لا يمر إعلان الفائز بجائزة نوبل (للسلام خاصة) بدون جدل بين مؤيدين ومعارضين، وهذا انطلاقا من موقف الجهة المعلّقة من نائلها. لكن نقد جائزة العام الحالي يمضي الى ما وراء ذلك وفقا لصحيفة بريطانية محترمة.
توكل كرمان |
لندن: يبدو أن لجنة نوبل للسلام فضلت سلوك أسهل الطرق الى تقديم الجائزة. فاختارت ثلاث شخصيات، ربما لأن هذا عدد يغطي رقعة جغرافية أوسع ويسهّل أيضا تحديد نصيب كل منها في الجائزة المالية وهي مبلغ 1.5 مليون دولار، تبعا لما تراه laquo;تايمزraquo; البريطانية. واختارت هذه الشخصيات من النساء في الأغلب لأن الحرب ظلت على مر التاريخ إنتاجا رجاليا.
وفي افريقيا نالتها امرأتان هما رئيسة ليبيريا، إيلين جونسون - سيرليف، ومواطنتها ليما غبووي، على جهودهما في وضع حد للحرب الأهلية الثانية في بلادهماواعتبارهما تالياً رمز السلام في laquo;قارة الحروبraquo;. ومنحت الجائزة أيضا للكاتبة والصحافية اليمنية ورئيسة laquo;صحافيات بلا قيودraquo;، توكل كرمان، بالنظر الى أن أحد أكبر الآمال المناطة بربيع العرب هو أن يأتي بالديمقراطية وحقوق الإنسان التي تجد أفضل تعبير لها في حقوق المرأة.
ولا شك في نبل الغرض وراء اختيار لجنة الجائزة النرويجية هؤلاء النسوة الثلاث. لكن المتأمل يجد وراء الغرض نفسه خليطا من عوامل أخرى ليست من الطينة نفسها بالضرورة. فاختيار ثلاث نساء بدلا من امرأة واحدة، أو منظمة واحدة، يتضح أن أعضاء اللجنة إما اخفقوا في الاتفاق أو اتفقوا على الاختلاف.
ايلين جونسون ndash; سيرليف |
ليما غبووي |
والواضح ايضا أن أعضاء اللجنة وقفوا محتارين إزاء ما إن كان إنجاز توكل كرمان على خلفية ربيع اليمن أكبر أو أصغر مما حققته اللببيريتان جونسون - سيرليف وغوبوي على خلفية الحرب الأهلية في بلادهما. لكن قرار الأعضاء توحيد القضيتين في واحدة تندرج تحت نضال المرأة العالمي من أجل حقوقها لا يتفق في مجمله مع الغرض المحدد للجائزة وهو مكافأة صاحب الجهد الأكبر في العالم من أجل السلام.
وفي حالة الرئيسة الليبيرية فقد ارتكبت اللجنة النرويجية خطأ فادحا بإشراكها في الجائزة. ومصدر المشكلة هنا يأتي من أن جونسون ndash; سيرليف تخوض الاسبوع الحالي انتخابات تسعى من ورائها الى فترة رئاسية جديدة. ومهما دفعت لجنة نوبل بنزاهتها وحيادها، فلن يكفي هذا لدحض مقولة إن الجائزة هي أكبر دعاية انتخابية يمكن لأي سياسي أن يحلم بها.
وعموما فإن جائزة 2011 تأتي امتدادا لما اكتسبته خلال السنوات الأخيرة، وهي أنها صارت مكافأة على الضلوع في عمليات السلام وليس إنجازه هو نفسه. وفي هذا الصدد فسيذكر الجميع منحها للرئيس باراك اوباما في2009 مكافأة له على laquo;نواياهraquo; إزاء السلام العالمي وليس على تحقيقه.
ولن يختلف اثنان الآن في أن لجنة نوبل تعطي الانطباع حاليا بأنها ربما فقدت بوصلتها، وأنها صارت تجد صعوبة جمة في اختيار الساسة الأحياء الذين نيستحقون ذلك الشزف الرفيع فعلا. وأخيرا، نصيحة صغيرة قد تعينها على تأدية المهمة: الجائزة يجب أن تكون مثل السلام نفسه: واضحة وغير مُجزّأة.
التعليقات