مفاعل نطنز النووي الإيراني |
رصدت إسرائيل شخصية إيرانية تُدعى محسن بحر زادة، واعتبرته مهندساً لبرامج إيران النووية، مشيرة الى انها شخصية تحيطها طهران بحراسة بالغة نظراً لأهميتها، ورأى خبراء في حديث خاص لـ quot;إيلافquot; ان رصد إسرائيل يأتي في إطار استهدافها شخصيات إيرانية، تمهيداً لعمل مسلح ضد الدولة الفارسية.
تعكف الاجهزة الامنية في إسرائيل على إعادة قراءة التقرير الاخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي انصبّ في مضمونه العام حول البرنامج النووي الإيراني، وفي هذا السياق بحسب تقرير موسع نشرته صحيفة يديعوت احرونوت، ركزت تل ابيب على شخصية إيرانية جديدة واردة في التقرير، نسبت اليها إسرائيل مسؤولية تطوير البرنامج النووي الإيراني، وتحويله من مجرد طاقة سلمية الى ترسانة نووية للاغراض العسكرية، بحسب وصف الصحيفة العبرية.
الشخصية الإيرانية التي يدور الحديث عنها في إسرائيل تدعى quot;محسن بحر زادةquot;، إذ ينعتها التقرير العبري بـ (الكود السري) لتطوير البرنامج النووي الإيراني، والعمل عن كثب على انتاج قنبلة نووية إيرانية من خلال توفير كافة الآليات اللازمة للمشروع، ووفقاً لما اقتبسته يديعوت احرونوت عن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية: quot;من المحتمل ان يكون بحر زادة هو الشخصية الإيرانية التي تواصل عملها خلف الكواليس لتطوير البرنامج النووي لبلاده.
ضلوع في المجال النووي والصواريخ الباليستية
وتُعرّف يديعوت احرونوت بحر زادة بأنه ضابط مخضرم في الحرس الثوري الإيراني، وهو الشخصية الإيرانية التي أشير الى اسمها صراحة في تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الاخير، ووفقاً لما نقلته الصحيفة العبرية عن quot;ديفيد اولبرايتquot; الخبير الاميركي في عمليات إخلاء الاسلحة النووية: quot;ظهر اسم بحر زادة في احد تقارير الامم المتحدة الصادر عام 2007، ونُسب اليه الضلوع في المجال النووي والصواريخ الباليستية الإيرانية، كما تطرق اليه - ولكن بصورة مقتضبة - تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الصادر عام 2008quot;.
واوضح الخبير الاميركي في سياق حديثه مع يديعوت احرونوت ان وسائل الاعلام الإيرانية لم تتحدث عن بحر زادة تقريباً، إذ اعتبرته طهران شخصية سرية، الا ان وكالة الانباء الإيرانية (مهر) تحدثت عنه منذ اربع سنوات واعتبرته عندئذ عالماً في وزارة الدفاع الإيرانية، ورئيساً لمركز الابحاث الفيزيائية سابقاً، بينما اعتبرته وسائل اعلام إيرانية أخرى استاذاً جامعياً.
على الرغم من ذلك يعترف عدد من الخبراء الدوليين بأن بحر زادة من الشخصيات الإيرانية الهلامية، التي لا يعرف عنها الإيرانيون انفسهم الكثير، الا ان معهد quot;اولبرايتquot; الاميركي يعتبر بحر زادة مهندساً خفياً للبرنامج النووي الإيراني، فضلاً عن مسؤوليته السابقة عن العديد من المشروعات الخاصة بالابحاث وتطوير الاسلحة، واستند المعهد الاميركي في معلوماته إلى مصدر إيراني رفض الكشف عن هويته بحسب صحيفة يديعوت احرونوت العبرية.
اما quot;جورج تيلمانquot; احد الخبراء البارزين في (الجمعية الاميركية المعنية بالرقابة على الاسلحة)، فأكد انه لم ير في حياته صورة لـ quot;محسن بحر زادةquot;، الا انه اكد في حديث للصحيفة العبرية: quot;ليس ثمة شك في ان بحر زادة لايزال فاعلاً في تطوير البرنامج النووي الإيراني، إذ انه كان في الماضي عنصراً حيوياً في تكوين النواة الاولى للبرنامج النووي الإيراني للاغراض العسكرية الذي توقف موقتاً حتى عام 2003، واعتقد انه لا يزال يلعب الدور نفسه ولم يغب عن تلك الساحةquot;.
