كيف يتحول تنظيمان اساسيان في المعارضة وان اختلفا في الانتماء الطائفي، الى خصمين لدودين في دقائق معدودة، وكيف يمكن لخلاف على ركن سيارة عائدة الى احد المسؤولين في quot;المشاريعquot; اثناء مرور سيارة مسؤول لحزب الله بقربها ان يؤدي الى تلاسن بين سائقي السيارتين سرعان ما تحول الى مواجهات عسكرية دامية؟...
رغم حالة الخوف التي عاشها العديد من ابناء بيروت بفعل الاشتباكات العنيفة التي اندلعت مساء أمس بين عناصر ومناصرين لحزب الله وآخرين ينتمون إلى جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية المعروفة بـ quot;الاحباشquot; وتركزت أولاً في منطقة برج أبو حيدر قبل ان تمتد الى مناطق مجاورة، بقي السؤال الكبير معلقاً يبحث عن إجابة واضحة لدى الطرفين وهو كيف يمكن لخلاف على ركن سيارة عائدة الى احد المسؤولين في quot;المشاريعquot; اثناء مرور سيارة مسؤول لحزب الله بقربها ان يؤدي الى تلاسن بين سائقي السيارتين سرعان ما تحول الى مواجهات عسكرية دامية بين الجانبين استخدمت فيها الاسلحة الصاروخية والرشاشة وادت الى مصرع محمد فواز وعلي جواد (من حزب الله) وأحمد جمال عميرات (من المشاريع) بالاضافة الى اصابة العشرات بجروح وإلحاق أضرار بمنازل ومتاجر ومراكز دينية تابعة لـ quot;الاحباشquot; ناهيك عن الذعر الذي أصاب آلاف المواطنين القاطنين في مناطق الاشتباكات وعمد الكثيرون منهم الى مغادرة منازلهم واللجوء الى أماكن آمنة.
على وقع هذه الرواية المتداولة حالياً عن خلفيات الحادث بدأت التحقيقات الميدانية التي قام بها الجيش والنيابة العامة التمييزية لمعرفة حقيقة ما حصل حيث جرى توقيف عدد من الاشخاص للاستماع الى إفاداتهم، في وقت أشيع فيه ان حزب الله أمهل جمعية المشاريع وقتاً محدداً لتسليم المسؤولين عن مقتل اثنين من عناصره تردد ان أحدهم (محمد فواز) مسؤول الحزب في منطقة برج أبي حيدر التي تعتبر المعقل الرئيس لجمعية المشاريع ويقطن فيها عدد من كبار قيادييها. الا ان مصادر الحزب نفت هذا الخبر وأكدت ان الاجتماعات متواصلة بين ممثلين عنه وآخرين عن جمعية المشاريع لمعالجة الوضع المضطرب والعودة بالامور الى طبيعتها.
وفيما ذكرت مصادر قضائية متابعة للتحقيق انه من المبكر الاعلان عن السبب الحقيقي للحادث الذي كاد يشعل بيروت لو لم يجر تداركه وان بعد ساعات على وقوعه، توقفت اوساط سياسية على معرفة بالطرفين لا عند دوافع الحادث quot;الغريبquot; فحسب بل كذلك عند كيفية تحول تنظيمين يعتبران حليفين وركنين اساسيين في المعارضة وان اختلفا في الانتماء الطائفي، الى خصمين لدودين في دقائق معدودة متسائلة اذا ما كانت هناك ابعاد مخفية تكمن وراء quot;عمليةquot; ركن سيارة. وتروي هذه الاوساط للدلالة على العلاقة الطيبة التي تجمع بين حزب الله وجمعية المشاريع الخيرية الاسلامية قبل تعرضها للاهتزاز، أن الأخيرة اقامت حفل افطار لها غروب يوم الجمعة الماضي كان من ابرز حضوره عدد من المسؤولين في الحزب فيما الافطار الذي كان سيتم امس وتم الغاؤه لتزامنه مع اندلاع الاشتباكات فقد كان من المقرر ان يحضره اكثر من ثلاثين عنصراً من حركة quot;أملquot; التي يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري بينهم وزراء ونواب وقيادات في الحركة.
هذا ولم يصدر عن حزب الله الا القليل من المعلومات عمّا حصل امس اذ حرصت وسائل الاعلام التابعة له اما على تجنب الحديث عن الموضوع او الاكتفاء بتلاوة البيان المشترك الصادر عن الطرفين الذي جاء فيه quot;على إثر الحادث الفردي المؤسف الذي وقع عصر الثلاثاء (أمس) بين شباب من حزب الله وجمعية المشاريع الخيرية الاسلامية تداعت قيادتا الطرفين الى اجتماع عاجل في فرع استخبارات بيروت، وجرى التأكيد ان الحادث المؤسف فردي ولا خلفيات سياسية او مذهبية وراءه وقد اتفق على محاصرته وانهائه فوراً ومنع اي ظهور مسلح بغية عودة المياه الى مجاريها الطبيعية كما كانت ومعالجة كل التداعيات الناجمة عنهquot;.
اما المسؤول الاعلامي في جمعية المشاريع الحاج عبد القادر فاكهاني فقال لـ quot;إيلافquot; ان جمعيته كانت في معرض الدفاع عن النفس وليست المبادرة الى الهجوم مستغرباً الظهور المسلح السريع لعناصر من الحزب والاعتداءات التي قاموا بها على عدد من المراكز التابعة للجمعية بما في ذلك التعرض لأحد المساجد. واكد فاكهاني حرص الجمعية على وأد الفتنة التي بدأت تطل برأسها من خلال تصريحات مشبوهة تحاول ادخال الطائفتين السنية والشيعية في نفق مظلم، لافتاً الى ان الاجتماعات واللقاءات متواصلة مع مسؤولي الحزب لتفويت الفرصة على المصطادين في الماء العكر.
في المقابل عادت اصوات بيروتية لتطالب بجعل المدينة خالية من السلاح وقد ذكّر منسق الامانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد بموقفي نائبي بيروت نهاد المشنوق وعمار حوري في هذا المجال إثر الحوادث التي وقعت في منطقة عائشة بكار قبل تشكيل الحكومة الحالية. وهذا ما عاد وكرره الوزير جان اوغاسبيان في حديث اذاعي صباح اليوم، فيما ابدت مصادر مطلعة تخوفها من تداعيات الحادث الذي وقع في برج أبي حيدر أمس في وقت يتصاعد فيه الخلاف حول المحكمة الدولية وقرارها الظني المرتقب صدوره والذي تردد عن تضمنه اتهاماً لحزب الله بالضلوع في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري الأمر الذي رأى فيه كثيرون محاولة لاشعال فتنة سنية ndash; شيعية ما فتئ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله التحذير منها وقد فعل ذلك بالأمس في وقت كانت فيه اصوات القذائف والرشاشات تكاد تبلغ بيروت الكبرى. ...
التعليقات