تصاعدت حدة الخلافات بين أكبر كتلتين نيابيتين عراقيتين حول تطبيق التزامات إتفق عليها القادة في أربيل ومهدت لتشكيل الحكومة الحالية حيث أبدت كتلة العراقية تخوفها من محاولات قالت إن التحالف الوطني يقوم بها لتعطيل تشكيل المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية فيما أكد التحالف التزامه بالاتفاق حيث ينتظر الخلاف اجتماعا قريبا لزعيمي الكتلتين المالكي وعلاوي في محاولة لحل هذه الإشكالية وتسمية شاغلي الحقائب الوزارية الاحد عشر الشاغرة لحد الان وفي مقدمتها الوزارات الامنية.
علاوي مستقبلا المالكي في مقره في بغداد |
أبدى مستشار كتلة العراقية هاني عاشور مخاوف من الالتفاف على اتفاقات القادة السياسيين خلال قمتهم في اربيل في الثامن من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي في إطار مبادرة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني والتي قال انها كانت بوابة تشكيل الحكومة الجديدة اواخر الشهر الماضي وخاصة ما يتعلق منها بتشكيل المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية المرشح لرئاسته زعيم القائمة أياد علاوي. واشار عاشور في تصريح مكتوب تسلمته quot;ايلافquot; الى ان تلك الاتفاقات بحاجة الان الى مراجعة جديدة بعد مضي 75 يوما من التوافق عليها لمعرفة ما تحقق منها وما تبقى لتسهيل وتسريع تحقيقه استكمالا لإنجاز مفهوم الشراكة الوطنية.
وأضاف عاشور أن تأخير إكمال تشكيل الحكومة وظهور إشكالات بين الكتل بشأن بنود الاتفاقات يستدعي الآن مراجعة الاتفاقات التي تضمنت حينها 15 بندا أجمع عليها زعماء الكتل السياسية في اربيل وكانت مفتاح تشكيل الحكومة وعقد جلسة البرلمان ومن ثم التصويت على الرئاسات الثلاث للجمهورية والحكومة ومجلس النواب.
كما أوضح عاشور أن جدول أعمال مؤتمر أربيل الذي عقد بدعوة من بارزاني لمناقشة الأزمة العراقية حينها تضمن15 بنداً كان أبرزها quot;الاتفاق على عقد جلسة البرلمان والالتزام بالدستور والتوافق وتشكيل المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية العليا والنظام الداخلي لمجلس الوزراء وقضية المساءلة والعدالة والمصالحة الوطنية والإصلاحات الضرورية والمسائل العالقة بين الإقليم والحكومة الاتحادية والضمانات المتبادلة والرئاسات الثلاث وبنود اخرى قد تم تنفيذ قسم منها فيما بقي القسم الآخر بانتظار التنفيذ في إشارة الى مجلس السياسات.
واشار عاشور الى أن مرور 75 يوما حتى الان على اتفاقات اربيل وما تلاها في بغداد ضمن الورقة الموقعة بين رئيس الوزراء نوري المالكي وزعيم الكتلة العراقية اياد علاوي ورئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني quot;تضطرنا اليوم الى إجراء مراجعة شاملة لمعرفة ما تم تنفيذه وما بقي من الاتفاقات بهدف حل المعضلات التي تواجه تنفيذها والتسريع بها لتحقيق مفهوم الشراكة الوطنية العادلة شكلا ومضموناquot; .. مشددا على ضرورة تشكيل بارزاني لجنة لمتابعة تنفيذ تلك الاتفاقات . واوضح عاشور أن بعض بنود الاتفاق سارت بشكل صحيح ولكن بنودا اخرى تحتاج الى المناقشة والتنفيذ . وقال إن من حق بارزاني بوصفه صاحب المبادرة الممهدة للاتفاقات التي شكلت الحكومة أن يدعو الى مراجعتها الان بعد مضي هذا الوقت بهدف quot;تعويض ما فات الشعب العراقي من انجازات كان لابد أن تتحقق وتسبب بتأخرها تشكيل الحكومة لاكثر من تسعة اشهر وبهدف التسريع بتحقيق الانجازات واكمال الحكومة وتشكيل المجلس الوطني للسياسات العليا والحفاظ على روح التوافق السياسي الذي يعزز الشراكة الوطنيةquot;.
