لم يُبد معارضون سوريون تحدّثوا لـ(إيلاف) إرتياحًا لموقف الجامعة العربية الأخير تجاه الأزمة السورية، ولا تجاه موقف المجلس الوطني الذي تم تشكيله حديثًا. واعتبروا أنّ بيان الوزراء العرب الأخير يمثل هدية ثمينة للنظام السوري من جهة، وإحراجًا للمعارضة بشقيها الداخلي والخارجي من جهة ثانية.
محتجّون مناهضون للرئيس السوري بشار الأسد يتظاهرون في الحولة قرب حمص يوم الجمعة الماضي |
دمشق: رأى معارض سوري أن هناك تناغمًا بين موقفي الجامعة العربية والمجلس الوطني المشكل حديثًا في إسطنبول حول سوريا، معتبرًا أن quot;هناك غيابًا للعملية الديمقراطية في المجلس الوطني السوريquot;، وأنه لا غضاضة أن تنشأ تحالفات جديدة في مكونات المعارضة السورية، تمثل الرأي الآخر لدعم الثورة السورية.
ورفض الشيخ خالد الخلف، أحد شيوخ قبيلة البكّارة، في تصريح خاص لـquot;ايلافquot; موقف الجامعة العربية من سوريا، وقال quot;نحن كقبائل سوريا نرفض مبادرة الجامعه العربية جملة وتفصيلاquot;.
واستهجن ما وصفه quot;بالتصرف الأرعن من وزراء الخارجية العربquot;، معتبرًا quot;أنهم بفعلتهم هذه يحاولون تلميع صورة النظام، وهم بذلك يعطونه الفرصة تلو الأخرى لقتل أكبر عدد من أطفال سوريا ورجالها ونسائها وانتهاك أعراض الحرائر وتدمير المساجد والمقدساتquot;.
وأكد أنهquot; لا للحوار مع نظام بشار مهما كلف الثمن، وليعلم المتناسون أن ثورتنا تقودإما إلى الشهادة أو إلى تحرير سوريا من هذه العصابةquot;.
من جانبه اعتبر المعارض السوري عبد اللطيف المنيّر في تصريح خاص لـquot;ايلافquot; أنه لا غرابة من موقف وبيان الجامعة العربية، حيث سبقها موقف مشابه لرئيسها الدكتور نبيل العربي إبان زيارته لسوريا ولقائه بشار الأسد.
وأكد أن quot;بيان الجامعة العربية يطابق كلام وتصريح رئيس المجلس الوطني السوري الذي أدلى به على قناة روسيا اليومquot;.
وقال quot;الجامعة العربية قدمت، ومن خلال بيانها هدية ثمينة للنظام السوري من جهة، وأحرجت المعارضة السورية بشقيها الداخلي والخارجي، وعلى رأسها المجلس الوطني السوري، الذي تم تشكيلهأخيرًا في إسطنبول، وأوقعته في فخ لاءاته، ووضعته أمام خيارات صعبة، ومنها: هل سيشجب المجلس العتيد بيان الجامعة العربية، وخاصة إنه حتى الآن لم يصدر أي موقف منه؟، أم سيجلس تحت قبة الجامعة لحوار النظام، وكيف سينتهي الحوار؟ هل بتشكيل وزارة تضم أطياف من المعارضة؟ أم هل المطلوب من بيان الجامعة العربية والمجلس الوطني العمل معاً على إجهاض الثورة السورية وتبديد شعاراتها؟quot;.
ولكنه أشار الى أنه quot;من خلال بيان الجامعة العربية الذي يتوازى مع الإقتراح الروسي الصيني لمجلس الأمن، وهو حوار المعارضة مع النظام السوري، وبالتالي يأخذنا التطابق الآخر على أن هناك طرفي صراع يجب الحوار بينهما، وبعد وقف القتالquot;، متسائلاً quot;هل هذه أهداف الثورة، وشعاراتها ومطالبها الواضحة، وهي إسقاط النظام، وبالتالي الحوار على ماذا؟quot;.
واعتبر المنيّر أنه quot;من السخف أن نعتقد أن النظام سيجلس مع المعارضة، وتحت قبة الجامعة العربية، ليضع برنامجَ زمنيًا ليتخلى عن السلطةطوعاً وتسليمها إلى الثورة أو إلى المعارضة، أو كليهما معاًquot;.
