إيلاف وحدها كسرت حاجز الصمت في أزمة بلاك بيري


قرّاء إيلاف يحرصون على خصوصيّة إتصالاتهم

لا تزال السلطات المصرية ملتزمة الصمت حيال الجهاز الذكي quot;بلاك بيريquot; مكتفية بمراقبة المعارك التي تخوضها السعودية والإمارات والهند واندونيسيا وغيرها من الدول التي أعلنت حربها ضد الهاتف النقال مؤخرا بدعوى تهديد الأمن الوطني والسلم الاجتماعي.

من غير المستبعد ان تغير مصر موقفها الراهن من جهاز quot;بلاك بيريquot;، حيث ما زالت ملتزمة الصمت حول خدماته، وخاصة مع التطورات الجديدة بشأن تجاوب الشركة الكندية المصنعة للهاتف مع المخاوف الأمنية للدول المشتكية، وفق ما ذكره خبراء لإيلاف.

فقد تردد ان شركة quot;ريسيرش إن موشنquot; الكندية المزودة بالخدمة وافقت مؤخرا على إعطاء السلطات السعودية شفرات للدخول على بيانات مستخدمي خدمة التراسل الفوري بهواتف بلاك بيري ويبدو أن موجة الدول المطالبة بالحصول على الشفرة في تزايد، بعد أن أعلنت كل من الإمارات ولبنان والجزائر رغبتها أيضا في الوصول إلى البيانات المشفرة.

وعلى الرغم من نفي جهاز تنظيم الاتصالات المصري أن يكون هناك أي اتجاه لحظر استخدام الجهاز فى مصر بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي، مبررا ذلك بعدم تلقيه اى شكاوى أمنية باستخدام الجهاز في أنشطة إرهابية او تخريبية، إلا ان هناك من الخبراء من لا يستبعد إصدار قرار بحظر الجهاز في مصر او على الأقل المطالبة بالحصول على الشفرة من الشركة، في فترة حرجة تمر بها البلاد سياسيا قبيل انتخابات مجلس الشعب هذا العام وانتخابات الرئاسة العام المقبل.

وقال الخبير الأمني أحمد رفاعي إن إشكالية هاتف بلاك بيري تتمثل في صعوبة الاطلاع على الرسائل التي ترسل من هذه الأجهزة أو فك شفراتها القوية ما يمنع السلطات من التعرف إلى فحوى المراسلات، وهذا يتعارض مع القوانين الدولية المنظمة للاتصالات التي تسمح للحكومات بمراقبة التحركات داخل شبكات الاتصال، حيث تستأثر الشركة الكندية بحق الرقابة فقط على هذه المراسلات وفك شفراتها وهنا مكمن الخطورة.

فالمعروف ان السلطات الأمنية في مختلف البلاد تعتمد بشكل كبير على مراقبة شبكات الاتصالات بدقة فى تعقب الأنشطة الارهابية ويلجأ القائمون على هذه الأنشطة الى استخدام وسائل أكثر أمنا فى مراسلاتهم، ويحقق هاتف بلاك بيري لهم هذا المطلب الضروري، كما حدث فى هجمات مومباي بحسب الرواية الهندية التي أكدت استخدام منفذي التفجيرات لأجهزة بلاك بيري في مراسلاتهم قبيل الحادث.

ويؤكد شريف عبد القادر بمجموعة تطبيقات المحمول ان شركات الاتصالات المحلية لا يتجاوز دورها دور الخادم للشركة الكندية الأم، التي تستقبل البيانات مشفرة من شركات الاتصالات المحلية وتقوم بتخزينها وحفظها ولا احد يطلع عليها غيرها او طرف ثالث آخر تريده هي و مشيرا الى ان الجهاز هو الوحيد في العالم الذي يمكنه إرسال البيانات في التو واللحظة إلى أي جهاز آخر خارج البلاد دون الخضوع إلى رقابة الأجهزة الأمنية المحلية.

لكن المهندس هشام عبد الرحمن رئيس قطاع المراقبة والتشغيل في جهاز تنظيم الاتصالات يرى ان الاتهامات الموجهة الى الجهاز بالتجسس واختراق الخصوصية من قبل الحكومات مبررة، فربما تكون ان الأجهزة المستخدمة فيها غير مطابقة للمواصفات فتعالت أصواتها لحظر الجهاز لخطورته عليها امنيا.

لكنه أكد انquot; أجهزة بلاك بيري في مصر مطابقة للمواصفات الفنية ومعتمدة من قبل السلطات الأمنية quot;، كما ان الخدمة التي يقدمها الجهاز للتواصل بين المستخدمين ووجود quot;السيرفراتquot; خارج البلاد يتشابه مع quot;سيرفراتquot; الشركات التي تقدم برامج المحادثة مثل quot;ياهوquot; وquot;هوت ميلquot; وغيرها، فquot;السيرفراتquot; موجودة خارج مصر أيضاً.

ولا يقف القانون المصري امام التطور التكنولوجي بل يدعمه ويشجعه ويكفل حرية المراسلة البريدية والبرقية والهاتفية والإلكترونية وضمان سريتها، وعدم إفشائها إلا في الحالات التي ينص عليها القانون بأمر من النيابة العامة أو بأمر المحكمة المختصة، لكن عندما تتعارض التقنيات الحديثة مع مقومات الأمن القومي والسلم الاجتماعي وانتهاك حرمة الحياة الخاصة للمستخدمين، فانه في هذه الحالة يكون للقانون رأي آخر.

وفي ظل صعوبة فك شفرات البيانات المرسلة عبر الجهاز واستحالة اختراقها، يتوقع ناشطون حقوقيون أن يصدر قرار بحظر الجهاز في مصر على خلفية الإرهاب الذي تم إعلان تمديد حالة الطوارئ بسببه مؤخرا إضافة الى المخدرات.

وتدخل مصر مرحلة حرجة سياسياً وفق توصيف الخبراء والمحللين. وتصاعدت التظاهرات والأعمال الاحتجاجية في الفترة الأخيرة ضد الحكومة وتتوقع تقارير غربية حدوث فوضى، وفي ضوء هذه المعطيات هناك مخاوف من مساس هذه الأجهزة بالأمن الاجتماعي، بما انها تعد اسرع وسيلة لنشر الشائعات، وفقا للخبراء.

ومن المتوقع إذا ثبت ما يدعو إلى القلق على سرية بيانات ومعلومات العملاء والأمن العام، فمن المؤكد ان تغير السلطات المصرية موقفها من هذا الجهاز الذكي، بحسب تصريح المهندس عمرو بدوى رئيس جهاز تنظيم الاتصالات، ما سيحرم مستخدمي الجهاز في مصر من الاستفادة من خدماته العالية.

وأعرب بعض المستخدمين عن قلقهم من حدوث ذلك، واكد السيد سلامة، مهندس كمبيوتر و انه يعتمد على الجهاز في انجاز أعماله ولا يستطيع ان يستغني عنه quot;فهو ينجز أعمالي بسهولة وسرعةquot; مشيرا الى انه يخشى ان يكون الأمر منافسة بين الشركات العالمية الكبرى في مجال الاتصالات.