إجتماع قريب بين علاوي والمالكي
ازاء ذلك فقد علمت quot;إيلافquot; ان علاوي والمالكي سيعقدان اجتماعا خلال الاسبوع الحالي لبحث تنفيذ اتفاقات اربيل وخاصة ما يتعلق منها بتشكيل مجلس السياسات اضافة الى حسم ملف الوزارات الشاغرة لحد الان في الحكومة الجديدة رغم مضي أكثر من شهر على تشكيلها.
من جهتها قالت الناطقة الرسمية باسم العراقية النائبة ميسون الدملوجي ردا على سؤال لـquot;إيلافquot; عما اذا كانت كتلتها تعتقد أن هناك محاولات للالتفاف على التفاهمات التي أدت الى انبثاق الحكومة الجديدة بمشاركة العراقية quot;نعم نحن نخشى من الالتفاف على اتفاق الشراكة الوطنية في أربيل فالاقصاء والتهميش ما زال مستمراً وهناك ثلاث حقائب وزارية من حق العراقية لم يعلن عن أسماء وزرائها ومن دون أي تبرير والأجهزة الأمنية غير الدستورية ما زالت تمارس عملها بمعزل عن الوزارات الأمنية، ولم يتم التصويت على هيئة جديدة للمساءلة والعدالة بينما تمارس هيئة اجتثاث البعث المنحلة عملها وكل الوزارات الأمنية يديرها رئيس الوزراء بالوكالة ولم يتم تعيين وزراء أمنيين ليقوموا بمهامها. واضافت quot;هناك مراسلات بين الدكتور أياد علاوي والسيد نوري المالكي بهذا الشأنquot;.
وحول تأخر الاتفاق على قانون مجلس السياسات الاستراتيجية أوضحت ان كتلتها تشعر بوجود محاولات لتسويف مسألة انبثاق المجلس موضحة ان الخلاف ما زال في بعض التفاصيل حوله. وقالت quot;نحن نريد لمجلس النواب أن يصوت على رئيس مجلس السياسات إضفاءً للشرعية بينما الطرف الاخر (في اشارة الى التحالف الوطني) يصر على أن لا يصوت عليه البرلمان وانما يقتصر الأمر على أعضاء المجلس نفسه فحسبquot;. واشارت الى أن مجلس السياسات وبحسب مبادرة بارزاني يجب ان يكون دستوريا وان تكون له صلاحيات واسعة لا تتعارض مع صلاحيات رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية . واوضحت ان اتفاق الكتل في اربيل على ان يكون المجلس السياسي دستوريا يتوجب التصويت عليه في البرلمان لكن التحالف الوطني لايريد ذلك .
لكن التحالف الوطني ردّ على ذلك اليوم مؤكدا أنه ما زال متمسكا باتفاق اربيل مع العراقية لكنه لا يسمح بإضافة اي فقرة على هذا الاتفاق . واكد القيادي في التحالف خالد الاسدي في تصريح صحافي انه لم يكن في الاتفاق بند ينص على ان يكون التصويت على رئيس مجلس السياسات الاستراتيجية داخل مجلس النواب quot;ولم يتم الاتفاق على هذا الامر مطلقاquot;. وقال quot;اننا اعلنا سابقا ان اي شيء لم يتم الاتفاق عليه هو امر قابل للنقاش وقابل للرفض من قبلنا فيما لو وجدنا ان لامصلحة في ذلك ولانعتقد بضرورة ان يكون هناك تصويت على رئيس مجلس السياسات داخل البرلمانquot;.
