي سيquot; الإخبارية: quot;تسليم البلدة للأميركيين إجراء روتيني ويجب ألا يعتبر بأي مقياس من المقاييس تقهقرا أو اعترافا بالهزيمة. من الطبيعي في أي تحالف عسكري مثل الموجود حاليا في أفغانستان أن تعمل قوات معينة تحت إمرة أجنبية، برغم أن هذا غير مرغوب. وطبيعي أن تتبادل القوات المواقع. ولكن أي إشارة الى أن القوات البريطانية خرجت من سانغين تجرجر أذيال الهزيمة تتجاوز صفة الانهزامية الى كونها مقززةquot;.

ويذكر أن الرئيس باراك اوباما أمر بإرسال 30 ألف جندي أميركي إضافيين الى أفغانستان. ويتوقع لمعظم هؤلاء أن ينشروا الشهر المقبل في هلمند وقندهار المجاورة. وسيكون هؤلاء جزءا مهما من quot;حملةquot; عسكرية جديدة ضد طالبان في سبتمبر (ايلول) المقبل بعيد انقضاء رمضان.
وتحت هذا الضوء، يبدو أن انسحاب القوات البريطانية quot;منطقيquot;.

لكنه يردد صدى انسحابها العام الماضي من البصرة وتسليمها للأميركيين. ووقتها ارتفعت أصوات تقول إن مسؤولين عراقيين وأميركيين يتهامسون في المجالس الخاصة بأن الانسحاب البريطاني إقرار لا مناص منه من جانب لندن بأنها فشلت في مهمتها الملقاة على عاتقها وهي تأمين جنوب العراق. فهل يعيد التاريخ نفسه الآن؟