إيلاف وحدها كسرت حاجز الصمت في أزمة بلاك بيري

قرّاء إيلاف يحرصون على خصوصيّة اتصالاتهم

في الوقت الذي بلغت فيه أعداد المشتركين في خدمة هاتف quot;بلاك بيريquot; مئات آلاف الأشخاص في العالم، فإنّ قطاع غزة يراقب بشغف ما يدور في العالم من تعامل واستقبال لهذه الخدمة بالاستغراب والفضول أحيانًا كثيرة، ليدرك حجم الفجوة الرقميّة والتكنولوجيّة التي تفصله عن العالم.

ميرفت أبو جامع من غزة وملكي سليمان من القدس: يجهل الكثير من سكان قطاع غزة جهاز quot;بلاك بيريquot;، إلاّ أنّ الجدل المثار حوله في العالم دفع بكثيرين للتعرّف إليه، وبحسب خبراء فإنّ هذه الأزمة ستزيد من شهرة quot;بلاك بيريquot; في الفترة المقبلة.

وربما يكون لسعره الباهظ ورسوم تشغيل برنامج المسنجر الخاص به من أهمّ الاسباب التي أدّت إلى عدم إنتشار الهاتف الذكي بين أوساط الشباب الفلسطيني علمًا بأنّ هذا الجهاز مسموح التداول به في فلسطين ويقتنيه عدد محدود من رجال الاعمال والسياسة الذين نادراً ما يستخدمون برنامج المسنجر الذي أثار إستخدامه جدلاً في عدد من الدول الغربية والعربية. وتؤكد شركات الهاتف الخلوي في فلسطين أن البرامج التي يقدّمها هذا الجهاز متوافرة لمن يرغب مقابل مبلغ من المال.

ويقول مدير ديوان وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في حكومة غزة جلال إسماعيل: quot;إنّ خدمة بلاك بيري غير متوافرة في قطاع غزة بصورة كبيرة، وهي متاحة لأفراد معيّنينquot;مرجعاً ذلك إلى أن الجهاز غير متوافر بشكل واسع في القطاع وفي السوق المحلية الفلسطينية، بسبب الحصار المفروض على القطاع والذي بموجبه تمنع إسرائيل دخول أجهزة مكتبية وأجهزة اتصالات فضلاً عن ارتفاع أسعارها مقارنة بظروف سكانه.

وأشار إسماعيل إلى أنّ من يستخدمون الجهاز في غزة هم قلة ومعظمهم أتوا من دول الخليج مع فتح معبر رفح الحدودي أخيرًا، وأنّ آخرين يمتلكونه وهم من موظفي شركة الاتصالات الفلسطينية وبعض رجال الأعمال. ويتوقع إسماعيل أن يزداد عدد مشتركي الخدمة في قطاع غزة، ليس بسبب الضجة التي أثيرت حوله في العالم، وإنما لكونها خدمة جديدة وكثيرون يتوقون إلى استخدام التقنيات الحديثة واقتنائها.

وعن المخاطر التي يمكن أن يسببها استخدام quot;بلاك بيريquot; في قطاع غزة البالغ الحساسية الأمنية أشار إسماعيل إلى أن غزة ليست بعيدة عن المحيط الموجودة فيه، لافتًا إلى أن خطورته تكمن في أن الخدمة تتمتّع بالتشفير وأن هنالك مخاطر اجتماعية ويذكر منها حملات تبشيرية ومشاكل إجتماعية.

وعن إمكاني اتخاذ إجراءات مستقبلية لحجب الخدمة أو منعها بغزة لا يستبعد إسماعيل ذلك، ويشير إلى أنهم يتابعون ما يحدث في العالم بشأن استخدام الخدمة، وأنهم سيضعون التصورات اللازمة والضوابط لضبط استخدام الخدمة ودرء المخاطر المحتملة، متوقّعًا أن يزداد الإقبال عليها ويزداد عدد مستخدميها في الأعوام المقبلة. وقال: quot;أتوقع أن نواجه مشاكل ومصاعب بسبب الحصار والعقبات التي تعترض طريق الحكومة، وعراقيل أخرى كالتواصل مع الشركة الأم، للتفاهم بشأن الخدمة ومراقبتها، مؤكدًا أنّهم سيتغلبون على ذلك وسيجدون مخارج.

وبحسب إسماعيل فإنّ عدد مستخدمي خدمة الانترنت في قطاع غزة وصل إلى 100 ألف مشترك، هذا عدا الاشتراك عن طريق الهاتف أو الخلوي quot;الإسرائيليquot; ولا حصر لهم، ونحو 120 ألف متصفح للشبكة العنكبوتية، مبيّنًا أنّه رقم قليل مقارنة بالمشتركين في الضفة الغربية.

