مقتل العقيد معمر القذافي بأيدي الثوار هو الحدث المشحون بالقدر الأكبر من الدراما حتى الآن، لكنه لن يكون الأخير الذي سيأتي به ربيع العرب.. فإلى أين المسار وكيف؟ لا أحد يعلم الإجابة، لكن لا أحد ينكر أن الأمر لم ينته فصولا بعد.


من التالي بعد هؤلاء؟

لندن: رحل القذافي مرة وإلى الأبد. وبينما وجد العديد من الناس الأسلوب العلني والدموي الذي لقي به حتفه عسير الهضم فعلا، فيجب أن يقاس هذا الأمر بنوع المعاملة التي تلقاها الآلاف من ضحايا نظامه عبر أكثر من أربعة عقود، تبعا لـlaquo;تايمزraquo; البريطانية. وتقول هذه الصحيفة إن دموية هذه العدالة لا تمنع كونها laquo;عدالةraquo; في نهاية المطاف.

ومن المفارقات أن نظام القذافي، عندما كسب الغرب بتخليه عن برنامجه لأسلحة الدمار الشامل وعاد بالتالي إلى الحظيرة الدولية، إنما فعل هذا فقط بعدما رأى ما حدث لصدام حسين وقرر تفادي المصير نفسه.

وربما أنقذه هذا الموقف لوقت ما، لكنه لم يفلح مع شعبه الذي استلهم ثورته من laquo;ربيع العربraquo; المطالب بالتغيير. وما لا شك فيه هو أن العالم صار أفضل حالا في غيابه ومن قبله صدام وأسامة بن لادن.

أيضا فإن ما لا شك فيه هو أن مقتل القذافي لن يضمن طريقا ممهدا نحو الديمقراطية والحرية في ليبيا. على أن رئيس المكتب التنفيذي للمجلس الوطني الانتقالي (رئيس الوزراء)، محمود جبريل، وعد بانتخابات في يونيو / حزيران المقبل من أجل صياغة الدستور وتشكيل الحكومة الجديدة. وفي غضون هذا، فإن مهمة هذا المجلس هي ضمان الوحدة الوطنية في بلاد من دون تجربة ديمقراطية على مرّ تاريخها السياسي الحديث.

وما يساعد ليبيا في هذا المقام هو تمتعها بثروة نفطية هائلة وأصول تزيد قيمتها عن 65 مليار دولار.

ولا شك في أن العالم يتطلع إلى ترميم جسور التجارة معها وأن بوسع بريطانيا وفرنسا على الأقل توقع نصيب من تلك الروابط بفضل دورهما في تحريك قوات حلف شمال الأطلسي لمساندة الثوار في انتفاضتهم على نظام القذافي.

والغالب أن مقتل القذافي هو الحدث المشحون بالقدر الأكبر من الدراما حتى الآن، لكنه لن يكون الأخير ndash; كحدث مهم - في خضم ربيع العرب هذا.

فعلينا ألا ننسى أن التونسيين اقترعوا الأحد في أول انتخابات حرة وذلك بعد تسعة أشهر على ثورتهم التي بدأت الأمر برمته وألا ننسى أيضا التغييرات التي شهدتها، وتشهدها، مصر.

وعن هذه الأخيرة فمن الصحيح أن موجة الفرح، التي طغت مع رحيل حسني مبارك ومحاكمته مع بعض رموز نظامه، شابها شيء من خيبة الأمل. لكن الصحيح أيضا أن البلاد ستشهد انتخاباتها الديمقراطية الأولى الشهر المقبل.

وهذا كله يجب أن يكون البداية وليس النهاية. ففي ما حدث للقذافي وما شهدته تونس الأحد وستشهده مصر الشهر المقبل من نقلة نحو الديمقراطية رسالة واضحة الفحوى والمحتوى إلى بقية الزعماء العرب، على شاكلة بشار الأسد في سوريا وعلي عبد الله صالح في اليمن.

وقد ظل هؤلاء الزعماء يسارعون إلى التصدي للمطالبين بالإصلاح والتغيير بيد من حديد.

وربما كان هذا شيئا طبيعيا لأنه ردة الفعل الغريزية لدى الطغاة.

لكنهم ينسون أن بهذا يختارون أن يقاتلوا قوى أكبر كثيرا من أن تحتويها أجهزتهم الأمنية التقليدية التي ضمنت لهم بقاءهم كل هذا الزمن.

السؤال الآن هو: إلى أي مدى يمكن لربيع العرب هذا أن يمضي؟
والإجابة هي: لا أحد يدري بالضبط. لكن الواضح هو أن التعطش للتحرر والحرية في منطقة الشرق الأوسط أكبر من أن يُهمل أو يزاح جانبا. وما لا شك فيه هو أن الغرب حائر إذا ما يمكن أن يحدث في الدول العربية النفطية.

لكن لا شيء من هذا عندما يتعلق الأمر بإيران. والمؤكد هو أنه في حال ثورة شبابها وإطاحتهم برئيسها المتطرف أحمدي نجاد ومن خلفه نظام الملالي، فإن الفرح سيعم العالم العربي أجمع ومعه كل أمة محبة للسلام في الدنيا.