ورأى أنه quot;ثمة أسئلة آخرى يجب على المجلس الإجابة عنها فورًا، وهي بدت من باب التناقض بين البيان التأسيسي للمجلس وبين تصريحات الكتلة الأكبر تمثيلاً فيه وهم جماعة الإخوان المسلمين. حيث لميشر البيان إلى مبدأ فصل الدين عن الدولة، بينما جماعة الإخوان، وعلى لسان مرشدها السابق المحامي علي صدر الدين البيانوني، يصرّ على عدم فصل الدين عن الدولة، كما يصّر السيد البيانوني على أن يكون الإسلام مصدرًا أساسيًا للتشريع، وهذا ما جعل الغرب يكبح عن مساعدة الثورة، حيث اتجهت للأسلمة، وعلى أساس ذلك، طالبت فرنسا أخيراً المعارضة على وضع خارطة طريق واضحة المعالمquot;.
وأضاف: quot;إن هذه المجالس ترسم مستقبل سوريا على مقاساتهم، بينما الثورة يجب أن ترسم المستقبل على مقاس سوريا الجامعة، وليس تحت أجندات الإخوان، ومن جلس معهمquot;، وبيّن المنيّر قائلا quot;لقد نوهنا، ومع شركائنا المخلصين، وكثيرون معنا مما يؤيدون ويدعمون فصل الدين عن الدولة، لنهوض بسوريا نحو الحداثة والتطور، كما أكدنا على أن يكون الإسلام مصدرًا من مصادر التشريع، وليس أساسياً، بهكذا نكون ضَمِنا حقوق الآخرين من الأقليات وبقية النسيج السوري من الأديان الآخرىquot;.
واعتبر انه من المطلوب ايضًا ايضاحات عدةquot;يجب أن يدلي بها المجلس الوطني السوري لبعض التعابير التي يرددها دومًا كطلب الحماية الدولية للمدنيين، حيث إن هذه المطالب الفضفاضة، إن لم تحدد معانيها وكيفية وآلية تطبيقها، تجعلنا في ريبة من أهدافها إن كانت تستهدف حماية النظامأيضاً!quot;.
وقال المنيّر quot;أسئلة كثيرة يراد لها ايجابات، لتفسير هذه التناقضات، التي تنتاب الجو المتوتر على المجلس الوطني السوري، ننتظر أجوبة دقيقة من هذا المجلس والقائمين عليهquot;.
وشدد على وجوب العمل الصحي والسليم في السياسة، وقال quot;حيث اننا ننادي بتطبيق الديمقراطية، فليست هناك غضاضة من وجود تحالفات آخرى تمثل الرأي الآخر، ويكون التنافس بينها على الأداء الصحيح، نخلص منه الوقوف مع الثورة، ويكون السباق والتنافس بين التحالفات على الأداء الأصح، وللحيلولةدون اغتصاب الثورة فيما لو كان تياراً أحادي الجانبquot;.
لكنه لفت الى أنه quot;بعد صدور أسماء الهيئة العامة للمجلس الوطني السوري، كما سميت بـ 29 مقعداً، وفيها كثير من الشواغر، هو دليل على غياب العملية الديمقراطية، وأنه تمت هيكلة الهيئة على أساس التعيين، وليس على أساس انتخابي، وهنا نعود إلى الأسلوب الذي يتبعه النظام الحاكم حاليًا بقبضته المجرمةquot;.
واختتم بالقول quot;تسليم الثورة زمام العمل لمعارضة فشلت في الماضي ووضع البيض في سلة واحدة، لهو خطر على الثورة، لأن التجارب في الإعتماد على التحالف الواحد بدأ من عهد عبد الناصر إلى حزب البعث الحاكم، إلى جبهة الخلاص (التحالف الإخواني الخدامي) مرورًا بإعلان دمشق، بأنهم هم الكمال، وهم الأفضل، وليس غيرهم القادر على حمل أعباء العمل المعارض، لنكتشف بعدها حجم التضليل وضياع للوقت الذي اصابنا، يجعلنا الآن بأمس الحاجة كي نحتكم للغة العقل، وليس للغة الشمولية والعاطفة أو حتى الإنتماء الأعمىquot;.
التعليقات