في الوقت الذي وُصفت فيه أجواء اللقاء الذي جرى في السفارة السعودية بين مسؤول العلاقات العربية في حزب الله والسفير السعودي علي عسيري بـquot;الوديّةquot;، أكد السفير السعوديّ لـ quot;إيلافquot; أن همّ المملكة هو الحفاظ على وحدة لبنان وتكاتف أبنائهquot;.

السّفير السعودي في لبنان علي عسيري

بيروت: الزيارة التي قام بها وفد من حزب الله الى السفارة السعودية في بيروت أول من أمس استرعت انتباه المسؤولين والأوساط السياسية في لبنان، خصوصاً أنها جاءت وسط التوتر السائد على الساحة الداخلية مع احتدام الخلاف بين قوى الأكثرية والمعارضة حول المحكمة الدولية وما يسمى بموضوع quot;شهود الزورquot; وذلك بعد المعلومات التي ترددت عن وجود اتجاه لدى المحكمة الدولية بإصدار قرار ظني يتهم فيه عناصر من حزب الله بالضلوع في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

لم تكن هذه الزيارة هي الاولى للحزب الى سفارة المملكة العربية السعودية فهناك زيارات أخرى قبلها تمت منذ تسلم السفير الجديد علي عواض عسيري مسؤوليتها العام الماضي خلفاً للسفير عبد العزيز خوجة الذي يتولى الآن حقيبة وزارة الثقافة والإعلام في الحكومة السعودية.

وهي تأتي في سياق اللقاءات الدورية التي يسعى من خلالها الحزب الى التواصل مع جهات عربية دبلوماسية في طليعتها السعودية لعرض الأوضاع الراهنة وتبادل الأفكار والآراء بشأنها.

وإذا كانت الزيارات السابقة تمت بعيداً من الاضواء فإن لقاء يوم الاربعاء الماضي الذي جمع وفد حزب الله برئاسة مسؤول العلاقات العربية فيه حسن عز الدين والسفير عسيري جرى الإعلان عنه من قبل الجانب السعودي كما تبين وقوبل بارتياح رسمي وشعبي عبر عنه رئيس مجلس النواب نبيه بري امس بقوله انه يواكب هذه الاتصالات على امل اعادة الأمور إلى شاطئ التهدئة.

هذا واكتسب اجتماع السفير السعودي بوفد حزب الله أهمية خاصة هذه المرة خصوصاً انه تزامن مع تصريحات لقياديين في الحزب كشفوا فيها عن مسعى تقوم بها القيادة السعودية لمعالجة ملف المحكمة الدولية، وهذا ما قاله صراحة نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في حديثه الى مجلة quot;الأفكارquot; إذ اعلن quot;ان القيادة السعودية تبنت إجراء الاتصالات اللازمة مع الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية لمعالجة هذا الملف لكن لم يتم حسم آلية المعالجة بشكل نهائي، وبالتالي سننتظر ما ستكون عليه نتائج هذه الاتصالات الى ان يتبين ما الذي سيقدم لنا حينئذ يبنى على الشيء مقتضاهquot;.

حديث المحكمة كان حاضراً في اجتماع السفارة إذ سأل السفير عسيري زائريه ما اذا كان حزب الله متخوفاً من القرار الظني فأجابه عز الدين بأن التخوف هو على لبنان مما يحاك له من مخططات ومؤامرات تهدف الى زعزعة استقراره واستهداف المقاومة وهو ما عجزت عنه إسرائيل، مشدداً على quot;أن بوحدة اللبنانيين وتضامنهم قادرون على إلحاق الهزيمة بمن يتربصون بنا شراًquot;.

وتوقف عز الدين عند موضوع quot;شهود الزورquot; فقال ان الرئيس سعد الحريري أقر بوجودهم ما يعني ان على القضاء اللبناني وضع يده على هذا الملف والبدء بمحاكمة هؤلاء الشهود ومعرفة من فبركهم وغطاهم وموّلهم وهذا من شأنه ان يربح الجميع والأهم يفتح الباب واسعاً أمام معرفة الحقيقة ومن يقف وراء جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

ولفت مسؤول العلاقات العربية في حزب الله ان لدى السلطات اللبنانية ثلاثة من شهود الزور اثنان منهم قيد الاعتقال والثالث موضوع بما يشبه الإقامة الجبرية، كما أن هناك quot;شاهد زورquot; رابعا موجود في سوريا على غرار الأخير بإمكان المراجع القضائية في لبنان وعملاً بالاتفاق القضائي الموقع بين لبنان وسوريا الطلب من دمشق تسليمه لها لمحاكمته هو الآخر.

وأثار السفير السعودي علي عواض عسيري موقف حزب الله المنتقد والمتحفظ للمحكمة الدولية بعد ان كان اعلن موافقته على إنشائها وجرى تثبيت ذلك في هيئة الحوار الوطني وفي البيان الوزاري.

وشرح عز الدين بأن قوى المعارضة مجتمعة وافقت في العام 2006 على مبدأ إنشاء المحكمة وكانت بصدد مناقشة الآلية المعتمدة لها مع فريق الأكثرية عندما اغتيل النائب جبران تويني وسارع الرئيس فؤاد السنيورة الى عقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء أقرت فيها المحكمة من دون مناقشة الأمر الذي أدى الى اعتكاف وزراء المعارضة (الشيعة) في البداية ثم الى خروجهم من الحكومة فيما بعد.

وأبدى السفير عسيري استياءه من لغة التحريض المذهبي والطائفي التي اعتمدت في الآونة الأخيرة محذراً من تداعياتها مشيراً الى انه عند حصول اي اضطراب في لبنان لا قدر الله فان أحدا لن يسلم منه.

وكرر السفير عسيري تأكيده على وقوف المملكة العربية السعودية الى جانب كل اللبنانيين وحرصها على وحدتهم الوطنية واصفاً الزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الأخيرة الى لبنان برفقة الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد بـ quot;التاريخيةquot; والتي جاءت ضمن جولة على عدد من الدول العربية في توقيت شعر الجميع بدقته وأهميته، معتبراً أن الجولة العربية التي قام بها العاهل السعودي شكلت حماية للبنان واستنهضت الدول الشقيقة للوقوف الى جانبه في وجه التهديدات الإسرائيلية التي يتعرض لها.

وأثمرت الزيارة أجواء ارتياح على المستوى اللبناني الداخلي ونظر اليها جميع الأطراف نظرة تفاؤلية.

أجواء اللقاء الذي جرى في السفارة السعودية وصفت بالودية والصريحة حيث نوه مسؤول العلاقات العربية في حزب الله بالانفتاح والتفهم اللذين لقيهما الوفد من السفير السعودي وقال الأخير لـ quot;إيلافquot; إن جل هم المملكة الحفاظ على وحدة لبنان وتكاتف ابنائه الذين عليهم تفويت الفرصة على اسرائيل للنيل من بلدهم وضرب استقراره وأمنه.

وذكرت معلومات صحافية أن السفير عسيري اكد لوفد حزب الله ان المحكمة الدولية شأن لبناني وعلى جميع الافرقاء اللبنانيين ان يدرسوا هذا الواقع المهم في حوار بناء من شأنه ان يوفر أهمية التعاون لمواجهة إفرازات اي قرار ظني قد يصدر عن المحكمة.