بعد مقتل الزعيم الليبي السابق بدأت الروايات حول quot;جرائمهquot; تتضح، حيث يروي أحد سجناء سجن أبو سليم تفاصيل نجاته من مجزرة في زمن معمرالقذافي.

سجن أبو سليم

روى جمعة الشلماني، المواطن الليبي الذي نجا من مجزرة سجن أبو سليم الجماعية التي وقعت عام 1996 في زمن الزعيم المخلوع معمّر القذافي، في أول حديث له بعد أن أفرج عنه عام 2006 إلى مجلة شبيغل الألمانية أحداث حياته في ذلك السجن السيء الصيت: quot;اخيرا استطيع ان أحكي قصتي بعد 15 عاما من الصمت المؤلم، خوفا من نظام القذافي. كنتُ واحدا من 14 سجينا نجونا من المجزرة التي قُتل فيها على وجه الدقة 1206 من رفاقي السجناء في اواخر حزيران/ يونيو 1996، حيث أطلق جلاوزة القذافي النار علي وأحالوني معوقا. حُفرت تلك الأحداث عميقا في ذاكرتيquot;.

ويضيف quot;حُرمنا من الأكل بالكامل تقريبا لمدة ثلاثة ايام. وكان الحراس يهينوننا كل يوم. كانوا لا يسمحون لنا بالنوم، ويضربوننا، يبصقون ويتبولون علينا. وفي ذلك الخميس،27 حزيران/ يونيو 1996، غامر احد الحراس بدخول عنبرنا منفردا. انفجر غضب السجناء وانقض عليه ستة رجال، بالكاد أفلحتُ في منعهم من قتله. سحبوه وحبسوه في زنزانة مظلمة كانت تعط برائحة البراز والعفن الكريهة. بعدها قامت فرق التفتيش بتمشيط الزنازين ولكنها لم تتمكن من العثور عليه. ثم تعرض ستة سجناء الى التعذيب حتى الموت ورميت جثثهم في الرواق. وحصلت اعتداءات أخرى يوم الجمعة، ووقع مزيد من القتلى. أمضيتُ اليوم كله تقريبا في زنزانتي، وحتى ذلك الوقت لم يتمكن الحراس من العثور على زميلهم، فبات اضحا عندي انهم سينتقمون انتقاما رهيبا. تضرعتُ الى الله طالبا الرحمةquot;.

quot;يوم السبت انطلق مكبّر الصوت للمرة الأولى في الساعة السادسة صباحا يأمرنا بالخروج لغرض التعداد. عثروا على الحارس ميتا. وصرخ بنا حراس مسلّحون ان نخرج الى الباحة. ركلني احدهم على اعضائي التناسلية فوقعت متكورا من الألمquot;.

quot;سرتُ متعثر الخطى، مشوشا عبر الممرات ثم خرجت الى الباحة. انفجرت قنبلة يدوية على بعد أقل من 15 مترا أمامي وعلى يميني. كان الدم في كل مكان، وفكرتُ للحظة ان هذه ثورة السجن التي كنا ننتظرها. لاحظت وجود أكثر من 100 مسلح يقفون على سور السجن ويرمون القنابل اليدوية. صاحوا quot;يا الله! اقتلوا الكلابquot; وفتحوا النار على السجناء المحتشدينquot;.

quot;وطغت موسيقى صاخبة من المارشات العسكرية على هذا الجحيم. أُصِبتُ بطلقة في كعب قدمي. وفيما كنتُ استجمع آخر ما تبقى عندي من قوة للزحف داخل الرواق، كانت المجزرة مستمرة. أُغمي علي، وحين استعدت وعيي كنتُ ممدا على نقالة. دفعني احد الحراس داخل سيارة اسعاف، طالباً مني التظاهر بالموت. وكانت غالبية سيارات الاسعاف لا تنقل إلا الموتى في ذلك اليومquot;.

وفي نهاية حديثه قال الشلماني أنّه التقى في المستشفى 13 ناجيا، وأقسموا جميعاً ألا يقولوا شيئا عن الجريمة الجماعية، وإلا سيقتلون عائلاتهم.