لندن: حفلت الصحف الإسرائيلية الصادرة يوم الأحد بإشارات وتلميحات مختلفة الصياغات والأشكال حول الانفجار الغامض الذي وقع في قاعدة صاروخية إيرانية يحميها الحرس الثوري الإيراني.

وعددت صحيفة معاريف على سبيل المثال ما لا يقل عن ستة هجمات واعمال تخريب سابقة استهدفت المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية. ولا يمكن إلا الخروج باستنتاج واحد من هذه التلميحات والاشارات هو ان إسرائيل كانت وراء الانفجار الضخم الذي وقع يوم السبت في القاعدة الصاروخية على اطراف طهران. وهو استنتاج أكد صحته مصدر استخباراتي غربي قال إن جهاز الموساد هو المسؤول.

ونقلت مجلة تايم عن المصدر قوله quot;لا تصدقوا الإيرانيين بأن الانفجار كان حادثاquot; واضاف ان التخطيط يجري لمزيد من اعمال التخريب لتعطيل قدرة إيران على تطوير سلاح نووي وايصاله الى هدفه. واكد ما معناه ان لدى إسرائيل عمليات عديدة قيد الإعداد.

وتسبب الانفجار أو سلسلة من الانفجارات بعد ما تحدثت التقارير عن انفجار أول اعقبه انفجار اكبر بكثير، في تدمير قاعدة صاروخية غربي طهران. وكانت القاعدة تضم صواريخ من طراز quot;شهابquot; القادرة على ضرب اهداف في إسرائيل.

ويأتي الانفجار بعد تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي قالت فيه ان إيران اجرت تجارب على تفكيك رأس حربي تقليدي من صاروخ شهاب 3 والاستعاضة عنه برأس حربي يمكن ان يحوي سلاحا نوويا. وتقول إيران ان الانفجار كان حادثا وقع حين كانت قواتها تقوم بنقل أعتدة من المستودع الى موقع آخر.

وقُتل في الانفجار 17 شخصا على الأقل بينهم اللواء حسن مقدم الذي قالت وسائل الاعلام الرسمية الإيرانية انه من رواد صناعة الصواريخ الإيرانية وقائد الحرس الثوري المسؤول عن تأمين quot;الاكتفاء الذاتيquot; من السلاح. وهي مهمة بالغة الصعوبة إزاء العقوبات الدولية المفروضة على إيران.

وإذ جاء الانفجار على اعقاب تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي استعرض في صفحة تلو الأخرى أدلة على تقدم إيران نحو انتاج سلاح نووي فانه كان من الطبيعي ان يزيد المخاوف التي اثارها تهديد إسرائيل بتوجيه ضربة الى منشآت إيران النووية. وكانت نصف التقارير على موقع صحيفة طهران تايمز يوم الأحد تشير الى احتمال توجيه مثل هذه الضربة محذرة من تداعياتها الخطيرة.

ولكن مراقبين لاحظوا ان الانفجار يقدم سببا وجيها وربما حجة اقوى ضد توجيه ضربة مباشرة. وهم يرون انه إذا تمكنت إسرائيل، ربما بالتنسيق مع واشنطن وحلفاء آخرين، من مواصلة هذه العمليات السرية والحاق اضرار بالمجهود النووي الإيراني من خلالها فان الحاجة ستتناقص الى عمليات مكشوفة مثل الضربات الجوية. وان فيروس ستاكسنت، على سبيل المثال، اشاع الفوضى في عمل أجهزة الطرد الإيرانية طيلة اشهر معطلا عملية تخصيب اليورانيوم ذات الأهمية البالغة لبرنامج إيران النووي.

وقدمت الصحفة الإسرائيلية الصادرة الأحد سردا لما سمته صحيفة يديعوت احرونوت quot;مصائب إيران الغامضةquot;. وتبدأ القائمة من انفجار تشرين الثاني/نوفمبر عام 2007 في قاعدة صاروخية جنوبي طهران مرورا بانفجار تشرين الأول/اكتوبر 2010 في منشأة لصواريخ شهاب جنوب غربي إيران الى اغتيال ثلاثة علماء إيرانيين يعملون في البرنامج النووي، اثنان العام الماضي والثالث في تموز/يوليو هذا العام.

وتعزز قائمة هذه الحوادث على اقل تقدير صورة جهاز الموساد بوصفه اشد اجهزة الاستخبارات الخارجية فاعلية وكفاءة في العالم. وايا تكن حقيقة هذه العمليات ومسؤولية الموساد عنها فان ترسيخ القناعة القائلة بأن إسرائيل من خلال الموساد تعرف كل شيء وتستطيع ان تصل الى اخطر المنشآت الاستراتيجية، يتسم بأهمية بالغة لدولة تقوم عقيدتها العسكرية كلها على مبدأ الردع. ولكن هذا لا يعني ان إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تعمل استخباراتها الخارجية في إيران. فان تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الجديد استند الى معلومات مصادرها 10 حكومات، تضمنت تفاصيل عن المجهود النووي الإيراني.

وكانت مصادر أمنية غربية اشارت الى ان اجهزة الاستخبارات الاميركية واجهزة غربية أخرى تعاونت مع إسرائيل لتنفيذ عمليات سرية داخل إيران. وتستعين هذه الأجهزة بعناصر داخل إيران للوصول الى الهدف أو استثمار ما لديها من خبرة. واحيانا يجري الايحاء للعملاء الإيرانيين الذين لديهم تحفظات على التعاطي مع إسرائيل بأنهم يعملون لحساب حكومة أخرى تماما، بحسب مجلة تايم.

وكان انفجار يوم السبت كبيرا حتى ان اشخاصا من سكان طهران على بعد نحو 40 كلم شعروا به. وقال شخص مقيم لديه خبرة قتالية انه ظن ان الانفجار كان ناجما عن قنبلة جوية وليس من مستودع ذخيرة على الأرض وانه متأكد من مقتل كل من كان قريبا منه بسبب نوعية الانفجار مستبعدا ان يتحدث الحرس الثوري بصدق عن طبيعة الحادث.