واشار الى ان المجلس يتكون اساسا من مؤسسات دستورية مصوت عليها في البرلمان تماما كما جرى مع رئيس الجمهورية ونوابه ورئيس الوزراء ونوابه ورئيس البرلمان ونوابه وهؤلاء كلهم يكونون هيكل وشكل مجلس السياسات وبالتالي يختار هذا المجلس رئيسا له من بين اعضائه.
خلاف حول طريقة إنتخاب رئيس مجلس السياسات
يأتي هذا التباين في المواقف بين العراقية والتحالف على خلفية خلاف بينهما حول انتخاب رئيس المجلس الوطني للسياسات الإستراتجية وفيما اذا يتم ذلك داخل المجلس او في البرلمان.
ولم يتم عرض مسودة قانون مجلس السياسات الذي سيتولى رئاسته علاوي في وقت كانت تؤكد فيه العراقية أن الاتفاق على المسودة يجب أن يتزامن مع منح الثقة للحكومة. وكان مجلس النواب منح في جلسته التي عقدت في الحادي والعشرين من الشهر الماضي الثقة لحكومة غير مكتملة يترأسها المالكي.
ويؤكد قياديون في العراقية ان العمل قد انتهى في إعداد مشروع قانون المجلس الوطني للسياسات العليا المتوقع أن يقدم إلى البرلمان قريبا للتصويت عليه قريبا لكن الخلافات التي طرأت حول آلية انتخاب رئيس المجلس ما زالت تعطل انبثاقه لحد الان .
وتنص المسودة على أن تكون قرارات المجلس ملزمة في حال اتخذت بالإجماع، أما في حالة عدم تحقق الإجماع في القضايا الإستراتيجية العليا تتخذ قرارات المجلس بأغلبية ثلثي أعضائه وتكون في هذه الحالة ملزمة للسلطات المعنية أيضا. كما نصت مسودة القانون على أن تتخذ قرارات المجلس في الأمور الاعتيادية الأخرى غير الأمور الإستراتيجية العليا بالأكثرية المطلقة لعدد أعضائه وفي حال تساوي الأصوات تكون الغلبة إلى الجانب الذي يكون فيه الرئيس، كما أعطت المسودة الحق للمجلس في متابعة حسن تنفيذ قراراته الملزمة.
وعرفت المسودة المجلس الوطني للسياسات العليا بأنه مجلس يعمل وفق الدستور ويتألف من رئيسه ورئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس إقليم كردستان العراق، وان يكون له استقلال مالي وإداري حيث يعرض المرشح لرئاسة المجلس الوطني للسياسات العليا على مجلس النواب لنيل ثقته بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه ويزاول عمله بعد تأدية اليمين الدستورية أمام مجلس النواب.
وتشير المسودة إلى أن عمل المجلس ورئيسه وأعضائه يستمر لدورة واحدة بتشكيل الحكومة للدورة التي تلي تأسيس المجلس، ويجوز لمجلس النواب الجديد تمديد عمل المجلس لدورة ثانية بموافقة الأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس النواب الجديد.
وبحسب المسودة تتمثل أهداف هذا المجلس في المساهمة بحل العقد التي تعترض العملية السياسية في العراق ووضع الخطوط العامة للسياسات العليا العامة للدولة وكافة السلطة وتقديم التوصيات والمقترحات بشأن التشريعات والقوانين وبشأن إصلاح النظام القضائي.
أما المجالات التي يعمل عليها المجلس فهي تسعة وتتضمن السهر على ضمان الالتزام بالدستور ورسم السياسة الخارجية العامة ووضع الإستراتيجية الأمنية والعسكرية، ووضع السياسات العامة الاقتصادية والمالية والنقدية وسياسات الطاقة والاستثمار وتطوير وإصلاح النظام القضائي وتحقيق المصالحة الوطنية إضافة إلى وضع استراتيجيات تنظيم الخدمات البيئة والصحية، وحقوق الإنسان، والثقافة، والتنمية البشرية، والتربية والتعليم.
التعليقات