يبدو أنّ الشباب المغربي بدأ يحشد لفصل جديد من معركته ضدّ القيادات التاريخية للأحزاب، إذ يرفع الشباب اليوم quot;لاءاتquot; كثيرة في وجه شيوخ السياسة، وعلى رأسها لا للكوتا والمحاصصة حول تمثيليته في البرلمان المقبل، ولا للالتفاف على نضالات الشباب، ولا لإخراس صوته الذي بدا مدويّا مع انطلاق تحركات الربيع العربيّ.


الشباب المغربي سيتمثل في البرلمان المقبل بنسبة 30 بالمائة

الرباط: يتوقع أن تعرف المؤسسة البرلمانية في المغرب صراعًا من نوع خاص بين quot;شيوخquot; السياسية وشبابها، الذين يريدون أن تمنح لهم الفرصة لإثبات قدراتهم.

خرجت أولى شرارات هذا الصراع من فايسبوك، حيث طالبت حركة، تطلق على نفسها quot;الثورة السياسيةquot;، باستقالة المكاتب السياسية والتنفيذية للأحزاب، وهو ما يمكن اعتباره مؤشرًا على سعي الشباب إلى تعبيد الطرق أمام نخب جديدة حتى تقول كلمتها في المحطات السياسية المقبلة.

يأتي هذا بعد تخصيص القانون التنظيمي لمجلس النواب 30 مقعـدًا في البرلمان لفائدة الشباب، دون سنّ الـ35 سنة، وهو ما يعد مستجدًا قانونيًا مهمًا.

ويرى مراقبون أن الحضور الشبابي في هذه المؤسسة التشريعية، التي سينتخب أعضاؤها في 25 نوفمبر المقبل، جاء نتيجة quot;ضغوطاتquot; الربيع العربي، الذي هبّت نسماته على المغرب، وفرضت تغييرات لم تكن بالطريقة نفسها التي اعتمدت في بلدان عربية أخرى.

غير أن هذا المستجد، الذي فتح الباب في وجه ممثلين لشريحة تشكل 60% من النسيج المجتمعي، لم يرق quot;شباب الأحزابquot;، الذين اعتبروا أن تخصيص 30 مقعدًا quot;رشوةquot;، الغرض منها quot;إسكات الشبابquot;.

وقال مصطفى بابا، الكاتب الوطني لشبيبة العدالة والتنمية (المعارضة)، إن quot;حضور الشباب في الساحة السياسة مستقبلاً سيكون ضعيفًا جدًاquot;، معتبرًا أن quot;تخصيص 30 مقعدًا في البرلمان للشباب هو بمثابة الرشوةquot;.

وذكر مصطفى بابا، في تصريح لـquot;إيلافquot;، أن quot;هذا العدد لا يعكس الحجم الديموغرافي الحقيقي للشباب، ووجوده في الساحة، وقوته وحضوره، كما إنه quot;لا يعكس حتى الربيع الديمقراطي الذي نعيشه اليوم في عصر يتميز بثورة الشبابquot;.

وأشار الكاتب الوطني لشبيبة العدالة والتنمية إلى أن quot;إدخال 30 شابًا إلى البرلمان هو رشوة، الغرض منها إسكات صوت الشباب اليومquot;، مبرزًا أن quot;التمكين الحقيقي للشباب يجب أن يكون على حساب الشيوخ. فنحن لا نريد أن نفتح التلفاز مجددًا، ونجد الوجوه نفسها التي اعتدناهاquot;.

وأوضح مصطفى بابا أن هناك وجوهًا عمّرت في البرلمان لـ40 سنة، وما زالت تطمع في أن تترشح للمرة العشرين أو الثلاثينquot;، مضيفًا أنه quot;إذا كان هناك تمثيل للشباب فلا يجب أن يكون من خلال الكوتا التي أنا ضدها، وضد منطقهاquot;.

وأكد القيادي في شبيبة الإسلاميين على أنه quot;يجب على الشيوخ التخلي عن أماكنهم للشباب، الذين يجب أن ترشحهم الأحزاب في المحلياتquot;.

عبد القادر الكيحل، الكاتب العام لشبيبة حزب الاستقلال (قائد الائتلاف الحاكم)، كان له الموقف نفسه، إذ قال إن quot;آلية الحضور المبدئي للشباب غير كافية، ويجب أن تتعزز على المستوى المحليquot;، مبرزًا أن quot;هذه الشريحة يمكنها أن تعطي نكهة وصورة جديدة للعمل البرلمانيquot;.

وذكر عبد القادر الكيحل، في تصريح لـquot;إيلافquot;، أنه quot;لا يمكن أن نقطع في مرحلة دقيقة مع كل المخلفات الاجتماعية والسياسية لمراحل ماضية، ولكن نعتبر أن هذا مؤشر إيجابي، يمكنه أن يخلق نقاشًا وحضورًا لكفاءات شبابيةquot;.

على هذا الأساس، يوضح الكاتب العام لشبيبة الاستقلال، quot;قررنا، نحن الشبيبات، أن يكون هناك ميثاق أخلاقي لاختيار المرشحين على أساس الكفاءة الفكرية والنضاليةquot;، مشيرًا إلى أن الغرض من ذلك quot;هو أن تعطي هذه الشرارة الأولى من الشباب التي ستدخل البرلمان ثقة للناخب في هذا الجيلquot;.

لم تقتصر الانتقادات الموجهة لـ quot;الكوتاquot; على المتحزبين فقط، بل امتدت حتى إلى فعاليات شبابية بعيدة عن اللعبة السياسية.

فسعيد هبال، الفاعل الجمعوي والحقوقي، أكد أنه quot;عندما تجري المناداة على الديمقراطية في أي مجتمع، فلا يبقى مكان للكوتاquot;، مشددًا على أنه quot;يجب على الجميع أن ينزل إلى المعترك السياسيquot;.

وأضاف سعيد هبال، في تصريح لـquot;إيلافquot;، quot;المنهجية الديمقراطية تقتضي، سواء كانت المرأة أو الشباب أو غيره، أن يختار المعني بالأمر الحزب والبرنامج، وينزل عند المواطنين من أجل إقناعهمquot;.

وأوضح الناشط الجمعوي أن quot;الشعوب التي تحترم نفسها، وفيها المواطنون سواسية، ليس فيها كوتاquot;، مشيرًا إلى أنه quot;ربما يمكن أن نتحدث عن الكوتا في المغرب، لأن هناك خصوصيات، ولأن المملكة تجتاز مرحلة سياسية، وتدخل في أخرىquot;.

وقال سعيد هبال quot;ما نراهن عليه سياسيًا حاليًا، هو هل سنتمكن من إقناع المغاربة، سواء كانوا شبابًا أو كهولاً أو نساء، حتى يكونوا قاعدة ناخبة قوية، ويتوجهوا إلى صناديق الاقتراعquot;، مبرزًا أن quot;هذا هو جوهر الديمقراطيةquot;.

يشار إلى أنّ في المغرب 37 حزبًا ستتنافس في الانتخابات التي ستجري يوم 25 تشرين الثاني/نوفمبر، على مقاعد البرلمان الـ325.

وفي الانتخابات الأخيرة في 2007، دخل البرلمان ممثلون عن 21 من هذه الأحزاب.