وكانت حكومة غزة قد قررت العام الماضي حجب المواقع الإباحية على الانترنت، ويقرّ إسماعيل أنّ هناك قصورًا في عملية الحجب، مؤكدًا أنهم سيستمرون في عملية الحجب حال توافرت الأجهزة والمعدات اللازمة لحجب كافة المواقع.

من جهته يشكك أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت نشأت الأقطش في المخاطر الامنية والاجتماعية التي تتحدث عنها الدول العربية كمبرر لحجب الخدمة: quot;إن الخلاف سياسي بالدرجة الأولى، لأن الحكومات تسعى لمعرفة كل ما يدور حولهاquot;، وأضاف: quot;المشكلة في وجود جهاز السيرفر في كندا. فلا يمكن لهذه الدول مراقبة المواطنين أو التجسس عليهمquot;.

وعن موقف السلطة من الخدمة يضيف الاقطش أن السلطة لم يصدر عنها شيء حتى اللحظة بشأن الخدمة ويبرر ذلك بأن الأمن الفلسطيني مخترق عربيًّا ودوليًّا وإسرائيليًّا، وأنّ هناك علاقات وتنسيقًا للأمن الفلسطيني مع جهات خارجية واستخبارات دولية، فلن يؤثر حجب الخدمة كثيرًا طالما أن الاختراق وارد، إلا أن إسماعيل يعارضه في ذلك ويقول: quot;لا نريد أن نزيد الاختراق إن كانت الخدمة تشكل خطرًا على الأمن الداخلي وعلى أمن المجتمع فإنّ قرار حجبها سيكون واردًا والأيام المقبلة كفيلة بذلكquot;.

وفي رام الله يقول مدير عام شركة quot;انترتكquot; علاء الدين في لقاء خاص مع ايلاف: quot;ان هذا الجهاز مرتفع الثمن ولكنه متوافر في فلسطين ويباع في الاسواقquot; منوّها بأنّ برنامج المسنجر يحتاج الى ترددات عريضة واسعة النطاق واسرائيل تماطل في توفير هذه الترددات لشركات النقال الفلسطينية لذرائع تدعي بأنها أمنية وتاليًا يبقى هذا الجهاز من دون المسنجر الخاص به كأيّ جهاز خلوي خاص للرقابة والمتابعة والتنصت اذا تطلب الأمر ذلكquot;.

ويضيف علاء الدين: quot;في فلسطين لا توجد حتى الآن أي قرارات حكومية بمنع إستخدامه من قبل المواطنينquot;، معتبرًا ان منع تداوله من قبل الافراد يشكل انتهاكات للحريات الفردية.

أما موظف خدمة المشتركين في إحدى شركات الهاتف الفلسطيني والذي عرف عن نفسه باسم محمد فقد أكد لإيلاف وجود كافة الخدمات والبرامج التي يحتويها جهاز quot;بلاك بيريquot; مضيفًا أنّ هذا الجهاز يباع في معارض الشركة في الأراضي الفلسطينية وتوفّر الشركة كافة الخدمات والبرامج وفق طلب المشتركين الذين غالبًا ما يكونون من رجال الأعمال مشيرًا إلى أن سعر جهاز quot;بلاك بيريquot; اضافة الى رسوم الخدمات تعتبر باهظة نسبةً إلى الفلسطينيين. وأكد ان الشركة لم تتلقَّ اي قرارات من الحكومة او الدوائر الامنية بوقف البرامج الخاصة بالجهاز.

وصرح وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور مشهور ابو دقة قائلاً: quot;ان هنالك مخاطر فعلاً لتلك الخدمة لكن في فلسطين ليس لها مخاطر لأنّ أسواقنا مخترقة من إسرائيل ولا نستطيع ان نقوم بالعمل نفسهالذي تقوم به دول عربية تمتلك شركاتها المرتبطة أساسًا بالدولة ولا يستطيع اي مواطن ان يستخدم شركات خارج حدود تلك الدولquot;.

مضيفًا: quot;إن الاسواق الفلسطينية مخترقة وليست كالاسواق العربية ولا نسيطر على التردّدات التابعة لنا وليست كل الهواتف الموجودة تابعة لنا فهنالك شركات إسرائيلية يستطيع اي مواطن ان يتواصل عبر هذه الخدمة ويتخلص بكل بساطة من الهاتف الفلسطينيquot;.