لجأ أكبر ائتلافين شيعيّين في العراق بزعامة المالكي والحكيم إثر فشل محاولات تقريب وجهات نظريهما إزاء تشكيل الحكومة والمرشح لرئاستها الى موائد رمضان كإحدى الوسائل لحلّ التعارض في مواقفهما واستئناف حواراتهما المتوقّفة منذ عدّة اسابيع، فيما اكد نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي رفضه لاستخدام قوات الامن القوة واساليب القمع ضد المتظاهرين المحتجين على نقص الخدمات العامة وفي مقدّمها الطاقة الكهربائية، بينما نفت الكتلة العراقية ان تكون زيارة زعيمها اياد علاوي لموسكو كانت لأهداف تجاريّة مؤكّدة انها جاءت بدعوة من رئيس وزراء روسيا فيلاديمير بوتين.

أقام زعيم ائتلاف دولة القانون رئيس الوزراء نوري المالكي مأدبة إفطار الليلة الماضية على شرف زعيم الائتلاف الوطني رئيس المجلس الاعلى الاسلامي عمار الحكيم واعضاء قيادته تمّ خلالها quot;تداول الهموم العامة والقضايا ذات الاهتمام المشتركquot;.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك عقب اللقاء شدّد الحكيم على أنّ quot;من شأن هذا التواصل وهذه اللقاءات تقريب وجهات النظر وتسهيل الوصول لرؤية مشتركة وتقارب نفسي بين الأطياف والأطراف السياسية المتعددة في المشهد العراقيquot;.

أمّا المالكي فقد عبّر عن quot;سعادتهquot; بلقاء الحكيم واصفًا اجواء اللقاء بأنّها quot;أخوية نابعة من تاريخ وعلاقة متينة وتطلع لعلاقات أمتن ومستقبل أفضل لمواجهة استحقاقات المرحلة المقبلةquot;. وأكد على ضرورة العمل لمواجهة التحدّيات التي تواجه العراقيين والتصدّي لها.

ويأتي لقاء المالكي والحكيم هذا بعد اسابيع من قطيعة شهدت اتهامات متبادلة عن المسؤولية في عرقلة تشكيل الحكومة المنتظرة لكنه يعتقد ان اللقاء سيمهّد لاستئناف المفاوضات المعلقة بين الائتلافين قريبًا.

وجاء اللقاء في وقت يصرّ فيه الائتلاف الوطني على رفض تقديم دولة القانون للمالكي مرشّحًا وحيدًا للحكومة الجديدة ويطالبه بتغييره الامر الذي دعاه نتيجة رفض هذا الطلب الى تعليق مفاوضاته معه نهاية الشهر الماضي وعدم استئنافها إلاّ بعد تقديم مرشّح بديل.

وقبيل لقاء المالكي والحكيم قال علي الأديب القيادي في دولة القانون ان اجتماعهما سيناقش القضايا العالقة وتغيير المواقف بين الائتلافين والتمهيد لعقد اجتماعات رسميّة لاحقة بينهما من اجل التوصّل إلى حلّ لأزمة تشكيل الحكومة. وقال إنّ المشكلة التي يواجهها التحالف الوطني (يضمّ الائتلافين الشيعيين) الذي يعتبر الكتلة النيابية الأكبر في الوقت الحالي هي الاتفاق على مرشح واحد لرئاسة الوزراء.

وأضاف الأديب أنّ الواقع السياسي الذي أفرزته الانتخابات واقع معقّد بسبب تقارب نتائج الكتل الفائزة في الانتخابات. وأشار في تصريح نقلته وكالة quot;السومريّة نيوزquot; العراقيّة إلى أنّ quot;عدم اتفاق الكتل السياسية مع القائمة العراقية التي تعتقد بأنّها الكتلة الأكبر بحسب نتائج الانتخابات سيجعل تشكيل حكومة تترأسها العراقية أمرًا عَسِرًاquot; بحسب قوله.

وأوضح الأديب وهو نائب الأمين العام لحزب الدعوة الذي يتزعّمه نوري المالكي أنّ quot;الحلّ الأفضل لعقدة رئاسة الوزراء هو تقديم الائتلاف الوطني ودولة القانون عددًا من المرشّحين لشغل منصب رئاسة الوزراء ليتمّ اختيار احدهم من قبل اللجنة المشكلة من 14 عضوًا عن طريق التراضي والتوافقquot;.

