فيما تعد أول تجربة إنتخابية لهم بعد الثورة، يجري الصحافيون المصريون انتخاباتهم غداً، لاختيار النقيب و12 عضواً لمجلس إدارة النقابة. وتأتي الإنتخابات بعد أسبوع من تعثرها، حيث كانت مقررة في 14 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري. وألغت المحكمة الإدارية العليا الحكم القضائي الذي أدّى إلى إيقافها.


تكتسب انتخابات نقابة الصحافيين في مصر طابعاً خاصاً هذه المرة، حيث تجرى في ظل غياب الرئيس السابق حسني مبارك الذي كان يتابعها شخصياً، ويتدخل فيها بكلّ ثقله لصالح مرشح quot;الحكومةquot; على منصب النقيب، الذي عادة ما يكون من الصحافيين المقربين منه شخصياً.

وظلّ الحزب الوطني المنحل أو النظام السابق يسيطر على النقابة ممثلاً في شخص النقيب لعشرات السنين، حيث تداول منصب النقيب بين كل من إبراهيم نافع ومكرم محمد أحمد، المعروفين بقربهما من الرئيس السابق، باستثناء أربعة أعوام قضاها جلال عارف نقيباً للصحافيين، وهو من الوجوه المعارضة ما بين عامي 2003 و2007. وكان مكرم محمد هو آخر نقيب، وأجبر على تقديم إستقالته في أعقاب نجاح ثورة 25 يناير في إسقاط مبارك.

الإنتخابات غداً

ويفتح باب التسجيل في الجمعية العمومية غداً، بدءًا من الساعة العاشرة صباحاً وحتى الثانية عشرة ظهرًا، وإذا لم تكتمل الجمعية العمومية بتوقيع نصف الأعضاء البالغ عددهم 2950 عضوًا تقريبًا فسيتم مدّ الجمعية ساعة فساعة حتى الثانية ظهرًا، فإذا اكتملت الجمعية ستنتقل إلى جدول أعمالها لانتخاب النقيب وأعضاء المجلس الاثني عشر.

وفي حال عدم الإكتمال، تؤجل الإنتخابات لمدة أسبوعين، ويتحقق النصاب في هذه الحالة بتوقيع ربع الأعضاء. و إذا لم تسفر انتخابات النقيب عن عدم حصول أي مرشح على الأغلبية المطلقة للأصوات الصحيحة أعيد الانتخاب بين المرشحين الحاصلين على أكثر الأصوات.

منافسة بين الإخوان والناصريين

ويتنافس خمسة مرشحين على منصب النقيب هم: يحيي قلاش السكرتير العام الأسبق للنقابة، والمعروف بتوجهاته الناصرية العروبية، ممدوح الولي، عضو سابق في مجلس النقابة، والمنتمي إلى جماعة الإخوان، السيد محمد ابراهيم الاسكندراني، محمد مغربي، ومؤنس زهيري، والأخير أعلن تنازله عن الترشيح لصالح قلاش، ولكن بعد انقضاء المدة القانونية المخصصة للتنازلات. إلا أن المنافسة تنحصر بشراسة ما بين يحيي قلاش وممدوح الولي، أي بين التيار الناصري والتيار الإخواني.

فيما يتنافس 104 مرشحين على 12 مقعداً هي إجمالي مقاعد مجلس الإدارة، ويخوض المنافسة 6 أعضاء من مجلس الإدارة السابق، هم: جمال عبد الرحيم، حاتم زكريا، محمد عبد القدوس، جمال فهمي، عبير سعدي، هاني عمارة.

وتسيطر المؤسسات الصحافية المملوكة للدولة على أغلبية الترشحات، وبالتالي تسيطر على مجلس الإدارة، نظراً لامتلاكها كتلا تصويتية كبيرة، تفوق نصف أعضاء الجمعية العمومية. وتأتي مؤسسة الأهرام في المركز الأول في الترشيحات للمجلس بـ 24 مرشحاً، وتأتي جريدة الجمهورية في الترتيب التالي بـ 14 مرشحا، ثم جريدة أخبار اليوم وجريدة العربي لسان حال الحزب العربي الناصري في الترتيب الثالث بـ 6 مرشحين، ثم جريدة الأحرار بواقع 5 مرشحين. وتخوض المنافسة 11 عنصرا من الصحافيات، وثلاثة مرشحين مسيحيين.

وبعيداً عن المنافسة بين المؤسسات الصحافية، فإن المنافسة شديدة بين التيارات السياسية، حيث تنحصر المنافسة على منصب النقيب للمرة الأولى في تاريخ النقابة بين جماعة الإخوان المسلمين، ممثلة في شخص ممدوح الولي، والتيار الناصري أو الليبرالي ممثلاً في شخص يحيى قلاش، فيما يغيب أعضاء الحزب الوطني المنحل عن المنافسة تماماً، ويتنافس عدد من المنتمين للإخوان واليسار والناصرية على مقاعد البرلمان، وسوف تلعب الهوية السياسية دوراً بارزاً في حسم مقعد النقيب.

حرية الرأي والتعبير

وتركزت البرامج على إصلاح أحوال المهنة، وتحسين الأجور، وإصدار قانون يتيح حرية تداول المعلومات، وإلغاء بنود قانون العقوبات التي تبيح الحبس للصحافيين في قضايا النشر وحرية الرأي والتعبير، وقال عبد المؤمن قدر المرشح لعضوية مجلس الإدارة إن الإنتخابات تكتسب أهمية خاصة هذه المرة، مشيراً إلى أنها أول إنتخابات للصحافيين بعد الثورة.

وقال لـquot;إيلافquot; إن هذه الإنتخابات تخلو من تدخل الحكومة فيها، حيث كان النظام في السابق يدعم مرشحه على منصب النقيب بالمال، والمنح للصحافيين، وإستطاع السيطرة على النقابة لثلاثة عقود. وأضاف قدر أن الصحافيين مطالبون غداً بتقديم نموذج راقٍ للتجربة الديمقراطية بعد الثورة، داعياً الجميع إلى الحضور بكثافة، وإختيار من يمثلهم بعيداً عن الإنتماءات للمؤسسات الصحافية أو الإنتماءات السياسية أو الحزبية.

أزمات كثيرة

ووفقاً لعمرو غريب الصحافي في جريدة المال فإن هناك أزمات كثيرة تحيط بحرية الرأي والتعبير في مصر بعد الثورة، ويقع على عاتق مجلس إدارة نقابة الصحافيين مهمة ثقيلة، وقال غريب لـ quot;إيلافquot; quot; الصحافيون مطالبون بأن يحسنوا الإختيار وألا يتأثروا بالإنتماءات السياسية، حتى يكون هناك مجلس إدارة قوي ومتجانس يستطيع قيادة النقابة في تلك المرحلة الدقيقة، ويعمل على تعديل قانون النقابة ويحافظ على مكتسبات الثورة وأهمها حرية الرأي والتعبير، وإصدار قانون تداول المعلوماتquot;.