فشل الوكالة في العثور على بحر زادة
واضاف الخبير الاميركي ان من اهم الاسباب التي تُضفي على شخصية بحر زادة اهمية بالغة، بحث الوكالة الدولية للطاقة الذرية عنه لسنوات طويلة في محاولة للاستماع الى افادته ولكنها فشلت في العثور عليه، واوضح الخبير الاميركي تيلمان ان احد الخبراء الاوروبيين حاول الكتابة عن بحر زادة، غير انه فشل في توفير المعلومات اللازمة عنه، واعترف تيلمان بأن شخصية بحر زادة تفتقر الى رسم ملامحها المعلوماتية، مؤكداً انه عينه حاول التعرف إليه من خلال الكثير من الوثائق الا انه فشل في الوصول الى هدفه، وارجع الخبير الاميركي ذلك الى تعزيز الحراسة حول بحر زادة خاصة في اعقاب اغتيال عدد ليس بالقليل من علماء الذرة الإيرانيين، إذ هرولت إيران بتحميل مسؤولية الاغتيال لأجهزة الاستخبارات الاميركية ونظيرتها الإسرائيلية.
ووفقاً لما اقتبسته يديعوت احرونوت عن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعلاقته بمحسن بحر زادة، أبرز تقرير الوكالة الاخير معلومات تفيد بامتلاك إيران لبرنامج نووي للاغراض غير السلمية، الا ان هذا البرنامج توقف موقتاً عام 2003، عندما خضعت الدولة الفارسية لضغوط المجتمع الدولي، على الرغم من ذلك استعادت طهران نشاطها النووي السابق وترأس بحر زادة مشروع AMAD، وأجرى في إطاره عدداً من الابحاث ذات الصلة باليورانيوم، والمواد الناسفة وتطوير رؤوس الصواريخ الحربية.
في هذا السياق استصرخت ايلاف عدداً من الخبراء للتعليق على المعلومات العبرية، وما ينطوي عليها من تركيز آلة الاعلام العبرية على شخصية محسن بحر زادة، وفي حديثه الخاص لـ quot;إيلافquot; اكد الخبير طارق فهمي استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة: quot;ان تركيز تل ابيب على الشخصية الإيرانية الواردة في تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يُعطي انطباعاً بتلويح الاجهزة الامنية الإسرائيلية بالرغبة في اغتيالها على غرار عدد كبير من العلماء الإيرانيين، الذين سبق واغتالتهم إسرائيل وفقاً لتقديرات غربية موثقةquot;.
استهلال لعمل عسكري وشيك
وألمح الدكتور فهمي الى اغتيال أحمد بن محسن رضائي احد قادة الحرس الثوري الإيراني السابقين في مدينة دبي الاماراتية، مشيراً الى ان اسلوب اغتياله لا يختلف كثيراً عن طريقة اغتيال القيادي الحمساوي محمود المبحوح في المدينة عينها، ولعل ذلك بحسب الخبير طارق فهمي يعكس اعتماد الموساد على قائمة جديدة يستهدف فيها عددا من الشخصيات الإيرانية، إذ اكدت الادلة في السابق وقوف المؤسسة الاستخباراتية الإسرائيلية وراء اغتيال المبحوح، ونفت إسرائيل في حينه كالعادة الاتهامات المنسوبة اليها، يضاف الى ذلك استهداف احدى القواعد العسكرية في إيران واغتيال احد القادة العسكريين الإيرانيين بها، الامر الذي يعكس بدء إسرائيل في خوض عمليات استخباراتية ممنهجة ضد اهداف إيرانية، وربما تستهل إسرائيل بذلك عملاً عسكرياً وشيكاً ضد الدولة الفارسية.
اما الخبير الامني احمد عز الدين فيرى في حديث خاص لـ quot;إيلافquot; ان إسرائيل مهّدت منذ فترة ليست بالقصيرة لخوض هجوم مسلح ضد إيران، وربما حديثها الحالي عن بحر زادة وغيره من الخبراء الإيرانيين، يعكس خطوات اعلامية استباقية لتجييش الرأي العام العالمي ضد إيران، ويمنح إسرائيل مبرراً كافياً لشن هجوم مسلح على منشآتها النووية، خاصة ان ذلك يتزامن مع صدور تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الخاص بإيران، الذي ربما يعطي إسرائيل الضوء الاخضر لتنفيذ عمليتها العسكرية، التي جرى الحديث عنها كثيراً خلال السنوات الماضية.
على الرغم من ذلك لا يستبعد الخبير الامني احمد عز الدين ان يكون حديث إسرائيل عن بحر زادة واعتزامها استهدافه، كما استهدفت اجهزتها الامنية شخصيات إيرانية غيره، مؤشراً يعكس مدى تضارب الاراء ووجهات النظر الإسرائيلية حول تبني الخيار العسكري مع الدولة الفارسية في الوقت الراهن، إذ ترى المؤسسة الاستخباراتية في إسرائيل خاصة الموساد، ان التعامل عسكريا مع إيران في الوقت الراهن يحمل تبعات كارثية، لن تقتصر على إسرائيل فقط وانما ستطول منطقة الشرق الاوسط بأثرها، في ظل مرور المنطقة بحالة من الغليان، وليس من المستبعد ان يقود العمل الإسرائيلي المسلح ضد إيران الى إشعال جبهات عديدة في المنطقة تبدو خاملة، ومن هنا يمكن ان تعول إسرائيل على عملياتها الاستخباراتية ضد اهداف إيرانية، تفادياً لمواجهة عسكرية مباشرة معها.
التعليقات