وتوقّع الاديب أن quot;يتمّ اختيار مرشّح دولة القانون نوري المالكي لدورة ثانية كونه المرشح الوحيد من التحالف الوطني حتى الآنquot;. وأشار إلى أنّ quot;تمسّك الائتلاف الوطني بموقفه الرافض لترشيح المالكي لولاية ثانية ووضعه خطوطًا حمرًا على شخصه يتطلب من الائتلاف الوطني تسمية مرشّحه لشغل منصب رئاسة الوزراء وهو الأمر الذي لم يحدث حتى الآنquot;.

وأكّد الأديب quot;إمكان إيجاد بديل عن المالكي من ائتلاف دولة القانون شرط أن يكون ذلك عبر الحوارات وليس عبر البيانات والتصريحات الإعلاميةquot;. وقال إنّ quot;انسحاب المالكي من الترشيح لرئاسة الوزراء سيترك فراغًا كبيرًا وهو ما يتطلّب من الائتلاف الوطني الاتفاق على مرشح لرئاسة الوزراء للخروج من ذلك الفراغ وأزمة تشكيل الحكومةquot;.

وجاء لقاء المالكي والحكيم بعد ساعات من اعلان هاني عاشور مستشار الكتلة العراقية الفائزة في الانتخابات بزعامة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي انّ كلّ ما قدّمه ائتلاف دولة القانون حتّى الآن لم يتطابق مع رؤية كتلته مشيرًا في بيان صحافي تلقّت quot;ايلافquot; نسخة منه ان ائتلاف المالكي يعتقد انه يستطيع ان يكسب خلال المفاوضات بين الكتلتين تنازلاً من العراقيّة حول حقّها الانتخابي الدستوري بوصفها الفائزة الأكبر في الانتخابات التشريعيّة التي شهدتها البلاد في السابع من آذار - مارس الماضي.

وأكّد عاشور تمسّك كتلته بعلاّوي مرشحًا لرئاسة الحكومة quot;ولن تتنازل عن ذلكquot;، مشيرًا الى أنّ ما تقدّمه دولة القانون من عروض لمناصب اخرى يمكنها ان تأخذها لنفسها - في اشارة الى منصبي رئاسة مجلس النواب والمجلس السياسي للامن الوطني - وتضمن مشاركة في الحكومة المقبلة كقائمة فائزة بالمرتبة الثانية، لأنّ العراقية لن تتنازل للمالكي عن رئاسة الوزراء مطلقًا.

وقال انّ ائتلاف دولة القانون من خلال مفاوضاته المباشرة مع قيادات القائمة العراقية في بغداد او من خلال مبعوثي المالكي لبعض قيادات القائمة العراقية في الخارج ولعدّة مرات سمعت الجواب نفسه وهو عدم التنازل عن حقّ العراقية الدستوري او التنازل عن تشكيل الحكومة برئاسة علاوي.

واوضح عاشور ان من اسباب عدم التوصّل الى اتفاق مع المالكي سواء من قبل العراقية او غيرها من الكتل هو رفض الكتل الاخرى لتجديد ولايته ولعدم قدرته على طمأنة الكتل السياسية بتغيير منهجه واصراره على التمسّك بمنصبه واحتكار السلطة لحزبه والمقرّبين منه واستمرار استخدامه السلطة ضدّ خصومه أو من لا يقف معه وهو أمر يثير مخاوف الآخرين من مخاطر استخدام هذا النهج لسنوات مقبلة. وتوقّع عدم توصّل الحوارات مع دولة القانون quot;الى شيء يذكر اذا لم يتنازل المالكي عن فكرة ولاية ثانية ويرضى بمناصب سيادية كبيرة هو وحزبه لا تضمنها له الا القائمة العراقيةquot;.

ويأتي هذا الموقف وسط تأكيدات للعراقيّة بأنّ مفاوضاتها مع الائتلاف الوطني بزعامة عمار الحكيم والكتل الكردستانية ستتوّج بتشكيل الحكومة الجديدة. ويتنافس على منصب رئاسة الحكومة الجديدة المالكي وعلاوي فيما يصرّ الاكراد على التمسك بمنصب رئاسة الجمهورية والذي يشغله حاليًّا جلال طالباني. ولم تتمكّن الكتل الأربع الفائزة في الانتخابات التي مضى عليها حوالى الستّة أشهر من تشكيل الحكومة بسبب الخلافات على المناصب الثلاثة الكبرى.

يذكر ان محطّات العمليّة السياسية في العراق قد شهدت تأجيلات تجاوزت السقف الزمني الذي حدّده الدستور لاختيار الشخصيات التي تتولى المناصب السياديّة العليا للجمهورية والحكومة ومجلس النواب. وأدّت الانتخابات التشريعية إلى حوالى الستة أشهر من الشلل السياسي في ظلّ غياب فائز واضح وتقارب في النتائج (العراقية 91 مقعدًا، ودولة القانون 89 مقعدًا من مجموع 325 تمثل العدد الكلي لمقاعد مجلس النواب الجديد).

