الإسكندرية مصيف الجميع، بهذه السمة تتميز عروس البحر المتوسط عن باقي المصايف فى مصر . فهي لا ترد زوّارها سواء أكانوا اغنياء او فقراء ام حتى عربًا او اجانب، فمن يقصدها يستطيع أن يجد فيها ضالته. جذبت المدينة هذا الموسم روادًا من كل مكان ويلاحظ في الشوارع التي بدت مزدحمة بالناس طوال ساعات الليل والنهار، ألوانًا وأجناسًا مختلفة، الكل يستمتع بطريقته وبعاداته وتقاليده وثقافته المختلفة، وعلى حسب مستوى معيشته.
ويبقى الازدحام هو العنوان الأبرز فى المدينة هذا الموسم، في الشوارع والشواطئ وأماكن التنزه، الخاصة بالفقراء والأغنياء على حد سواء. لكن حالة الازدحام الكبيرة بالمدينة من المصطافين لها ما يبررها، وفق محمد عباس، مدير احد المطاعم السياحية. quot;الموسم مضغوط هذا العام، شهر ونصف فقطquot;، يقول عباس، مضيفا: quot;الناس تسابق وقتها قبل رمضان الشهر المقبلquot;.
بيد أن هذا الازدحام الشديد لا يمنع من رؤية حالة من التمايز الطبقي واضحة، لا تخطئها العين، فالفقراء لهم أماكنهم وشواطئهم الخاصة وطقوسهم التي تختلف بالطبع عن غيرهم من الأغنياء و ميسوري الحال الذين صنعوا عالمهم الخاص بهم فى شواطئ وأماكن فاخرة محاطة بأسوار عالية ورجال من حديد لتوفير قدر كبير من الخصوصية لاستعراض تقاليعهم الجديدة سواء أكان ذلك فى فى طريقة الملبس أم حتى الاستجمام.
ربما الحال على شواطئ ميامي وسيدي بشر والعصافرة والهانوفيل و٦ أكتوبر وغيرها من الشواطئ المجانية التى يصل عددها الى حوالى 20 شاطئ بطول ساحل المدينة يتشابه الى حد كبير. حالة ازدحام طوال ساعات اليوم المتصلة من المصطافين الذين تتجلى ملامح طبقتهم في نمط ملابس البحر التى يرتدونها وطقوسهم التى يمارسونها.
النساء ينزلن البحر بكامل ملابسهن سواء بجلابيب منزلية ام حتى بنطلونات وبودي هات، وغالبًا التي لا ترتدي غير ذلك تلفت إليها الأنظار بشدة كأنها من كوكب آخر. أما ملابس الرجال فتتنوع ما بين بنطلونات قديمة تم تقصيرها أو من مايوهات او ملابس رياضية رخيصة الثمن تباع بأقل من 10 جنيهات على الأرصفة او الباعة المتجولين.
ويأتي هؤلاء من المحافظات والأقاليم، ويحاولون اقتصاد التكلفة بقدر الإمكان بالاستغناء عن الشمسية والكرسي فيفترشون ملاءات او حصير يحضرونه معهم للجلوس عليه، ويقضى أوقاتهم بين النزول للاستحمام في البحر والجلوس على الشاطئ وفي الغالب يحضرون مأكولاتهم ووابير الطبخ ولوازم إعداد الطعام.
لكن على النقيض من هذا العالم، يجد عالم اخر مختلف تمامًا، شواطئهم وطقوسهم تعكس حالة التمايز الطبقي. تتمتع أماكنهم بالخصوصية الشديدة وتنتشر على شواطئ العجمي والمنتزه و التى تتراوح فيها إيجار الكبائن ما بين 900 جنية وألف جنية فى اليوم، و25 ألف جنية فى الشهر.
فى هذه الأماكن يبدو الطابع الغربي غالبا، ينزل المصطافون البحر بمظهر يختلف حسب درجة التحرر أو الثقافة وما إن كانت تقليدية أو أوروبية، فالبعض ينزل بمايوهات غالبا قطعة واحدة او قطعتين، لكن لا يمنع ذلك من دخول محجبات.
فبالرغم من ان بعض الشواطئ رفعت شعار quot;البكيني فقطquot;، إلا انه كان لافتا على شاطئ بيانكى الفردوس بالعجمي، الذى يقبل عليه مشاهير المجتمع والفنانين ويأتي اليه مصطافون من اوروبا والدول العربية، المايوه الشرعي والبكيني جنبا الى جنب، بالرغم من تعليماته المكتوبة لرواده بالنزول بملابس البحر.
وقد أثارت بعض الشواطئ بلبلة العام الماضي بمنعها دخول محجبات، بحجة عدم تماشي الحجاب مع المناخ العام فى هذه الشواطئ لأسباب تتعلق براحة زبائن هذه الأماكن الذين فى الغالب يكونون من المترفين.
وتعددت شكاوى بالتمييز ضد هذه الأماكن وصل مداها الى مجلس الشعب، عندما قدم احدهم استجواب الى رئيس الوزراء احمد نظيف ضد احد الشواطئ فى الإسكندرية بسبب منعه دخول المنقبات والمحجبات حيث ان معظم رواد الشاطئ من فتيات البكينى وحذر النائب من التحريض على الرذيلة فى استجوابه.
وتمثل المحجبات حوالى 90 % من اجمالى المصريات فى الوقت الحالي، بحسب تقديرات، وعلى الرغم من هذا العدد إلا ان الحجاب بات إشكالية مؤرقة لكلل من ترتديه، فالحكومة لا تطلب من الناس ارتداء ملابس معينة او عدم ارتداء ملابس أخرى، لكنها تترك في الوقت نفسه للملاك و مقدمي الخدمات حرية التصرف مع زبائنهم.
التعليقات