مازالت قضيّة ترحيل الغجر من فرنسا تتصدّر عناوين الأخبار في الإعلام الأوروبيّ خصوصا مع التراشق الإعلامي الأخير بين ساركوزيّوالمفوضية. ويكشف السجال الدائر حاليا داخل الاتحاد الأوروبي عن فشل ذريع في إدماج الأقلية الغجرية التي يناهز عدد أفرادها عشرة ملايين شخص.
بروكسل: يكشف الخلاف في أوروبا حول إقدام فرنسا على إبعاد الغجر، عن فشل إدماج هذه المجموعة التي يناهز عدد أفرادها عشرة ملايين شخص، في ظرف متفجر سياسيا حول القضايا المتعلقة بالهجرة.
وقال ماريو سيبي رئيس اللجنة الاقتصادية والاجتماعية الاوروبية، وهي لجنة استشارية تابعة للمفوضية الاوروبية، ان quot;النقاش الحالي حول الغجر يثبت بوضوح ان الاتحاد الاوروبي ودوله الاعضاء قد فشلت في تطبيق سياسة إدماج ناجحة لهذه الاقلية الاتنيةquot; الاكبر من نوعها في أوروبا.
وكانت quot;القمةquot; الاوروبية الاخيرة التي عقدت حول هذه المسألة في نيسان/ابريل في قرطبة في فترة الرئاسة الاسبانية للاتحاد الاوروبي، شاهدا على ذلك حيث تغيب عنها معظم الوزراء الاوروبيين.
وقال سكرتير الدولة الفرنسي للشؤون الاوروبية بيار لولوش، quot;لا يمكننا الاستمرار في الاكتفاء بتصريحات مبدئية، فيما نواجه مشكلة كبيرة منذ توسيع اوروباquot; التي تكتشف quot;بين ارجائها +عالما رابعا+quot; يضم ما بين تسعة الى اثني عشر مليون نسمة.
وطلب الامين العام لمجلس اوروبا ثوربيورن ياغلاند من البلدان الاوروبية ان quot;تقرن القول بالفعلquot; للسعي الى إدماج الغجر في اوروبا.
ويعتبر عدد كبير من المسؤولين الاوروبيين ، في مجالسهم الخاصة، ان رومانيا التي تضم وحدها مليونين من الغجر اغلبهم من الفقراء، وبلغاريا (800 الف نسمة)، قد دخلتا بشكل مبكر جدا الاتحاد الاوروبي حيث لم تستعدا لذلك بشكل جيد.
وفي سياق الجدل الراهن، قد تضطر هاتان الدولتان الى الانتظار طويلا للانضمام الى فضاء شنغن، حيث لا يحتاج التنقل الى جواز سفر.
وبغض النظر عن ذلك، تأخذ بروكسل على جميع البلدان الاوروبية تقاعسها عن القيام بالخطوات الكافية من اجل الادماج من خلال اساءة استخدام اموال الاتحاد الاوروبي المخصصة لهذه الغاية. وقد انشأت المفوضية لتوها فريق عمل لدراسة المسألة.
وتخصص 12 فقط من البلدان السبعة والعشرين في الاتحاد الاوروبي اموالا من الصندوق الاجتماعي الاوروبي للغجر للفترة 2007-2013.
وترى مفوضة العدل وحقوق المواطنين فيفيان ريدينع التي دخلت هذا الاسبوع في مناوشات حادة مع فرنسا، ان التفسير سياسي بالدرجة الاولى.
وقالت في البرلمان الاوروبي ان quot;المال متوفر لكنه لم يستخدم لحل المشكلة. لماذا؟ ربما كما اعتقد انه ليس مألوفا جدا في دولنا الاعضاء اخذ اموال اوروبية وتخصيصها لمجموعة الغجرquot; ضحايا الأحكام المسبقة منذ قرون.
والنتيجة هي ان البعض من غجر اوروبا الشرقية يهاجر منذ افتتاح الاتحاد الاوروبي، الى الغرب الأكثر ثراء، حيث شددت بلدان مثل ايطاليا وفرنسا الاجراءات الامنية حيالهم باتخاذها قرار إزالة المخيمات التي تعتبر غير شرعية.
ويتعامل المسؤولون السياسيون مع اجواء تزداد عداء للهجرة عموما لدى الرأي العام في اوروبا زادت من حدتها ازمة اقتصادية تاريخية تشهدها القارة الاوروبية.
