أتقن سيلفيو برلسكوني فن البقاء حتى صار رئيس الوزراء الأطول عهدًا في تاريخ ايطاليا الحديث. وقد صمد في وجه مختلف العواصف التي هبت عليه، سواء أكانت اتهامات بالفساد أم الفضائح الجنسية بما فيها حتى الجنائية. ومع أن الظروف الاقتصادية غير العادية تولت المهمة أخيرًا، فيبدو أنها لم تكتب فصله الأخير بعد.


سيلفيو برلسكوني

الأنباء التي تناقلتها الصحافة الإيطالية والأوروبية عن أن سيلفيو برلسكوني يخطط للعودة الى ساحة ايطاليا السياسية أتت وحبر تنحيه عن رئاسة الوزراء لم يجف على الورق بعد.

هذه الأنباء تمثلت في أن برلسكوني، الذي أتقن فن البقاء السياسي في بلاد تغير حكوماتها كما يغير المرء قميصه، دعا حزبه laquo;شعب الحريةraquo; (وريث حزبه القديم laquo;إلى الأمام إيطالياraquo;) لمؤتمر خاص أوائل الربيع المقبل. والهدف من هذا - كما قيل - هو إطاحة حكومة التكنوقراط الجديدة (بقيادة المفوض السابق في الاتحاد الأوروبي ماريو مونتي) مع إكمالها يومها المائة في الحكم. وفي هذا الصدد فلنذكر أن حزب laquo;شعب الحريةraquo; يتمتع بالأغلبية في مجلس البرلمان الأعلى (الشيوخ).

ورغم سلسلة طويلة من الاتهامات والمحاكمات الجنائية المتعلقة بالفساد والجنس وممارسته مع فتاة قاصر، يعتزم برلسكوني ( 75 عاما) تنظيم مسيرات وتجمعات سياسية بطول البلاد وعرضها الشهر المقبل، تسبق مؤتمر حزبه، وشعارها laquo;مسيرة الحريةraquo;. وسيتم هذا في ما يعتبره المراقبون بداية حملته الانتخابية للعودة الى الحكم.

ونقلت laquo;تايمزraquo; البريطانية قوله للصحافيين الإيطاليين: laquo;أعلم أنكم تريدون لي التقاعد وكتابة مذكراتي. يؤسفني أنني لن أحقق رغبتكم هذهraquo;. ومع ذلك فالمعتقد أنه لن يسعى للعودة الى منصب رئيس الوزراء نفسه، لكنه سيصبح laquo;محرّك الدمىraquo; ومهندس تحركاته في كل صغيرة وكبيرة. ويشير أصحاب هذا الرأي الى قوله أمام أنصاره بعيد تنحيه إنه سيتولى إدارة حملة الحزب الانتخابية قائلا: laquo;سأعود الى إدارة الأعمال.. واعني إدارة أعمال الحزبraquo;.

وما يعزز هذا الأمر هو أن برلسكوني تحدث في أحايين عدة عن نفسه باعتباره laquo;أبا الحزبraquo; بما يعني ضمنا - على الأقل بالنسبة له - أنه laquo;أبو الأمةraquo; أيضا. وكل هذا يضيف المزيد الى أن هذا الرجل، الذي بدأ مشواره السياسي الحافل قبل 17 عاما، هو بالفعل كاتب أحد أكثر الفصول السياسية في التاريخ الإيطالي الحديث بفضل تفرّد شخصيته وجمعه بين القيادة والفكاهة والصبيانية وقوة الشكيمة في وجه أسباب الفناء السياسي. وعليه فليس من السهل، أو الصواب، القول إن اسمه سيختفي من عناوين الأخيار الرئيسية حول العالم.. ولزمن قد يطول الى مماته.

صمد حتى في وجه اتهامه بممارسة الجنس مع القاصر كريمة المحروق

والواقع أن برلسكوني، العصامي، عاش حياة يحسده عليها معظم بقية البشر. وهو لم يدخل الحظيرة السياسية طمعا في مال أو نفوذ. فهو مؤسس - وأكبر مساهمي - شركة laquo;فينينفيستraquo; (ثاني أكبر الشركات الإيطالية بعد laquo;فياتraquo; للسيارات). وتتعامل هذه الشركة أيضا في وسائل الإعلام والشؤون المالية والتأمين، وتملك ثلاث محطات للتلفزيون، أي نصف عدد المحطات في البلاد، وإحدى أكبر الصحف الإيطالية laquo;إل جيورناليraquo;، إضافة الى مجلة laquo;بانوراماraquo; السياسية.

وعام 1986 اشترى برلسكوني نادي كرة القدم المشهور laquo;ايه سي ميلانraquo;، الذي نال تحت رئاسته عددا كبيرًا من البطولات المحلية والدولية وساعده على الفوز برئاسة الوزراء في ما بعد. ويذكر هنا أن اسم حزبه السياسي الأصلي laquo;فورزا ايتالياraquo; (الى الأمام إيطاليا) هو نفسه شعار مشجعي فريق كرة القدم الإيطالي في المباريات الدولية.

وتبعا لمجلة laquo;فوربسraquo; فإن برلسكوني هو أغنى أغنياء ايطاليا وبلغت ثروته 11 مليار دولار عام 2006، وهو ما كان يضعه وقتها في المرتبة الأولى بين ساسة العالم قاطبة والسابعة والثلاثين في قائمة أثرى أثريائه.