بدأت دبلوماسية الزيارات والاتصالات الهاتفية في كسر جمود العلاقة بين الرباط ومدريد، فرغم الصراعات بين البلدين إلا أن التقارب الجغرافي يفرض عليهما التعاون كما أن هناك مجموعة مصالح مشتركة بين العاصمتين.

الدار البيضاء: بعد أن وضعت quot;دبلوماسية الهواتفquot; حدا للتوتر الذي عرفته العلاقات الإسبانية ndash; المغربية، في الآونة الأخيرة، إثر المكالمة الهاتفية التي جرت بين العاهل المغربي الملك محمد السادس وملك إسبانيا خوان كارلوس الأول، جاء الدور على quot;دبلوماسية الزياراتquot;، التي سيدشنها وزير الداخلية الإسباني ألفريدو بريز روبالكابا، الذي ينتظر أن يقوم، الاثنين 23 آب (أغسطس) الجاري، بزيارة عمل للمملكة، حيث سيجري مباحثات مع نظيره المغربي، الطيب الشرقاوي، بمقر وزارة الداخلية بالرباط.

ويرى محللون أن هذه الزيارة ستكون مقدمة لزيارات مرتقبة بين وزراء مغاربة وإسبان، تمهيدا للقاء الذي يتوقع أن يجمع بين العاهلين المغربي والإسباني، والذي لم يكشف عن موعد محدد له.

وأفاد بلاغ لوزارة الداخلية، اليوم السبت، بأن هذا اللقاء سيتناول القضايا ذات الاهتمام المشترك، التي تدخل في اختصاصات الوزارتين، والمتعلقة بالتعاون الأمني، ومحاربة الهجرة غير المشروعة، وتهريب المخدرات والجريمة المنظمة، والإرهاب.

ووقعت أخيرا عدة حوادث بين الشرطة الاسبانية ومواطنين مغاربة في مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين.

وأعربت الرباط، في الثاني من اب (اغسطس) الجاري عن quot;استنكارها الشديدquot; إزاء لجوء الشرطة الاسبانية إلى quot;العنف الجسديquot; بحق quot;طالب مغربيquot; عند معبر مليلية الحدودي، لكن اسبانيا نفت هذه الرواية. وبعدها، أصدر المغرب مجددا بيانا شديد اللهجة اتهم فيه دورية مدنية لحراس الحدود الاسباني بعدم إغاثة ثمانية مهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء قبالة ساحل مغربي، وهم في حالة صحية حرجة.

وفي آخر حادث، منعت مجموعة من الناشطين المغاربة الخميس دخول شاحنات محملة بفواكه وخضار إلى مليلية، احتجاجا على ما قالت إنه تجاوزات ارتكبتها الشرطة الإسبانية بحق مواطنين مغاربة.

وقال تاج الدين الحسيني، خبير وأستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي، quot;بصفة عامة، لا أحد ينكر أن العلاقات المغربية الإسبانية كانت تمر، في الأسابيع الأخيرة، بأزمة لا ترتبط فقط بالبيانات التي أصدرتها الحكومة المغربية بخصوص المعاملة غير اللائقة لسلطات مدريد مع مواطنين يحملون جنسيات مغربية وآخرين من إفريقيا جنوب الصحراء، لكنها كانت تظهر من خلال عمليات استخباراتية نفذتها الأجهزة الإسبانية من خلال طائرات اخترقت المجال الجوي المغربي. وأيضا من خلال تلكأ الحكومة الإسبانية في قبول القيادي السابق في البوليساريو أحمد ولد سويلم سفيرا للمملكة في مدريد، وهذا كان من بين البوادر التي تعبر عن وجود أزمةquot;.

وذكر تاج الدين الحسيني، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;الحوار الهاتفي شكل وسيلة مثلى لوقف هذه الأزمة أو على الأقل تجميدها من خلال إعطاء التعليمات لتباثيرو من أجل تحريك عجلة الدبلوماسية، التي يعتقد أن زيارة وزير الداخلية الإسباني تدخل في إطارهاquot;.

وتوقع الخبير في العلاقات المغربية الإسبانية أن يتبادل عدد من الوزراء في الحكومتين الزيارات فيما بينهم ليس فقط لمعالجة ملف المعاملة السيئة التي يتعرض لها المغاربة من قبل السلطات الإسبانية، ولكن أيضا من أجل تفادي أي اصطدامات محتملة في المستقبل.

وأشار تاج الدين الحسيني إلى أن quot;الرباط ومدريد، رغم الصراعات التي تحدث بينهما، إلا أن الاستمرار الجغرافي يفرض عليهما التعاون، لا سيما مع مجموعة من المصالح المشتركة بين البلدين، خاصة إذا علمنا أن 800 شركة إسبانية لديها مشاريع استثمارية في المملكة، في حين أن 950 ألف مغربي يعيشون فوق التراب الإسباني، ويشكل قوة اقتصادية مهمة بالنسبة لبلدهمquot;.

وكان وزير الداخلية الإسباني أكد، أمس الجمعة، أن حكومة بلده تجمعها quot;علاقات ممتازةquot; مع المغرب، وقال إنه quot;واثقquot; من أن العلاقات مع المغرب ستعود إلى وضعها quot;الطبيعي في أقرب الآجالquot;.

وحرص وزير الداخلية، في تصريحات تناقلتها وسائل الإعلام الاسبانية، على إبراز التعاون الذي يجمع بين إسبانيا والمغرب في مجال مكافحة الإرهاب الدولي والتعاون في مجال الشرطة ومكافحة ترويج المخدرات والهجرة غير الشرعية.

وأكد الوزير الإسباني أن عودة العلاقات بين إسبانيا والمغرب إلى quot;وضعها الطبيعيquot; يعد quot;ذا فائدة كبيرة بالنسبة للمصالح الإسبانيةquot;، مضيفا أن الحكومة الاسبانية quot;تواصل الحوار على مختلف المستوياتquot; مع السلطات المغربية من أجل quot;توضيح الأحداث التي وقعت خلال الأيام الأخيرةquot;.