عبد المهدي يرفض استخدام أساليب القمع ضد المتظاهرين

طالب نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي قوّات الأمن بالالتزام بالقانون في التعامل مع المتظاهرين المحتجّين على تردّي الخدمات والامتناع عن استخدام القوّة وأساليب القمع. وقال عبد المهدي في بيان صحافي اليوم على اثر مواجهة رجال الامن لمتظاهرين محتجين ضد نقص الطاقة الكهربائية في محافظة ذي قار وعاصمتها الناصرية (375 كلم جنوب بغداد) امس انه تابع بقلق شديد الاوضاع المتوتّرة في المحافظة وتذمّر المواطنين من حالة الخدمات خصوصاً في قطاع الكهرباء.

واكد عبد المهدي الذي فاز في الانتخابات التشريعية الاخيرة عن محافظة ذي قار ان التظاهر السلمي المشروع الذي يحترم المصالح العامة والمال العام هو احد الوسائل للتعبير عن الرأي التي ضمنها الدستور والقانون العراقي وان واجب قوات الامن حماية المتظاهرين لا التسبب بإيذائهم واعتقالهم. واوضح قائلا: quot;لقد علمنا بأنّ عدداً من المتظاهرين قد نقلوا الى المستشفيات كما ان قوات الامن تلاحق المتظاهرين وانها قد اعتقلت العشرات منهمquot;. ودعا الحكومة المحلية وقوات الامن الى quot;الالتزام بالقانون والبقاء في حدود صلاحياتها وان تستمع الى طلبات المتظاهرين والمواطنين وان تعمل على معالجة تردّي الخدمات لا ان تستخدم القوة والقمع واساليب الملاحقة والكبت التي تناقض كل ما جاهد وناضل من اجله شعبنا العراقيquot;.

وكانت الشرطة العراقيّة استخدمت خراطيم مياه وهراوات لتفرقة محتجين في مدينة الناصرية بعدما اندلعت احتجاجات بسبب انقطاع التيار الكهربائي ونقص الخدمات. وقالت مصادر الشرطة في المدينة ان شرطة مكافحة الشغب فرقت مئات المتظاهرين بعدما تجاهلوا حظرًا للتجول فرضته السلطات المحلية على السكان لمنع خروج احتجاجات في الشوارع من دون اذن. ونظمت مظاهرات مماثلة في الناصرية في حزيران - يونيو الماضي عندما حاول ألف محتجّ اقتحام مبنى مجلس المحافظة واشتبكوا مع الشرطة وكذلك في البصرة المركز النفطي في الجنوب حيث قتل شخصان في اشتباكات مع الشرطة.

واضاف المصدر ان المتظاهرين بدأوا برمي قوات الشرطة بالحجارة وبعد ذلك تدخلت قوات الشغب لتفريق المتظاهرين مشيرًا إلى أنّ المتظاهرين لم يحصلوا على إذن بالتظاهر. وقال مسؤولو مستشفى الحسين في الناصرية انهم استقبلوا تسعة مصابين بينهم ستة من رجال الشرطة اصاباتهم طفيفة فيما تمّ اعتقال 37 محتجًّا.

وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قد اقال وزير الكهرباء في حزيران حين اندلعت الاحتجاجات للمرة الاولى وفي وقت تتراجع أعمال العنف الطائفية تتنامى الشكاوى من انقطاع التيار الكهربائي طول اليوم باستثناء بضع ساعات يوميًّا بخاصّة مع ارتفاع درجة الحرارة التي تصل إلى 50 درجة مئوية خلال فصل الصيف.

ويتزامن تنامي الاحباط الشعبي مع فراغ سياسي خطِرفي حكومة جديدة بعد ستة اشهر على اجراء الانتخابات التشريعية في البلاد في السابع من آذار - مارس الماضي والذي يسعى مسلّحون لاستغلاله عبر مواصلة الهجمات قبل نهاية العمليات القتالية الاميركية في العراق نهاية الشهر الحالي.

العراقية: زيارة علاوي لموسكو ليست تجارية وجاءت بدعوة من بوتين

واكدت الكتلة العراقية ان زيارة زعيمها اياد علاوي الى موسكو والتي انتهت اليوم حيث وصل الى الكويت كانت بدعوة من رئيس وزراء روسيا فيلاديمير بوتين وذلك ردًّا على انباء تحدثت انه قام بها بصفته عضوًا في شركة quot;الصليب الاحمرquot; النفطية.