واذا كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في الواجهة ويدعمه سيلفيو برلوسكوني، فقد شدد آخرون لهجتهم. ودعا رئيس الوزراء البلجيكي ايف لوترم الذي ترأس بلاده الاتحاد الاوروبي الخميس خلال قمة للاتحاد الاوروبي، الغجر الى quot;احترام حق الملكيةquot;.
وتثور هذه المجموعة على ما تعتبره حملة quot;لتحقيرهاquot;.
وقال رئيس مجموعة الغجر في المانيا روماني روز ان quot;على الاتحاد الاوروبي ان يختار هل نريد تطوير حرية التنقل ام نريد انشاء اتحاد اوروبي للفصل العنصري.
وكان قادة الاتحاد الأوروبي بدأوا الخميس في بروكسل قمة يستمعون خلالها خصوصا الى توضيحات بشأن ترحيل الغجر (غجر اوروبا الشرقية وخاصة رومانيا وبلغاريا) من فرنسا وان كانت هناك رغبة لدى جميع الاطراف في تهدئة الامور بعد خلاف بين باريس وبروكسل هدد بالامتداد الى أوروبا كلها.
وقد وعد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، الذي تواجه بلاده تهديدا بالملاحقة امام القضاء الاوروبي، بشرح موقفه امام أقرانه حتى وان كانت قضية الغجر غير مدرجة رسميا في جدول أعمال الاجتماع.
ومع ذلك فقد تبادل ساركوزي ورئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو quot;سجالا حاداquot; الخميس في القمة الأوروبية على خلفية ترحيل الغجر من اصول رومانية وبلغارية، بحسب ما اعلن رئيس الوزراء البلغاري بويكو بوريسوف.
واكد بوريسوف quot;وقع سجال حاد بين رئيس المفوضية الاوروبية والرئيس الفرنسيquot; بشأن قضية الغجر .
واوضح بوريسوف انه quot;لم يتقرر اي شيءquot; خلال القمة بشأن مسألة الغجر وان المسؤولين الاوروبيين سيبحثون quot;خلال القمة المقبلةquot; ايجاد quot;استراتيجية طويلة الأمد لايجاد حل لهذه المشكلةquot;.
حدث ذلك في الوقت الذي يسعى فيه الجميع الى التهدئة بعد كل ما أثير من جدل وتوترات في الأيام الأخيرة الماضية في هذا الشأن.
وقال رئيس الوزراء البلجيكي ايف لوتيرم الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي quot;الكل متفق على ان المفوضية هي المكلفة الاشراف على حسن تطبيق فرنسا لتعهداتهاquot; بشأن مسألة الغجر الشديدة الحساسية.
وهي طريقة للرد على المسؤولين الفرنسيين الذين هاجموا صراحة بروكسل بعد الانتقادات التي وجهتها المفوضية الاوروبية لظروف ترحيل الغجر الرومانيين والبلغار.
وشدد لوتيرم على انه يتعين ايضا على الرعايا الاوروبيين الذين يتمتعون بحرية التنقل quot;احترام حق الملكية والقواعد التي تنظم حرية التنقلquot; متوجها بذلك الى مجتمع الغجر.
من جانبها سعت فنلندا الى الدفاع عن السلطة التنفيذية الاوروبية وقال وزير خارجيتها الكسندر ستوب لدى وصوله الى بروكسل ان quot;موقفي هو ان الاتحاد الاوروبي فضاء يقوم على دولة القانونquot; وحقوق الانسان مضيفا quot;على الجميع ان يكونوا شديدي التعقل في هذا الصدد، فالمفوضية هي الحارسة للمعاهداتquot;.
وأضاف quot;لكنني اعتقد ان على الجميع التحلي بالهدوءquot; في اشارة الى التراشق الحاد بين بروكسل وباريس. وقال اسفا quot;ما حدث في الأيام الاخيرة امر غير معهود كثيرا بالنسبة لاوروباquot; واعطى صورة انشقاق.
وكانت المفوضة الاوروبية للعدل والحقوق الاساسية فيفيان ردينغ قد اثارت عليها غضب باريس عندما قارنت ترحيل الغجر الرومانيين والبلغار من فرنسا بعمليات الترحيل القسري خلال الحرب العالمية الثانية.
وامام الضجة التي اثارتها تصريحاتها اعربت المفوضية مساء الاربعاء عن quot;اسفهاquot;. وقد اخذت باريس علما بهذا الاسف مدينة من جديد quot;التصريحات المشينةquot;.
وفي بروكسل يمكن ان يعتمد ساركوزي على رئيس الحكومة الايطالية سيلفيو برلسكوني الذي قدم له دعما غير مشروط وينوي ادراج موضوع الغجر في جدول اعمال القمةquot;.
التعليقات