واشارت العراقية في بيان صحافي تلقته quot;ايلافquot; ان بوتين دعا علاوي لاجتماع خاص حيث تمّت مناقشة آخر المستجدات في منطقة الشرق الاوسط والعراق تحديدًا. واوضحت ان بوتين quot;هنّأ علاوي على نتائج قائمته في الانتخابات العراقية الاخيرة وعبّر عن امله في تشكيل حكومة عراقية تمثل ارادة الشعب بأسرع وقتquot;. وأكّد على دعم الحكومة الروسية للعملية السياسيّة في العراق وquot;التي سيثمر عنها استتباب الامن والسلام والرخاء لأبناء الشعب العراقيquot;.

وقالت ان علاوي الذي سبق وزار روسيا عام 2004 قد اشاد بموقف بوتين حيث عبّرا عن املهما في توطيد علاقات الصداقة والاحترام المتبادل بين الدولتين. وكان القيادي في ائتلاف دولة القانون حيدر العبادي انتقد زيارة علاوي الى روسيا معتبرًا ان الدستور يعاقب على مثل هكذا زيارات.

وقال في تصريح صحافي: quot;ان هذه الزيارة تحتاج الى مراجعة حقيقيّة اذ ان وكالة الانباء الروسية بيّنت ان علاوي ذهب بصفته عضوًا في شركة نفطية وان هذه الشركة لها مصالح في العراق وهذا الامر بحاجة الى توضيح من القائمة العراقية اذ انّ توضيحها لهذا الامر كان غير كافquot;. واضاف: quot;ان الدستور يعاقب على مثل هكذا زيارات وانها تبعث على القلقquot;.

وكانت وكالة quot;نوفوستيquot; الروسية قالت ان علاوي بحث مع بوتين مستقبل الطاقة في العراق بصفته عضوًا في شركة quot;كريسنت بتروليومquot; النفطية ثم عادت فصحّحت الخبر ووصفت علاوي برئيس الوزراء الاسبق وزعيم القائمة العراقية. وقد وصل علاوي الى الكويت اليوم في زيارة قصيرة لإجراء مباحثات مع القادة الكويتيين حول آخر تطوّرات القضية العراقية.

وخلال وجوده في موسكو قال علاوي ان الولايات المتحدة لن تدعم أيّ حكومة عراقية ليست على علاقة جيّدة بإيران. واضاف في مقابلة في برنامج quot;أصحاب القرارquot; من قناة روسيا اليوم: quot;أعتقد أن الولايات المتحدة تقف ضدي وموقفها معروف في المجتمع العراقي وهي تحاول أن تدعم فقط من له علاقة جيدة مع طهرانquot;.

وقال: quot;لا تربطني علاقة سيئة بطهران ولكن في الوقت نفسه لا أمتلك علاقات جيّدة معها أيضاًquot;. واوضح انه لاحظ من لقاءاته بالمسؤولين الأميركيين quot;انهم حريصون على أن يكون هناك نوع من الحكومة التي ترضى عليها إيران حتى لا تحصل مشاكل في العراق بعد الانسحاب. قد يكون هذا السببquot;. وأشار الى ان الأميركيين يصرحون بشكل مستمر بأنّ هناك تدخلات ايرانية وان هناك تسليحاً ايرانيًّا لجهات عراقية لذلك قد يكون هذا أحد العوامل للحفاظ على الامن.

وقال انه التقى بوتين في وزارة الخارجية الروسية وناقشا الاوضاع في العراق والشرق الأوسط مشيراً إلى رغبة العراق بأن quot;تؤدّي روسيا دوراً مهمًّا سواء على الصعيد الاستثماري والاقتصادي في العراق او على صعيد دعم العملية السياسية بحيث تكون عملية متوازنة وواضحةquot;.

وعبّر عن امله في ألاّ تطول عملية التفاوض حول تشكيل الحكومة العراقية وقال إنّ quot;الحكومة المقبلة يجب أن تضمّ كل الاطياف الموجودة وحتى الذين لم يفوزوا بالانتخابات نعتقد ايضاً انهم يجب ان يكونوا جزءاً من العملية السياسيةquot;. وأكد ان الحل في العراق يجب أن يكون عراقيًّا من دون أي تدخّل خارجي. وكان رئيس القائمة العراقية وصل الى موسكو الجمعة في إطار سعي quot;العراقيةquot; لبناء الثقة بين العراق والدول الصديقة للعراق.